الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الله بن أنيس وحده مقام قوة كبيرة كان عليها أن تتحرك لمهاجمة بني لحيان، فتبذل جهودا ووقتا ومالا في معركة غير معروفة النتائج.
وكان عمل النبي صلى الله عليه وسلم في تحريكه قواته بعد غزوة بني (المصطلق) عندما علم بمحاولة عبد الله بن أبي إثارة الفتنة بين المهاجرين والأنصار، واستمرار المسير الشاق لمدة ثلاثين ساعة
…
كان عمل الرسول صلى الله عليه وسلم هذا إبداعا متميزا، إذ لولا مسارعته الى الحركة بقواته حتى أنهكها التعب لما استبعدنا بتاتا نجاح عبد الله بن أبي في فتنته.
إن مزية الإبداع من أعظم مزايا القائد القدير.
5- المعنويات:
حاول المشركون والمنافقون أن ينالوا بدعاياتهم الضارة من معنويات المسلمين بعد أن عجزوا عن أن ينالوا منهم في ساحات القتال.
لقد حاول المشركون أن يؤثروا في معنويات المسلمين، كي لا يطمئنوا الى إرسال دعاتهم خارج المدينة المنورة، وبذلك يجعلون الدعوة تنحصر في محيط ضيّق لا يتسع لآمالها القريبة والبعيدة.
غدر بنو عضل والقارة بمعاونة هذيل بستة من الدعاة في (الرجيع)«1» ، وكان بنو عضل والقارة هم الذين طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم إرسال قسم من
(1) - الرجيع: ماء لهذيل قرب الهدأة بين مكة والطائف. أنظر التفاصيل في معجم البلدان 4/ 228.
دعاته إليهم ليعلموهم الإسلام «1» .
وغدر عامر بن الطفيل من بني عامر مع قسم من الأعراب بأربعين داعيا من دعاة الإسلام في (بئر معونة) بنجد وقضى عليهم إلا رجلا واحدا عاد الى المدينة المنورة يحمل أخبار الشهداء.
فهل أثرت هذه الخسائر في معنويات المسلمين وفي ما هم عليه من صبر وإيمان؟
(1) - قدم على رسول الله (ص) رهط من عضل والقارة وهم الى الهون من خزيمة فقالوا: (يا رسول الله، إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهونا ويقرئونا القرآن ويعلمونا شرائع الإسلام) . فبعث معهم عشرة رهط وأمّر عليهم عاصم بن ثابت وقيل: مرثد بن أبي مرثد الغنوي، فخرجوا حتى إذا كانوا على الرجيع غدر المشركون بالمسلمين واستصرخوا عليهم هذيلا، فأخذ أصحاب رسول الله (ص) سيوفهم فقالوا لهم:(إنا والله ما نريد قتالكم إنما نريد أن نصيب بكم ثمنا من أهل مكة، ولكم العهد والميثاق ألا نقتلكم) !! أما عاصم بن ثابت ومرثد بن أبي مرثد وخالد بن أبي البكير فقالوا: (والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا) ، فقاتلوهم حتى قتلوا. وأما زيد بن الدئنة وخبيب ابن عدي وعبد الله بن طارق فاستأسروا وأعطوا بأيديهم. وخرج المشركون بالنفر الثلاثة حتى إذا كانوا بمر الظهران انتزع عبد الله بن طارق يده من القيد وأخذ سيفه واستأخر عنه القوم فرموه بالحجارة حتى قتلوه فقبره بمر الظهران. وقدموا بخبيب وزيد مكة. أما زيد فابتاعه صفوان بن أمية فقتله بأبيه، وابتاع حجير بن أبي إهاب خبيب بن عدي لابن أخته عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل ليقتله بأبيه. قالت قريش عند قتل زيد:(يا زيد، أنشدك الله، أتحب أنك الآن في أهلك وأن محمدا عندنا مكانك نضرب عنقه) ؟ فقال: (لا والله لا أحب أن محمدا يشاك في مكانه بشوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي)، فقال أبو سفيان:(والله ما رأيت من قوم قط أشد حبا لصاحبهم من أصحاب محمد له) . أنظر طبقات ابن سعد 2/ 5- 56، وسيرة ابن هشام 3/ 160.
إن استشهاد الدّعاة لم يؤثر في معنويات المسلمين، لأنهم استمرّوا على إرسال دعاتهم وخرجوا لأخذ ثارات هؤلاء الدعاة، حتى لا يعود المشركون الى الغدر بالمسلمين مرة أخرى.
وحاول المنافقون التأثير في معنويات المسلمين بأسلوب آخر، هو أسلوب اختلاق الأخبار الكاذبة، فاختلقوا حديث الإفك بعد غزوة بني المصطلق.
ولم يؤثر هذا الأسلوب أيضا في معنويات المسلمين؛ فلم يبق أمام المشركين ويهود والمنافقين إلا أن يحشدوا كل قواتهم في صعيد واحد لمحاولة القضاء على المسلمين ماديا ومعنويا، كما سنرى ذلك في غزوة الخندق.
هازم الاحزاب
(إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً) .
(القرآن الكريم)