الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جمدت قريش على أسلوب (الكر والفر) ، وبذلك استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم السيطرة على قواته والاحتفاظ باحتياط للطوارىء.
لقد باغت الرسول صلى الله عليه وسلم قريشا (بالأسلوب)«1» في قتاله بأسلوب (الصف) ، والمباغتة بالأسلوب من مزايا القائد العبقري!
لقد كان أسلوب (الصف) في القتال أسلوبا جديدا على العرب، بينما كان أسلوب (الكر والفر) أسلوبا باليا استعملته العرب في حروبها منذ أقدم الأزمان.
ج- كلمة التعارف:
كانت كلمة التعارف في القتال بين المسلمين: (أحد
…
أحد) ، وبذلك استطاعوا أن يتعارفوا في المعركة
…
وهذا الأسلوب متّبع في المعارك الحديثة.
إن ظروف المعركة ليست ظروفا اعتيادية، ومن الضروري أن يكون هناك أسلوب واضح للتعارف بين المقاتلين، خاصة وأن المسلمين والمشركين حينذاك كانوا يتشابهون في المظهر الخارجي: في الأشكال والقيافة وفي التسليح والتنظيم، مما يزيد أهمية كلمة التعارف ويجعل لها قيمة أعظم مما لو كان الطرفان المتحاربان يختلفان في أشكالهم وقيافتهم وتسليحهم وتنظيمهم.
5- القضايا الادارية:
أ- الارزاق:
كان المشركون ينحرون بين تسعة من الإبل وعشرة من الإبل يوميا لتأمين
(1) - المباغتة: تكون إما بالمكان او بالزمان او بالأسلوب. المباغتة بالمكان: ضرب العدو من مكان لا يتوقعه. والمباغتة بالزمان: ضرب العدو من مكان لا يتوقعه. والمباغتة بالأسلوب: ضرب العدو بأسلوب حربي لا يتوقعه العدو سواء أكان ذلك بخطة جديدة او سلاح جديد.
الطعام الحار للمقاتلين، وكانت هذه الإبل تقدّم من سراة قريش؛ أما المسلمون فقد كانوا يكتفون غالبا بالتمر والسويق، لأن حالتهم الاقتصادية كانت ضعيفة حينذاك.
ب- الماء:
بنى المسلمون حوضا للماء في (بدر) وملأوه بالماء واستفادوا منه يوم القتال، أما بقية آبار بدر ومياهها فقد غوّروها لئلا يستفيد منها المشركون.
أما المشركون فكانوا محرومين من الماء يوم القتال، مما جعل شجعانهم يحاولون اقتحام حوض المسلمين، فلا يستطيعون الى ذلك سبيلا.
لقد كان لنقص الماء عند المشركين يوم القتال أثر كبير في اندحارهم.
ج- الغنائم:
جمع الرسول صلى الله عليه وسلم غنائم المعركة وقسّمها بالتساوي بين المسلمين من أهل (بدر) ومن عاونهم على إحراز النصر: جعل للفارس سهمين يستعين بالسهم الزائد على إعاشة فرسه وإعدادها للحرب. وجعل للراجل سهما واحدا، وجعل للورثة حصّة من استشهد ببدر، وجعل حصة لمن تخلّف في المدينة المنورة فلم يشهد (بدرا) لأنه كان قائما بعمل للمسلمين، وبقي في المدينة بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولمن حرّضه حين الخروج الى بدر وتخلف لعذر قبله الرسول صلى الله عليه وسلم.
إن النصر في الحرب لا يحرزه المقاتلون فقط، بل يتعاون على إحرازه المقاتلون في الخطوط الأمامية والعاملون في الخلف لتهيئة أسباب النصر للمقاتلين؛ لذلك لم ينس الرسول صلى الله عليه وسلم العاملين في الخلف بأمره وبمشورته وبتوجيهه حين قسّم الغنائم بين الناس.
د- الاسرى «1» :
أولا- أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل أسيرين لشدّة عداوتهما للمسلمين، إذ اعتبرهما مجرمي حرب لا أسيرين اعتياديين.
لقد كانا عنيفين في عداوتهما للمسلمين حريصين على التنكيل بهم، شديدين في إيذاء المستضعفين منهم، وكانا من ألد خصوم الدعوة.
ثانيا- أما الأسرى الباقون وعددهم ثمانية وستون فقد وزعهم الرسول صلى الله عليه وسلم على صحابته قائلا: (استوصوا بالأسارى خيرا)
…
ثم فادى أغنياء الأسرى بالمال، فكان الواحد منهم يدفع ما بين الألف درهم الى الأربعة آلاف.
أما فقراء الأسرى، فأطلق سراح بعضهم دون مقابل، كما كلّف المتعلمين
(1) - راجع قانون الحرب والحياد من القانون الدولي. الواجبات نحو الأسرى: (يجب معاملة الأسير طبقا لمبادىء الانسانية وحمايته من الاعتداء والإهانة وحب الاستطلاع عند الجمهور. ويجوز تشغيل الأسرى بأعمال على ألا يكون العمل خطيرا او ضارا بالسمعة أو متصلا اتصالا مباشرا بأعمال القتال. (اما القواعد الخاصة بإطلاق سراح الأسرى، فتنص على ان الدولة لا تلزم بإطلاق سراح الأسرى بعد إعطاء كلمة الشرف، ولا هم يلزمون بقبوله، وإنما للأسير ان يقبله مختارا إذا سمحت له قوانين دولته به، وواجب على دولة الأسير ألا تطلب اليه الإخلال بوعده او تقبله منه إذا هو عرص الالتحاق بخدمة جيشه من جديد، فاذا اخلّ بكلمة الشرف التي اعطاها والتحق بالجيش ثم اسرته الدولة التي اطلقت سراحه او دولة حليفة لها، جاز محاكمته على إخلاله، والعقوبة في العادة هي الإعدام!
…
(إن كلمة الشرف التي يعطيها الأسير، هي الا يعود لحرب القوات التي اطلقته ولا يساعد في اعمال العدوان ضدها من اي ناحية وبأي وجه. (وتنتهي حالة الأسر بإطلاق سراح الأسير بلا قيد او شرط او بعد إعطائه كلمة الشرف، كما تنتهي بتبادل الأسير مع زميل له بجيش العدو او الافتداء بالمال) .
منهم بتعليم أطفال المسلمين القراءة والكتابة؛ ثم أطلق سراحهم بعد تعليم هؤلاء الأطفال.
هـ- القتلى «1» والجرحى «2» :
حفر المسلمون قليبا دفنوا فيه قتلى المشركين، وهذا ما يطابق تعاليم الحرب الحديثة في وجوب دفن قتلى الأعداء.
كما عنى المسلمون بجرحى المشركين فضمّدوا جراحاتهم أسوة بجرحى المسلمين.
والتهذيب:
استفاد المسلمون من الأسرى المتعلمين لتعليم أطفالهم، فكان هؤلاء الأطفال النواة الأولى لكتّاب الوحي ولحملة الثقافة الإسلامية فيما بعد.
(1) - راجع قانون الحرب والحياد من القانون الدولي. الواجبات نحو القتلى: (يفرض على الفريقين المتحاربين معاملة جثث القتلى بالاحترام اللازم وعدم تشويههما، ويجب دفنها بعد اخذ البيانات المساعدة لتحقيق شخصية صاحب الجثة. (ويجب على القائد الذي يسيطر على ميدان القتال، ان يأخذ الاحتياطات اللازمة بعد كل حركة، لحماية القتلى من النهب وسوء المعاملة) .
(2)
- الواجبات نحو الجرحى: (يجب احترام وحماية الجرحى والعناية بهم كجرحى قواتنا واعتبارهم اسرى حرب بعد شفائهم) .