الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سرية علي بن أبي طالب الى اليمن
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان سنة عشر الهجرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه الى اليمن يدعوهم الى الإسلام، فعقد له النبي صلى الله عليه وسلم لواء وعمّمه بيده وقال:(امض ولا تلتفت، فاذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك) ؛ فخرج في ثلاثمائة فارس، ففرّق أصحابه فأتوا بنهب وغنائم، ثم لقي جمعهم فدعاهم الى الإسلام، فأبوا ورموا بالنبل والحجارة، فصفّ أصحابه ثم حمل عليهم فقتل منهم عشرين رجلا فتفرقوا وانهزموا، فكفّ عن طلبهم. ثم دعاهم الى الإسلام فأسرعوا وأجابوا وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام وقالوا:(نحن على من وراءنا من قومنا، وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله) ، وكان هؤلاء من مذحج.
وقفل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فوافى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قد قدمها للحج «1» .
وقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليّا مرتين، وعند ذاك تكون المرة الثانية هي التي قسم فيها الخمس وأسلمت على يديه (همدان) فكتب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم، فخر ساجدا ثم رفع رأسه وقال:(السلام على همدان)«2» .
سرية أسامة بن زيد بن حارثة
لما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة الهجرية، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزوة الروم. ثم دعا أسامة بن زيد فقال له:
(سر الى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش، فأغر
(1) - طبقات ابن سعد 2/ 169- 170.
(2)
- فتح الباري بشرح البخاري 8/ 52.
صباحا على أهل (أبنى)«1» وحرق عليهم، وأسرع في السير تسبق الأخبار، فإن ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم وخذ معك الأدلاء وقدم العيون والطلائع أمامك) . فلما كان يوم الأربعاء مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده ثم قال:(أغز بسم الله في سبيل الله، فقاتل من كفر بالله) ، فخرج بلوائه معقودا وعسكر ب (الجرف)«2» ، فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انضمّ الى جيش أسامة فيهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسعيد ابن زيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم بن حريشي رضي الله عنهم.
وتكلم قوم فقالوا: (يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين) ! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة، فصعد المنبر وقال:(ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة؟! ولئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله! وأيم الله إن كان للإمارة لخليقا وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإنهما لمخيلان لكل خير، واستوصوا به خيرا فانه من خياركم) .
وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: (أنفذوا بعث أسامة) . وفي يوم الاثنين قال لأسامة: (أغد على بركة الله) ! فودعه أسامة وخرج الى معسكره فأمر الناس بالرحيل، فبينما هو يريد الركوب جاءه من يخبره بالتحاق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى، فعاد المسلمون من الجرف الى المدينة المنورة.
فلما بويع لأبي بكر الصديق رضي الله عنه أمر جيش أسامة بالحركة الى
(1) - أبنى: موضع بالشام في جهة البلقاء، وهي قرية بمؤتة. أنظر معجم البلدان 1/ 92. وهذه القرية غير موجودة في الوقت الحاضر، وكانت من قرى مآب أي الكرك.
(2)
- الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام. أنظر التفاصيل في معجم البلدان 3/ 87.