الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يلزم إلا التجوز في الصورة الأخرى.
سلمنا: سلامته عن هذا المعارض، لكن المجاز قد يصار إليه عند قيام الدلالة عليه.
المسألة الخامسة
[في تعدد الاستثناءات]
الاستثناءات إذا تعددت، فلا يخلوا إما أن يكون البعض معطوفا على البعض أو لا يكون.
فإن كان الأول: فإما أن يكون مجموعها ناقصا عن المستثنى منه، أو لا يكون كذلك.
فإن كان الأول: عاد الكل إلى المستثنى منه، وهو كقولك: لفلان على عشرة إلا اثنين وإلا ثلاثة وإلا أربعة، وهو ظاهر غني عن البيان.
وإن لم يكن مجموعها ناقصا عنه، سواء كان مساويا، أو أزيد بعضها أو مجموعها، فإن حصلت المساواة بالاستثناء الأول: فلا كلام في فساده، ووجوب المستثنى منه كاملا، وإن حصلت بالأول
وبالثاني: مثلا، فلا يخلو: إما أن يكون الثاني مساويا للاستثناء الأول، أو أنقص منه.
فإن كان الأول: فقد تعذر رجوعه "مع" الأول إلى المستثنى منه، وبقدر رجوعه أيضا إلى الثاني "بيان" "لعلتين": العطف، والمساواة، فيفسد لا محالة.
وهل يفسد معه الأول: حتى لا يسقط من المستثنى منه شيء، لأن العطف يجعل الاستثناءات المتعددة كاستثناء واحد، أم يخص الثاني بالإفساد لأن الفساد نشأ منه؟.
فيه احتمالان: لكن الظاهر إنما هو الثاني.
وإن كان الاستثناء الثاني أنقص من الاستثناء الأول، فالظاهر أن هاهنا يقع التعارض بين واو العطف وبين ما يقتضي حمل كلام العاقل البالغ على الصحة، لأن بتقدير أن يعود الاستثناءان إلى المستثنى منه يفسدان، وبتقدير أن يعود الأول إلى المستثنى منه، ويعود الثاني إلى الأول يصحان، لكن تبطل دلالة الواو على العطف، إذا لا عطف على هذا التقدير، هذا كله إذا كان البعض معطوفا على البعض.
أما إذا لم يكن البعض معطوفا على البعض، فالاستثناء الثاني لا يخلو إما أن يكون مساويا للاستثناء الأول أو أزيد، أو أنقص، وعلى كل واحد من
هذه التقادير الثلاثة، لا يخلو أيضا: إما أن يكون مساويا لما بقي من المستثنى منه بعد الاستثناء الأول، أو أزيد، أو أنقص، فهذه أقسام تسعة، تحصل من ضرب الثلاثة في الثلاثة، تبين أمثلتها وأحكامها.
فأولها: كقولك: لفلان على عشرة إلى خمسة إلا خمسة، فهاهنا يفسد الاستثناء الثاني لا محالة، لتعذر رجوعه إلى الاستثناء الأول، وإلى المستثنى منه، ويجب من المستثنى من ما بقى بعد الاستثناء الأول.
وثانيها: كقولك: لفلان على تسعة إلا خمسة إلا خمسة وحكم هذا القسم في فساد الاستثناء الثاني، ووجوب ما بقى من المستثنى منه بعد الاستثناء الأول كحكم الأول.
وثالثها: كقولك: لفلان على عشرة إلا أربعة إلا أربعة، فهاهنا يرجع الاستثناء الثاني إلى المستثنى منه كالاستثناء حملا لكلام البالغ العاقل على الصحة، لأن بتقدير أن يرجع إلى الاستثناء الأول يلغو.
ورابعها: كقولك: لفلان على عشرة إلى أربعة إلا ستة، فهاهنا يفسد الاستثناء الثاني أيضا لما سبق.
وخامسها: كقولك: لفلاه على عشرة إلا أربعة إلا سبعة، وحكمه
ما سبق.
وسادسها: كقولك: لفلان على عشرة إلا أربعة إلا خمسة، فهاهنا أيضا يعود الاستثناء الثاني إلى المستثنى منه لما سبق".
وسابعها: "كقولك": لفلان على عشرة إلا ستة إلا أربعة فهاهنا يعود الاستثناء الثاني إلى الاستثناء الأول، ولا يعود إلى المستثنى منه لما سبق.
وثامنا: كقولك: لفلان على عشرة "إلا ستة إلا خمسة، وحكم هذا كحكم السابع.
وتاسعها: كقولك: لفلان على عشرة" إلا خمسة إلا أربعة، فهاهنا يصلح أن يعود الاستثناء الثاني إلى الأول، وإلى المستثنى منه أيضا.
فلا يخلو إما أن يقال: إنه يعود إليهما، وإلا إلى واحد منهما، أو إلى المستثنى منه فقط، أو إلى الاستثناء الأول فقط، والأقسام الثلاثة الأول باطلة فيتعين الرابع.
أما الأول فلوجهين:
أحدهما: أن المستثنى منه إذا كان منفيا مثلا بالاستثناء الأول يكون إثباتا قطعا لما سبق، فالاستثناء لو عاد إليهما جميعا لزم أن يكون نفيا وإثباتا معا وهو محال.
فإن قلت: النفي والإثبات إنما يستحيل اجتماعهما في شيء واحد باعتبار
واحد، أما باعتبارين مختلفين فلا نسلم استحالة اجتماعهما، ولو كان في شيء واحد.
وقلت: ذلك إنما يعتبر فيما يجوز أن يختلف باختلاف/ (248/ أ) الاعتبارات، "كالأمور النسبية أما وجود الشيء وثبوته في نفسه فذلك لا يختلف باختلاف الاعتبارات"، إذ لا يجوز أن يقال: الشيء موجود في نفسه بالنسبة إلى هذا ومعدوم بالنسبة إلى هذا.
وثانيهما: أنه [لو] عاد إليهما النفي من المستثنى منه عين ما أثبته من الاستثناء الأول، ضرورة أنه نفي، فيكون الاستثناء عنه ثبوتا فينجبر النقصان بالزيادة ويبقى ما كان حاصلا قبل الاستثناء فيلغو الاستثناء، ويضان كلام البالغ العاقل عنه.
وأما الثاني: فبهذا وبالإجماع.
وأما الثالث: فلأن القرينة يوجب الرجحان، فإن لم يوجب ذلك فلا أقل من المساواة.