الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة التاسعة
[الخطاب المختص بالنبي لا تدخل تحته الأمة]
الخطاب المختص بالنبي صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى: [{يا أيها النبي}]{يا أيها الرسول} لا يدخل تحته الأمة عندنا: إلا إذا دل دليل على دخولهم تحته، فحينئذ ثبت الحكم فيحقهم بذلك الدليل لا بالخطاب.
كما لا يدخل الرسول تحت الخطاب المختص بالأمة وفاقًا، لا نعرف فيه خلافًا/ (221/أ) وهو قوله: يا أيها الأمة.
خلافاً للحنفية، والحنابلة، فإنهم قالوا: يدخل تحته الأمة إلا إذا دل دليل على أن ذلك الحكم من خصائص الرسول، فحينئذ لا يدخلون تحته.
لنا: أنه لو دل الخطاب على دخولهم تحته، لدل عليه إما بلفظه، أو بمعناه: أعني به أن مجرد شرعيته في حقه عليه السلام، دال على شرعيته في حقهم، والقسمان: باطلان فبطل القول بالدخول.
وإنما قلنا: أنه لا يدل عليه بلفظه، لأن اللفظ مختص به عليه السلام موضوع له على سبيل الخصوصية، واللفظ الممنوع لمعنى على الخصوصية لا يتناول غيره لاسيما إذا كان مضادا له في الوصف الذي تختلف الصيغة بحسبه كوصف الوحدة والجمع في مثالنا إلا بطريق التجوز، وهو مع كونه خلاف الأصل يتعذر المصير إليه هنا، لأنه يقتضي الجمع بين الحقيقة والمجاز، وهو ممتنع عند الخصم.
وإنما قلنا: إنه لا يدل عليه بمعناه: لأن شرعية الحكم في حق شخص معين لمصلحة، لا يستلزم شرعيته في حق الآخر لتلك المصلحة أو لمصلحة أخرى، لاحتمال أن تكون مفسدة في حقه، ولهذا اختص النبي [عليه السلام] بجملة من الأحكام لا يشاركه فيها غيره.
وشرط الدلالة المعنوية الاستلزام فيستحيل أن يدل عليه بحسب المعنى أيضا.
فإن قلت: ماذا تعني بقولك شرط الدلالة المعنوية [الاستلزام تعني به] الاستلزام القطعي، أو الظاهري.
فإن عنيت به الأول: فممنوع.
وإن عنيت به الثاني فمسلم: لكن لا نسلم أنه غير حاصل، وما ذكرتم من الاحتمال فغير قادح فيه، لأنه احتمال مرجوح بدليل أن الغالب الاشتراك في الأحكام، وذلك يدل على أن الاشتراك في المصلحة غالب فشرعيته في حقه عليه السلام يغلب على الظن شرعيته "في حقهم".
قلت: الدليل على أنه غير حاصل، أنه قد ظهر بما ذكرنا أن احتمال المصلحة والمفسدة قائم في شرعيته في حق الآخر والخصم يدعي أن أحد الاحتمالين وهو احتمال المصلحة راجع على الأخر، لكن الأصل عدمه.
وأما قوله: إن الغالب المشترك في الأحكام، "وذلك يدل على أن الغالب الاشتراك في المصلحة.
قلنا: نسلم لكن التسوية في الأحكام" حينئذ مستفادة من دليل آخر
غير اللفظ الدال على الحكم في حقه عليه السلام، وغير نفس شرعيته في حقه عليه السلام، وذلك مما لا نزاع فيه، فإنا نقول/ (221/ب): أيضا لو دل دليل على التسوية نحو قوله تعالى {ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} ونحو إلحاق الفرد بالأعم والأغلب، ونحو العلم بعلة الحكم وحصولها في حقهم ليثبت الحكم في حقهم أيضا: وإنما النزاع أنه هل يدل عليه الخطاب أم لا؟، وذلك إما بنفسه، أو بمعناه، وقد ظهر فساد القسمين.
احتجوا: بأنه يفهم في العرف من خطاب المقدم على قوم ومن يقتضي به الخطاب معهم ألا ترى أن السلطان إذا قال لمقدم العسكر: اركب للثارة وشن الغارة، فإنه يفهم منه أمر العسكر بأسرهم بذلك، ولهذا فإن من يتخلف منهم من غير عذر فإنه يستحق اللوم والتوبيخ، وهكذا في الأخبار أيضا: بأنه إذا قيل: فتح الأمير البلد الفلاني، وكسر الجيوش، وقتل الأعداء، فإنه يكون إخبارا عنه وعن أتباعه.
وجوابه: أن ذلك لقرينة تحصيل المقصود، لا من نفس الخطاب، بدليل عدم الاطراد، ولو كان مستفادا من الخطاب لا طرد معه وبدليل صحة السلب، فإنه يصح أن يقال: أمر المقدم ولم يأمر الأتباع، وبدليل عدم الحنث به إذا