المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال: (بل هو الحرب والرأي والمكيدة) . قال الحباب: (يا رسول - الرسول القائد

[محمود شيت خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌المقدّمة

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة

- ‌مقدمة الطبعة الرابعة إرادة القتال في الجهاد الإسلامي

- ‌الحرب العادلة

- ‌القتال في الاسلام

- ‌معنى القتال في الإسلام

- ‌متى شرع القتال في الإسلام

- ‌أهداف القتال في الإسلام

- ‌1- حماية حرية نشر الدعوة:

- ‌2- توطيد أركان السلام:

- ‌أنواع القتال في الإسلام

- ‌1- قتال المسلمين للمسلمين:

- ‌2- قتال المسلمين لغير المسلمين:

- ‌تنظيم القتال في الإسلام

- ‌1- تقوية المعنويات:

- ‌2- إعداد القوة المادية:

- ‌3- التنظيم العملي للقتال:

- ‌شروط القبول للجندية

- ‌النفير

- ‌1- النفير العام:

- ‌2- النفير الخاص:

- ‌ الخلاصة

- ‌الموقف العسكري العام

- ‌المسلمون

- ‌1- في مكة المكرمة (الوحدة والتوحيد من أجل الجهاد) :

- ‌أ- الدعوة سرا:

- ‌ب- الدعوة علنا:

- ‌ج- بيعة العقبة الأولى:

- ‌د- بيعة العقبة الثانية:

- ‌هـ- الحشد في المدينة المنورة:

- ‌2- في المدينة المنورة: (الجهاد من أجل الوحدة والتوحيد)

- ‌أ- بناء المسجد:

- ‌ب- الاخوّة:

- ‌ج- المعاهدات

- ‌3- النتائج:

- ‌العرب والروم والفرس

- ‌1- العرب:

- ‌2- الروم:

- ‌3- الفرس

- ‌4- النتائج:

- ‌مناقشة الموقف العسكري للطرفين

- ‌دوريات القتال والاستطلاع الاولى

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون ويهود:

- ‌أ- المشركون:

- ‌ب- يهود:

- ‌الهدف الحيوي للدوريات

- ‌سير الحوادث (راجع الملحق أ)

- ‌سرية حمزة

- ‌سرية عبيدة بن الحارث

- ‌سرية سعد بن أبي وقاص

- ‌غزوة بواط

- ‌غزوة ذي العشيرة

- ‌غزوة بدر الأولى

- ‌سرية عبد الله بن جحش الأسدي

- ‌دروس من الدوريات

- ‌1- الاستطلاع:

- ‌2- القتال:

- ‌3- الكتمان:

- ‌4- الحصار الاقتصادي:

- ‌غزوة بدر الكبرى المعركة الحاسمة الأولى للإسلام

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون ويهود:

- ‌قوات الطرفين

- ‌‌‌1- المسلمون:

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌أهداف الطرفين

- ‌2- المشركون:

- ‌قبل المعركة

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌سير القتال

- ‌خسائر الطرفين

- ‌أسباب انتصار المسلمين

- ‌1- قيادة موحدة:

- ‌2- تعبئة جديدة:

- ‌3- عقيدة راسخة:

- ‌4- معنويات عالية:

- ‌دروس من بدر

- ‌1- الاستطلاع:

- ‌2- القيادة:

- ‌3- الضبط والمعنويات والعقيدة:

- ‌4- القضايا التعبوية:

- ‌5- القضايا الادارية:

- ‌الملحق (ب) : شهداء المسلمين في بدر رضي الله عنهم

- ‌الملحق (ج) : البدريون رضي الله عنهم

- ‌المدينة قاعدة الإسلام الأمينة تطهير المدينة المنورة وفرض الحصار الاقتصادي على قريش

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون ويهود:

- ‌الهدف الحيوي

- ‌حصار بني قينقاع

- ‌1- أسباب الحصار:

- ‌2- قوات الطرفين:

- ‌3- الهدف:

- ‌4- الحوادث:

- ‌فرض الحصار الاقتصادي على قريش

- ‌1- غزوة بني سليم:

- ‌2- غزوة السّويق:

- ‌3- غزوة ذي أمرّ:

- ‌4- غزوة بحران

- ‌5- سرية زيد بن حارثة:

- ‌دروس من حركات التطهير

- ‌1- القاعدة الامينة:

- ‌2- الحصار الاقتصادي:

- ‌غزوة أحد

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون ويهود

- ‌قوات الطرفين

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌أهداف الطرفين

- ‌‌‌1- المشركون:

- ‌1- المشركون:

- ‌2- المسلمون:

- ‌قبل المعركة

- ‌2- المسلمون:

- ‌سير القتال

- ‌1- بدء المناوشات:

- ‌2- إشتداد القتال (الصفحة الاولى) :

- ‌3- هجوم المشركين المقابل (الصفحة الثانية) :

- ‌عودة المتحاربين

- ‌1- المشركون:

- ‌2- المسلمون:

- ‌خسائر الطرفين

- ‌أسباب النكبة

- ‌1- أنصر أم اندحار:

- ‌2- أسباب خسائر المسلمين:

- ‌دروس من أحد

- ‌1- الحصول على المعلومات:

- ‌2- القيادة:

- ‌3- القضايا التعبوية:

- ‌4- القضايا الادارية:

- ‌أحد في التاريخ

- ‌الملحق (هـ) : شهداء المسلمين في أحد رضي الله عنهم

- ‌التطهير بعد أحد

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌3- يهود:

- ‌أهداف الطرفين

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون ويهود:

- ‌سير الحوادث

- ‌1- سرية أبي سلمة:

- ‌2- دورية عبد الله بن أنيس:

- ‌3- غزوة بني النضير

- ‌4- غزوات ذات الرقاع

- ‌5- غزوة بدر الآخرة:

- ‌6- غزوة دومة الجندل

- ‌7- غزوة بني المصطلق:

- ‌دروس من غزوات التطهير

- ‌1- المسير الليلي:

- ‌2- الهجوم فجرا:

- ‌3- قتال المدن والشوارع:

- ‌4- الابداع

- ‌5- المعنويات:

- ‌غزوة الخندق

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون ويهود:

- ‌قوات الطرفين

- ‌‌‌1- المسلمون:

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌أهداف الطرفين

- ‌2- المشركون واليهود:

- ‌التوقيت

- ‌قبل المعركة

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون ويهود:

- ‌سير القتال

- ‌خسائر الطرفين

- ‌أسباب فشل الأحزاب

- ‌1- قيادة غير موحدة:

- ‌2- المباغتة بالخندق:

- ‌3- الطقس:

- ‌4- انعدام الثقة:

- ‌5- الصبر على الحصار:

- ‌دروس من غزوة الخندق

- ‌1- القيادة:

- ‌2- تعبئة جديدة:

- ‌3- الحرب خدعة:

- ‌4- المبادأة

- ‌محاسبة الغادرين

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌3- يهود:

- ‌الهدف الحيوي

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌1- أسباب الغزوة:

- ‌2- قوات الطرفين:

- ‌3- الهدف:

- ‌4- الحوادث:

- ‌سرية عبد الله بن عتيك

- ‌1- الهدف:

- ‌2- الحوادث:

- ‌غزوة بني لحيان

- ‌1- الهدف:

- ‌2- الحوادث:

- ‌غزوة ذي قرد

- ‌1- الهدف:

- ‌2- الحوادث:

- ‌سرايا توطيد الأمن وتشديد الحصار الاقتصادي

- ‌1- الهدف:

- ‌2- الحوادث:

- ‌دروس من غزوات محاسبة الغادرين والسرايا

- ‌1- الوقت:

- ‌2- المباغتة:

- ‌3- القصاص:

- ‌4- العقيدة:

- ‌5- القضايا الادارية:

- ‌غزوة الحديبية

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون ويهود:

- ‌قوات الطرفين

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌أهداف الطرفين

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- قريش:

- ‌الأعمال التمهيدية

- ‌1- الحصول على المعلومات:

- ‌2- المناوشات:

- ‌3- المفاوضات الابتدائية:

- ‌4- المفاوضات النهائية:

- ‌الهدنة

- ‌1- نص وثيقة الهدنة:

- ‌2- أهم بنود الهدنة:

- ‌دروس من الحديبية

- ‌1- توخّي الهدف:

- ‌2- الضبط

- ‌3- الحياد المسلح

- ‌4- حرب الدعاية:

- ‌نتائج الحديبية

- ‌ثمرات الحديبية

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌3- يهود:

- ‌الهدف الحيوي للمسلمين

- ‌غزوة خيبر

- ‌1- أسباب الغزوة:

- ‌2- قوات الطرفين:

- ‌3- الهدف:

- ‌4- سير الحوادث:

- ‌5- خسائر الطرفين:

- ‌نهاية يهود في شبه الجزيرة العربية

- ‌1- يهود فدك

- ‌2- يهود وادي القرى

- ‌3- يهود تيماء

- ‌4- النتائج:

- ‌سرايا تأديب الأعراب

- ‌1- الهدف:

- ‌2- الحوادث:

- ‌أ- سرية عمر بن الخطاب الى تربة

- ‌ب- سرية أبي بكر الصديق الى بني كلاب بنجد:

- ‌ج- سرية بشير بن سعد الأنصاري الى فدك:

- ‌د- سرية غالب بن عبد الله الليثي الى الميفعة

- ‌ز- سرية غالب بن عبد الله الليثي الى بني الملوّح بالكديد

- ‌ح- سرية غالب بن عبد الله الليثي الى فدك:

- ‌ط- سرية شجاع بن وهب الأسدي الى بني عامر بالسّيّ

- ‌ي- سرية كعب بن عمير الغفاري الى ذات أطلاح

- ‌3- النتائج:

- ‌غزوة مؤتة

- ‌1- أسباب الغزوة:

- ‌2- قوات الطرفين:

- ‌3- الهدف:

- ‌4- سير الحوادث:

- ‌5- خسائر الطرفين:

- ‌6- النتيجة:

- ‌غزوة ذات السلاسل

- ‌1- أسباب الغزوة:

- ‌2- سير الحوادث:

- ‌سرية الخبط

- ‌سرية أبي قتادة الأنصاري إلى خضرة

- ‌سرية أبي قتادة الأنصاري إلى بطن إضم

- ‌دروس من ثمرات الهدنة

- ‌1- القضايا التعبوية:

- ‌2- المعنويات:

- ‌3- الامانة:

- ‌4- إكمال الحشد:

- ‌5- نشر الاسلام:

- ‌6- القضايا الادارية:

- ‌7- النتائج:

- ‌الملحق (ح) : شهداء المسلمين في غزوة خيبر

- ‌الملحق (ي) : شهداء المسلمين في غزوة مؤتة

- ‌فتح مكة

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌إعلان الحرب

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- قريش:

- ‌الاستعدادات

- ‌قوات الطرفين

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌في الطريق الى مكة

- ‌قبل دخول مكة

- ‌خطة‌‌ الفتح

- ‌ الفتح

- ‌في مكة المكرمة

- ‌خسائر الطرفين

- ‌سرايا الدعوة الى التوحيد

- ‌سرية خالد بن الوليد الى العزّى

- ‌سرية عمرو بن العاص الى سواع

- ‌سرية سعد بن زيد الأشهلي الى مناة

- ‌سرية خالد بن الوليد الى جذيمة من كنانة

- ‌دروس من الفتح

- ‌1- المباغتة:

- ‌2- المعلومات:

- ‌3- بعد النظر:

- ‌4- التنظيم:

- ‌5- المعنويات:

- ‌6- السلم:

- ‌7- الوفاء:

- ‌8- التواضع:

- ‌9- العقيدة:

- ‌10- تحطيم الاصنام:

- ‌11- القضايا الادارية:

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌قوات الطرفين

- ‌‌‌‌‌1- المسلمون:

- ‌‌‌1- المسلمون:

- ‌1- المسلمون:

- ‌‌‌2- المشركون:

- ‌2- المشركون:

- ‌أهداف الطرفين

- ‌قبل المعركة

- ‌2- المشركون:

- ‌القتال

- ‌1- هجوم المشركين:

- ‌2- هجوم المسلمين المضاد:

- ‌3- المطاردة:

- ‌حصار الطائف

- ‌خسائر الطرفين

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المشركون:

- ‌أسباب التخلي عن محاصرة الطائف

- ‌الغنائم

- ‌1- التكديس:

- ‌2- التوزيع:

- ‌3- إعادة السبي:

- ‌سرايا الدعوة

- ‌سرية الطفيل بن عمرو الدّوسي الى ذي الكفّين

- ‌سرية عيينة بن حصن الفزاري الى بني تميم

- ‌سرية خالد الى بني المصطلق

- ‌سرية قطبة بن عامر بن حديدة الى خثعم

- ‌سرية الضّحّاك بن سفيان الكلابي الى بني كلاب

- ‌سرية علقمة بن محرّز المدلجي الى الحبشة

- ‌دروس من حنين والطائف وسرايا الدعوة

- ‌1- المباغتة:

- ‌2- القيادة:

- ‌3- المطاردة:

- ‌4- المعلومات:

- ‌5- المعنويات:

- ‌6- العقيدة:

- ‌7- حرب الفروسية:

- ‌8- القضايا الادارية:

- ‌أ- توزيع الغنائم:

- ‌ب- الخسائر:

- ‌ج- الإعاشة:

- ‌د- النقلية:

- ‌هـ- التسليح:

- ‌الملحق (م)‌‌ شهداء حنينوالطائف

- ‌ شهداء حنين

- ‌شهداء غزوة الطائف

- ‌غزوة تبوك

- ‌الموقف العام

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- المنافقون:

- ‌3- المشركون:

- ‌4- الروم:

- ‌اسباب غزوة تبوك

- ‌1- اسباب مباشرة:

- ‌2- اسباب غير مباشرة:

- ‌أهداف الطرفين

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- الروم:

- ‌قوات الطرفين

- ‌‌‌1- المسلمون:

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- الروم:

- ‌الاستعدادات

- ‌2- الروم:

- ‌الحركة

- ‌1- المسلمون:

- ‌2- الروم:

- ‌السيطرة على المنطقة

- ‌1- مصالحة صاحب أيلة

- ‌3- مصالحة أهل دومة الجندل:

- ‌عودة المسلمين

- ‌سرايا الدعوة وبعث أسامة

- ‌سرية خالد بن الوليد الى نجران

- ‌سرية خالد بن الوليد الى اليمن

- ‌سرية علي بن أبي طالب الى اليمن

- ‌سرية أسامة بن زيد بن حارثة

- ‌دروس من تبوك وسرايا الدعوة

- ‌1- الحرب الاجماعية:

- ‌2- عقاب المتخلفين:

- ‌3- التدريب العنيف:

- ‌4- المسير الليلي (السرى) :

- ‌5- المعنويات:

- ‌6- المعلومات:

- ‌7- الضبط:

- ‌النتائج

- ‌الخاتمة

- ‌بحث مقارن

- ‌مجمل أسباب النصر

- ‌السبب الأول قيادة عبقرية هي قيادة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌1- مجمل صفات القائد:

- ‌2- تفصيل الصفات:

- ‌3- مزايا اخرى اضافية:

- ‌4- قيادة مثالية:

- ‌السبب الثاني جنود متميزون

- ‌1- مزايا الجند المتميّز:

- ‌2- تفصيل المزايا:

- ‌السبب الثالث حرب عادلة

- ‌1- معنى الحرب العادلة:

- ‌2- تفصيل معنى الحرب العادلة:

- ‌3- حرب عقيدة:

- ‌4- حرب مثالية:

- ‌السبب الرابع ضعف الاعداء

- ‌الأرض للصالحين

- ‌فهرس الاعلام

- ‌فهرس الاماكن

الفصل: قال: (بل هو الحرب والرأي والمكيدة) . قال الحباب: (يا رسول

قال: (بل هو الحرب والرأي والمكيدة) .

قال الحباب: (يا رسول الله. فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم، فنعسكر فيه، ثم نعوّر «1» ما وراءه من الآبار ثم نبني عليه حوضا فنملأه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون) .

أنفذ الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الرأي، فما حلّ نصف الليل حتى تحول المسلمون الى معسكرهم الجديد، وامتلكوا مواقع الماء، وأعلن الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه:

(أنه بشر مثلهم، وأن الرأي شورى بينهم، وأنه لا يقطع برأي دونهم، وأنه في حاجة الى حسن مشورة صاحب المشورة الحسنة منهم)

وأنجزوا بناء الحوض وملأوه ماء، ثم غوّروا المياه الأخرى، وتم كل ذلك ليلا، ثم أخذوا قسطهم من الراحة بقية الليل، ليكونوا أقوياء في الصراع الوشيك.

‌2- المشركون:

علم أبو سفيان بن حرب بخروج الرسول صلى الله عليه وسلم لاعتراض قافلته حين رحلته الى الشام، فخاف أن يعترضه المسلمون حين عودته.

لقد كانت القافلة حوالي ألف بعير موفرة بالأموال، إذ لم يبق أحد من قريش رجالا ونساء لم يساهم فيها بحظ حسب امكاناته الاقتصادية، حتى قوّم ما تحمله القافلة بخمسين ألفا من الدنانير.

ولما تأكد أبو سفيان بن حرب من خروج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه للتعرض

(1) - نعور: تروى هذه الكلمة بالعين المهملة، ومعناها على ذلك (نفسد) وذلك بأن يقذفوا في القلب أحجارا وترابا فيفسدوها على أعذائهم؛ وتروى بالغين المعجمة، ومعناها حينئذ بجعله يغور في الأرض، وهو قريب من سابقه.

ص: 107

لقافلته العزلاء إلا من ثلاثين أو أربعين رجلا، استأجر ضمضم بن عمرو الغفاري، فبعثه مسرعا الى مكة ليستنفر قريشا الى أموالهم، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه.

وصل ضمضم الى مكة، فقطع أذن بعيره، وجدع أنفه وحول رحله، ووقف هو عليه وقد شقّ قميصه من قبل ومن دبر، وجعل يصيح: (يا معشر قريش! اللطيمة اللطيمة «1» ! أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه

لا أرى أن تدركرها. الغوث الغوث

) .

ولم تكن قريش في حاجة الى من يستنفرها، فقد كان لكل فرد منها في العير نصيب.

ولما فرغت قريش من جهازها وأجمعت المسير، ذكرت ما كان بينها وبين بني (كنانة) من الحرب والحزازات، فخشوا أن تضربهم (كنانة) من الخلف، وكاد هذا المحذور يقعدهم عن الخروج لولا أن جاء مالك بن جشعم المدلجي، وكان من أشراف بني كنانة، فقال:(أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه)

إذ ذاك قررت قريش الخروج خاضعة لرأي دعاة الحرب وعلى رأسهم أبو جهل، أشد الناس عداوة للمسلمين، وعامر بن الحضرمي أخو عمرو بن الحضرمي الذي قتله المسلمون في (نخلة) والذي يحرص على الأخذ بثأره.

ولم يتخلّف من أشراف قريش غير أبي لهب الذي أرسل مكانه رجلا آخر، كما حشد هؤلاء كل القادرين على حمل السلاح من قريش وحلفائهم.

وسبق أبو سفيان بن حرب قافلته للحصول على المعلومات عن قوة المسلمين

(1) - اللطيمة: هي الإبل تحمل الطيب.

ص: 108

ومواضعهم فلما ورد ماء (بدر) وجد عليه مجدي بن عمرو، فسأله:(هل رأى أحدا من المسلمين) ؟ فأجاب مجدي: (لم أر إلا راكبين أناخا الى هذا التل) ، وأشار الى حيث أناخ الرجلان من المسلمين.

فحص أبو سفيان بن حرب مناخهما، فوجد في روث بعيريهما نوى عرفه في علائف يثرب، فأدرك أن الرجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأن جيشه منه قريب، فرجع الى القافلة ليغيّر طريقها نحو الساحل، تاركا (بدرا) الى يساره، وأسرع في مسيره حتى بعدت المسافة بين القافلة وبين قوات المسلمين، وأرسل أبو سفيان الى قريش يطلب منهم أن يعودوا أدراجهم الى مكة لنجاة قافلتهم من المسلمين.

وأرسلت قريش عمير بن وهب الجمحي ليستطلع لهم قوة المسلمين، فرجع إليهم ليخبرهم أنهم ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا أو ينقصون، ولا كمين لهم ولا مدد، ولكنهم قوم ليس لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، فلا يموت منهم رجل قبل أن يقتل رجلا مثله.

وتضاربت آراء قريش، منهم من يريد الرجوع ومن هؤلاء بنو زهرة الذين رجعوا فعلا، ومنهم من يريد البقاء، ومعنى ذلك الاصطدام بالمسلمين.

قال أبو جهل زعيم الذين أرادوا البقاء لقتال المسلمين: (والله لا نرجع حتى نرد (بدرا) ، فنقيم عليه ثلاثة ننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا؛ فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها) .

وقصد حكيم بن حزام عتبة بن ربيعة فقال: (يا أبا الوليد! إنك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها. هل لك إلى أن لا تزال تذكر فيها بخير الى آخر الدهر) ؟

ص: 109

قال عتبة: (وماذا يا حكيم) ؟

قال حكيم: (ترجع بالناس وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي) .

قال عتبة: (قد فعلت. أنت عليّ بذلك، إنما هو حليفي فعلي عقله «1» وما أصيب من ماله؛ فأت ابن الخنظلية- يقصد أبا جهل- فإني لا أخشى أن يشجر- أي يخالف بين الناس ويحملهم على عدم الوفاق- أمر الناس غيره) .

قال حكيم: (فانطلقت حتى جئت أبا جهل، فوجدته نثل درعا- أي أخرج درعه- من جرابها، يهنئها- أي يتفقدها ويعدها للقتال- فقلت: يا أبا الحكم، إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا)

قال أبو جهل: (انتفخ والله سحره «2» - يقصد أن عتبة جبن- حين رأى محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه- كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، وما بعتبة ما قال، ولكنه قد رأى أن محمدا وأصحابه أكلة جزور؛ وفيهم ابنه تخوّفكم عليه)

وبعث أبو جهل الى عامر بن الحضرمي فقال: (هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس، وقد رأيت ثأرك بعينيك، فقم فانشد خفرتك)«3» . فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف، ثم صرخ:(واعمراه!! واعمراه!!) .

ولما علم عتبة بقول أبي جهل: (انتفخ والله سحره) قال: (سيعلم مصفّر أسته- أي الجبان- من انتفخ سحره، أنا أم هو) ؟

ولم يبق مفر ولا مهرب من القتال.

(1) - عقله: ديته.

(2)

- سحر: الرئة وما حولها.

(3)

- الخفر: بضم الخاء أو فتحها هو العهد، وأنشدها: أي أذكرها.

ص: 110