الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
في التخصيص بالشرط
وفيه مسائل:
المسألة الأولى
في تعريفه
قال الشيخ الغزالي- رحمه الله تعالى-: الشرط: هو الذي لا يوجد المشروط دونه، ولا يلزم أن يوجد عند وجوده.
واعترض عليه بوجهين:
أحدهما: أن معرفة المشروط متوقفة على معرفة الشرط، لكونه مشتقا منه، فلو عرفنا الشرط لزم الدور ضرورة إن معرفته حينئذ متوقفة عليه وهو ممتنع.
ويمكن أن يجاب عنه: أن المشروط مشتق من الشرط اللغوي، والمعرف هو الشرط الشرعي والعقلي، فلا دور.
وثانيهما: أنه غير مانع، لأنه يدخل فيه جزء العلة، إذ الحكم لا يوجد بدونه، ولا يلزم أن يوجد عند وجوده مع أنه ليس بشرط هو منقدح على المشهور، لكن لعل الشيخ الغزالي- رحمه الله تعالى- لا يسلم أنه ليس بشرط، وهو إن كان خلاف المشهور، لكن الخلاف فيه آيل إلى التسمية فله أن يمنع ذلك، فإن رمنا اندفاعه عنه زدنا في التعريف.
وقلنا: ولا يكون جزء/ (354/ ب) العلة، وحينئذ يكون التعريف جامعا مانعا.
وقال الإمام: الشرط هو الذي يقف عليه المؤثر في تأثيره لا في ذاته.
ثم قال: ولا يرد عليه العلة، لأنها نفس المؤثر، والشيء لا يقف على نفسه ولا جزء العلة، ولا شرط ذاتها، لأن العلة تقف عليه في ذاتها، فهذا هو الشرط الشرعي كا "الإحصان"، فإنه شرط اقتضاء الزنا للرجم.
واعترض عليه: بأنه غير جامع، لأن الحياة القديمة شرط في وجود علم الباري تعالى وشرط كونه تعالى عالما مع أنه لا تأثير ولا مؤثر.
وهو غير وارد عليه أصلا: لأنه ذكر تعريف الشرط الشرعي لتصريحه بذلك، ولاستثناءه شرط العلة ومعلوم أن شرطيته عقلية. وهذا التعريف أخص من الأول، لأنه لا يتناول الشرط العقلي، ولا شك أن مطلق الشرط منقسم: إلى شرعي وعقلي، فكان [ما] يتناولهما أولى.
وقيل: هو ما يلزم من نفيه نفي أمر ما على وجه لا يكون سببا لوجوده ولا داخلا في السبب.
وهو غير مانع، لأنه يدخل تحته المضافان، والمتلازمان، مع أن كل واحد منهما ليس شرطا للآخر، لأن الشرط متقدم بالرتبة على المشروط، والمضافان معا، ولأنه لا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط، ويلزم من وجود أحد المضافين وجود الآخر.
فإن أردت ما هو أولى مما سبق فقل: هو الذي لا يلزم وجوده وجود شيء آخر مع أنه يلزم من عدمه عدمه ولا يكون بسببه.