الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجواب. الكل هو ما تقدم من أن المخصص والناسخ إنما هو ذلك الدليل مع ذلك الفعل، وهما أخص من ذلك العام.
المسألة العاشرة
إذا فعل واحد بحضرة الرسول فعلا، يخالف مقتضى العموم، وهو عليه السلام غير ذاهل عنه ولم ينكر عليه، دل ذلك على أنه مخصوص من ذلك العام، إن كان ذلك قبل حضور وقت العمل به
.
لكنه ينفرد بذلك أو لا يتفرد به، وعند ذلك ماذا يكون حكمه، فعلى ما تذكره، ثم إن وجد في ذلك الشخص معنى مناسب لإحالة التخصص إليه، كان ذلك تخصيصا في حقه، وفي حق كل من يشاركه في ذلك المعنى على رأي من يجوز تخصيص العام بالقياس، لكن يشترط أن لا يستوعب ذلك المعنى جميع أفراد العام، فإنه إذ ذاك يتعذر الحمل على التخصيص، إذ لم يبق شيء من أفراده، بل يكون ذلك نسخا، إن جوز النسخ قبل حضور وقت العمل، وبالقياس والاقتصار إلى التعارض، أو يلغى المعنى المناسب ليقتصر
الحكم عليه، فيكون ذلك تخصيصا في حقه فقط.
وإن كان ذلك بعد حضور وقت العمل بالعام، فلا يمكن حمله على التخصيص، إذ البيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة وفاقا، فكان ذلك نسخا للحكم في حقه لا محالة.
وهل يكون نسخا في حق الباقين أم لا؟
فمن رأى عموم قوله عليه السلام: "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة" مع أنه عليه السلام لم يبين تخصيصه بذلك جعله نسخا في حق الباقين أيضا لأنه لو كان مختصا به لوجب عليه أن يبينه دفعا لمحذور التلبيس.
ومن لم ير تعميمه بناء على أن المفرد المضاف لا يعم، لا يجعله نسخا في حق الباقين، إذ التخصيص إنما يحتاج إليه إذا كان/ (268/ أ) ثمة ما يوجب التعميم، إما على سبيل القطع، أو على سبيل الظن، وهو غير حاصل فيما نحن فيه، فعدم بيان التخصيص لا يدل على تعميم الحكم، فلا يجعل ذلك نسخا في حق الكل.
وهذا فيه نظر، لأنا نمنع أنه إنما يحتاج إلى بيات التخصيص إذا كان ثمه ما يوجب التعميم على القطع أو الظن، وهذا لأنه يحتاج إليه حيث يوهم ذلك دفعا لإيهام الباطل، ولا يمكن إنكار قيام الإيهام فيما نحن فيه.
سلمنا أنه إنما يحتاج إليه عند قيام ما يقتضي غلبة الظن بذلك، لكن لا
نسلم أنه غير حاصل فيما نحن فيه، غاية ما في الباب أنه غير حاصل من الحديث، ولا يلزم منه أن لا يحصل أصلا لجواز أن يحصل من دليل آخر، وهو "غير" حاصل هنا.
وبيانه: أن الغالب في الأحكام المشروعة إنما هو التعميم لا التخصيص، وإلحاق الفرد بالأعم والأغلب أولى من إلحاقه بالنادر، فهذا يقتضي غلبة الظن بشرعية ذلك الحكم في حق الباقين، فيكون نسخا في حق الكل، ثم الدليل على ما ذكرنا أن فعله لو كان منكرا لما جاز للنبي عليه السلام السكوت.
أما أولا: فلما أن النهي عن المنكر واجب.
وأما ثانيا: فلأن سكوته يغلب على الظن جوازه.
وهب أنه لم يغلب جوازه، لكن لا أقل من أن يوهم جوازه، ودفع إيهام الباطل واجب حيث لا يدل على نفيه.
فإن قلت: فلو كان تقدم من النبي- عليه السلام إنكار ذلك الفعل على التعميم ينبغي أن لا يجب عليه- صلوات الله عليه والسلام- الإنكار، إذ الظن الغالب أو الإيهام بجوازه من مندفع بذلك الإنكار السابق، فلعله- عليه السلام اكتفى بذلك ولم يجدد الإنكار، فعلى هذا ينبغي أن ينعطف هذا ضدا في المسألة، بأن يقال: مع [عدم] الإنكار عليه سابقا.
قلت: لو كفى ذلك فيه لكفى العام نفسه، فإن مقتضى العموم إذا كان الوجوب على سبيل التعميم كان متضمنا للإنكار على فعل ضده قطعا فليكتف به، ثم السبب في عدم اشتراط ذلك هو أنه كما يحتمل تخصيصه عن مقتضى