الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقد أصبحت المدينة المنورة أول قاعدة أمينة للاسلام بعد أن هاجر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تكن قاعدة أمينة حقا قبل إجلاء بني قينقاع عنها.
لقد كان موقف يهود المدينة يختلف تماما عن موقف مشركيها.
كان مشركو المدينة يمتّون بصلة القربى والنسب الى الأنصار، أما يهود فلا نسب ولا قربى لهم مع سكان المدينة من غير يهود.
وقد أسلم أكثر مشركي المدينة بعد (بدر) ، والذين بقوا على شركهم قليلون، لذلك كان خطر هؤلاء على المسلمين قليلا.
أما يهود المدينة فقد زادهم انتصار المسلمين في (بدر) حقدا على حقدهم، فأصبحوا يتربصون بالمسلمين الدوائر ويتجسّسون عليهم ويحرّضون أعداءهم للفتك بهم، ويؤذونهم بالقول والعمل.
لقد كان بقاء يهود بالمدينة بعد انتصار المسلمين في (بدر) خطرا داهما لا بد من القضاء عليه، لتكون المدينة قاعدة أمينة حقا للاسلام؛ ولترتكز عليها قواتهم للحركات المقبلة، ودعوتهم للإسلام في حاضرهم ومستقبلهم.
لقد ضعفت شوكة يهود بعد إجلاء بني قينقاع عنها، فقد كان أكثر يهود المنتسبين الى المدينة يقيمون بعيدا عنها (بخيبر) وبأم القرى؛ وهكذا طهّر المسلمون داخل المدينة من أخطر أعدائهم، وأصبحت المدينة قاعدة أمينة للاسلام حقا.
2- الحصار الاقتصادي:
تعتمد قريش في حياتها على تجارتها بالدرجة الأولى، وهي تستورد بعض المواد التي تتيسر في الحبشة والشام والعراق واليمن، كالمواد الغذائية
والمنسوجات، وتصدّر إليها بعض المواد الأولية، كالجلود والصوف والطيب الذي يردها من الهند.
وطريق مكة- الشام أهم طريق تجارية لقريش، لأهمية تجارة الشام، ولأنها طريق برية يسهل قطعها بالإبل سفن الصحراء.
إن قطع المسلمين طريق مكة- الشام، أثّر أسوأ الأثر في الحياة الاقتصادية لقريش، لذلك حاولوا أن يستفيدوا من طريق مكة- نجد- العراق الشام الطويلة، حتى لا تموت تجارتهم نهائيا، إلا أن المسلمين حرموا قريشا من هذه الطريق الجديدة أيضا.
إن فرض الحصار الاقتصادي على قريش، جعلهم أمام مسلكين: محاولة القضاء على المسلمين لتنفتح أمامهم الطرق التجارية المقطوعة، أو الاستسلام قبل أن تموت قريش جوعا.
إن هدف المسلمين من غزواتهم بعد (بدر) على بني سليم وغطفان وبني ثعلبة وبني محارب وعلى قافلة قريش، كان لحرمان هذه القبائل من التعرّض بالمسلمين وللسيطرة على طريق مكة- الشام وطريق مكة- نجد العراق؛ ولم يكن هدف المسلمين الحصول على الغنائم، لأن الذين يحاولون السلب يعودون بسرعة الى قواعدهم خوفا من استرداد ما غنموه، ولا يبقون أياما بل شهورا في ديار أعدائهم كما فعل المسلمون.
لقد بقي المسلمون ثلاث ليال في ديار بني سليم في المرّة الأولى، وشهرين في المرة الثانية، وشهرا كاملا في ديار بني ثعلبة وبني محارب، فهل يبقى كل هذه المدة خائف من عدوه أو طالب للسلب والنهب؟!
إن الهدف الأول من الحصار الاقتصادي المضروب على قريش، هو التأثير المادي والمعنوي عليهم ليعيدوا النظر في موقفهم من المسلمين، وما غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم القبائل في هذه الفترة إلا للتخلص من تهديدها ولتأمين هدف الرسول صلى الله عليه وسلم في ضرب الحصار الاقتصادي على قريش.
لقد كانت غزوات هذه الفترة (حربا باردة) كما يطلق عليها العسكريون اليوم، وكان لا بد من تطهير (القاعدة الأمينة) لتأمين النصر من هذه الغزوات.
النصر للمغلوب
(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) .
(القرآن الكريم)