الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العاري من القرينة، فلا يكون متناولا له، وإنما هو بحيث يصح أن يتناوله.
وإذا عرفت معنى التخصيص، فلا يخفى عليك أن معنى قولنا: عام مخصوص على رأينا، هو أنه مستعمل في بعض ما وضع له، وعلى رأي الواقفية والقائلين بالاشتراك: هو أنه أريد منه بعض ما يصلح له دون بعض، فيكون المخصص للعام حقيقة إنما هو إرادة المتلفظ، لأنها المؤثرة في استعماله في بعض ما يتناوله، "أو بعض ما يصح أن يتناوله" على اختلاف المذهبين.
ويقال: على سبيل التجوز على الدليل الذي يعرف ذلك، وعلى الشخص الذي يقيم ذلك الدليل، وعلى الشخص الذي يعتقد التخصيص، أو يقول به سواء كان محقا فيه أو مبطلا.
المسألة الثانية
في الفرق بين التخصيص والنسخ
قال الإمام رحمه الله تعالى: "لا معنى للنسخ إلا تخصيص الحكم
بزمان معين بطريق خاص، فيكون الفرق بينهما فرق ما بين العام والخاص.
وفيه نظر: إذ لا يصح هذا الفرق بحسب اللغة، لأن معنى النسخ في اللغة هو الإبطال، أو النقل، والتحويل، على اختلاف فيه.
وهو غير متضمن لمعنى التخصيص الذي هو الإفراد، ولا بحسب الاصطلاح وسيظهر لك ذلك مما نذكره من الفرق بينهما وهو من وجوه:
أحدها: أن التخصيص مخصوص بالأعيان، والنسخ مخصوص بالأزمان، بدليل أنهما المتبادران إلى اأإفهام عند إطلاقهما.
وثانيها: أن النسخ يرد على كل حكم ثبت بأي طريق كان، والتخصيص لا يتطرق إلا إلى ما ثبت بالألفاظ أو ما يؤول إليه:
وثالثها: أن النسخ يتطرق إلى كل حكم سواء كان ثابتا في [حق شخص واحد] أو في حق أشخاص كثيرة، والتخصيص لا يتطرق إلى النوع الأول.
ورابعها: أنهم يعدون النسخ إبطالا، ولهذا يشترطون فيه ما لا يشترطون في التخصيص، بخلاف التخصيص، فإنهم يعدونه بيانا. ولهذا يتساهلون في إثباته وإن كان يرفع مقتضى اللفظ.
وخامسها: أنه يجوز تأخير النسخ عن وقت العمل بالمنسوخ، بل يجب ذلك على رأي/ (231/أ)، وأما التخصيص فإنه لا يجوز تأخيره عن وقت العمل بالمخصص وفاقا.
وسادسها: أنه يجوز نسخ شريعة بشريعة أخرى، ولا يجوز تخصيص شريعة بشريعة أخرى، وهو من تفاريع الفرق الخامس.
وسابعها: أن النسخ رفع الحكم بعد ثبوته، والتخصيص ليس كذلك، وهذا على رأي القاضي، وأما على رأي الأستاذ أبي إسحاق- رحمه لله تعالى- فإنه ينبغي أن يقال: هو انتهاء حكم كان ثابتا، والتخصيص ليس كذلك.
وثامنها: أن الناسخ يجب أن يكون متراخيا، والمخصص [لا يجب فيه ذلك، بل يجوز أن يكون مقارنا، ويجوز أن يكون متقدما.
وتاسعها: أن التخصيص] يقع بالإجماع، والنسخ لا يقع به.
وعاشرها: أن تخصيص المقطوع يقع بالظنون كخبر الواحد والقياس، ونسخه لا يقع به.
وحادي عاشرها: أنه يجوز تخصيص الخبر ولا يجوز نسخه، وهذا على رأي أكثر المتقدمين.
وثاني عشرها: الناسخ يجب أن يكون طريقا شرعيا، والمخصص لا يجب أن يكون كذلك، فإنه يجوز التخصيص بالعقل والحس.