الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حلف أن لا يأمر الأتباع، وتلك القرينة هي أن ركوب المقدم وحده للثارة، وشن الغارة، غير كاف في تحصيل المقصود والأمر يجب حمله على ما يحصل المقصود، وكذا القول في الأخبار، إذ من المعلوم أن الأمير وحده لم يفعل ذلك "بل" بأتباعه.
واحتجوا: أيضا بأن الصحابة كانوا يعتقدون دخولهم تحت الخطاب المختص به عليه السلام إذا ورد في قاعدة ليس "له" فيها خصائص فكان ذلك إجماعا.
وجوابه: منع ذلك ولو سلم، لكنه للقرينة بدليل أنهم لم يعتقدوا ذلك إذ ورد في قاعدة له [فيها] خصائص كالنكاح ولو كان ذلك مستفادا من الخطاب لما كان كذلك كالخطاب الوارد بلفظ يشملهما، فإنه لا تختلف دلالته بحسب اختلاف القواعد.
المسألة العاشرة
[الخطاب المتناول للرسول والأمة]
الخطاب المتناول للرسول والأمة كقوله [تعالى]: {يا أيها الناس}
{يا أيها الذين آمنوا} و {يا عبادي} يشملهما عند الأكثرين.
وذهب شذوذ من الناس إلى: أنه مختص بالأمة "لم" يدخل تحته النبي عليه السلام.
ومنهم: من فصل كالصيرفي من أصحابنا بين ما يكون مصدرا بأمر الرسول بالتبليغ كقوله: {قل يا أيها الناس} ، وبين ما لا يكون كذلك كما سبق فقال بعموم: الثاني دون الأول.
احتجوا بوجهين:
أحدهما/ (222/أ): أنه عليه السلام يشاركنا في كثير من الأحكام الثابتة بالخطاب المتناول له ولنا، نحو وجوب الصلاة، ووجوب شرائطها، ونحو وجوب الزكاة والصيام والحج وأمثالها، فلو لم يكن ثبوت تلك الأحكام في حقه عليه السلام بتلك الخطابات لكانت أدلة تلك الأحكام غيرها، لكن الأصل عدمها فهي إذا هي.
وثانيهما: أن لفظ "الناس" يتناوله عليه السلام كتناوله لغيره، بل أولى إذ هو سيد الناس ومنصب نبوته لا يمنع من دخوله تحته، بدليل أنه لو صرح به لم يلزم منه محذور ومن مخالفة الدليل وغيرها، ولو كان مانعا للزم ذلك، وحينئذ يجب دخوله تحته عملا بمقتضى العموم.
ومنهم من تمسك بوجه أخر وهو أنه: أنه عليه السلام كان إذا أمر أصحابه بشيء ولم يفعله فإنهم كانوا يسألونه، ويقولون: ما بالك لم تفعل، كما روى عنه عليه السلام:"أنه أمر أصحابه بفسخ الحج إلى العمرة، ولم يفسخ هو فقالوا: أتأمرنا بالفسخ ولم تفسخ، ولم ينكر عليهم ذلك، بل اعتذر وقال: إني قلدت الهدى" ولو لم يكن قد تقرر عندهم دخوله
فيما أمرهم به لما سألوه عن ذلك.
ولقائل: أن يقول عليه: لعل ذلك لعلة التسوية في الحكم دون عموم الخطاب، وهذا لأنا لا نعلم أن ذلك الأمر كان صادرا بلفظ عام بحيث كان يتناوله أيضا: وليس في الحديث ما يشعر به، بل الظاهر أنه كان بحيث لا يتناوله، لأنه كان خطاب مشافهة معهم، والآمر غير داخل في مثل هذا الأمر وتعليلهم بقولهم: إنك أمرتنا، أو تأمرنا، مع عدم تعرضهم لعموم الأمر، يشعر بذلك إشعارا ظاهرا.
احتج الأقلون بوجوه:
أحدها: أن له عليه السلام خصائص في الأحكام، فليخص بكل ما يعني به.
وجوابه: أنه لماذا يلزم من الأول الثاني، فإن كان ذلك بطريق القياس فأين الجامع؟ وإن كان بغيره فبينه.
سلمناه: لكنه منقوض بما أن لبعض أصناف الناس، كالمريض والمسافر والمرأة والحائض خصائص، مع اندراجهم تحت عموم الخطاب.
سلمنا: سلامته عن النقض، لكن نقول: خصائصه أقل بالنسبة إلى ما يشاركنا فيه والحمل على الأكثر أولى.
وثانيها: أن منصبه يقتضي إفراده بالذكر، لما فيه من التعظيم الزائد على ذكره مع غيره في خطاب واحد.
وجوابه: منعه، سلمناه: لكن هذه الدلالة الضعيفة لا تعارض/ (222/ب) دلالة عموم اللفظ.
وثالثها: أنه لو كان داخلا تحت تلك الخطابات، لكان مبلغا ومبلغا إليه وهو ممتنع.
وجوابه: أنه ممتنع "لكن" باعتبار واحد، أما باعتبارين فلا، والرسول عليه السلام: مبلغ إليه باعتبار إبلاغ جبريل عليه السلام إليه، ومبلغ باعتبار إبلاغه إلى الأمة فلا منافاة بينهما.