الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة التاسعة
في أن تخصيص الكتاب والسنة هل يجوز بفعل الرسول أم لا
؟
وتحقيق القول في ذلك، أن يقال: إن ذلك العام الذي صدر فعله عليه السلام مخالفا له، إما أن يكون متناولا له وللأمة، أو للأمة فقط.
فإن كان الأول: كما إذا فرض أنه قال: حرم الله تعالى كشف الفخذ، أو الوصال على كل مكلف، ثم روى أنه كشف فخذه بحضور أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وروي أنه واصل.
فلا شك أن فعله مخصص له عن عموم ذلك الخطاب.
ثم إن دل دليل على أن كل من سواه من المكلفين مساو له في ذلك الحكم، إما على سبيل الخصوصية كالخبر الدال على وجوب التأسي به في الصلوات والحج، أو على سبيل العموم بالنسبة إلى ذلك الحكم وغيره
كآية التأسي، كان ذلك نسخا للحكم، فعلى هذا يعتبر في ذلك الدليل، وذلك الفعل ما يعتبر في الناسخ من التساوي في القوة، وكونه واردًا بعد وقت العمل بالعام، على رأي من يشترط ذلك، فإن الناسخ هو مجموعها في الحقيقة، إذ لولا واحد منهما لما ثبت النسخ، مع أن لكل واحد منهما مدخلا في النسخ، وكيف ينكر مدخليه الفعل في النسخ مع أنه هو المثبت بالذات كضد حكم ذلك العام.
والدليل الذي دل على شرعيته في حق الكل غير مثبت له بالذات، فإن حصل هذه الشرائط صير إليه إلا لم يقبل، فيكون الفعل مخصصا له عليه السلام فقط، وإن دل على أن بعض من سواه من المكلفين كذلك، كان ذلك تخصيصا في حقهم أيضا، وإن لم يوجد دليل على شيء من ذلك لم يجز التخصيص ولا النسخ به في حق غيره.
وإن كان الثاني: كما إذا فرض أنه قال: نهيتكم عن كشف الفخذ، أو عن الوصال، ثم روى عنه عليه السلام فعلهما، إذ المخاطب لا يدخل في مثل هذا الخطاب، ففعله في هذه الصورة لا يكون مخصصا له، لأنه لم يدخل تحت العام، فكيف يفعل تخصيصه عنه.
وهل يكون تخصيصا أو نسخا في حق الأمة؟
فعلى التفصيل السابق.
وعند هذا ظهر أنه لا معنى لإنكار من أنكر التخصيص، أو النسخ بالفعل
على الوجه المذكور.
أو توقف في ذلك. زعما منه أن المخصص بالحقيقة إنما هو ذلك الدليل الذي دل/ (267/ ب) على مساواة الأمة للنبي عليه السلام في ذلك الفعل وغيره نحو قوله تعالى: {واتبعوه} ، وهو أعم من ذلك العام، ضرورة أنه إنما يدل على نوع من أنواع الحكم، نحو الإباحة، أو التحريم، أو غيرهما، في قسم من الأقسام نحو العبادات، أو المعاملات، بخلاف ذلك الدليل، فإنه يعم الكل فتخصيصه به تخصيص العام بما هو أعم منه، وأنه غير جائز، وهذا مع ضعفه [على] ما عرفت غير آت في النسخ، إذ نسخ العام بالعام أو بما هو أعم منه جائز، نعم لو قيل:[بالعمل] به لا على وجه النسخ، بل على وجه التعارض والترجيح يتأتى ذلك، إذ ليس ترجيح أحد العاملين على الآخر أولى من العكس، فيجب التوقف.