الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سار عبد الله فصادف خالدا بعيدا عن قومه ومعه بعض النساء، فسأله خالد:(من الرجل) ؟ فأجابه: (أنا رجل من العرب سمع بك وبجمعك لمحمد، فجاءك لذلك! ..) .
لم يخف خالد نياته، ولما رآه عبد الله في عزلة عن الرجال وليس معه إلا أولئك النسوة، استدرجه للمسير معه، وعندما سنحت له الفرصة حمل عليه بالسيف، فقتله
…
وعاد عبد الله الى المدينة المنورة بعد أن تفرّقت جموع الأعراب التي حشدها خالد في (عرنة) لغزو المسلمين، لأنها فقدت قائدها فماتت نياته العدوانية معه.
3- غزوة بني النضير
«1» :
أ- قوات الطرفين:
أولا- المسلمون:
مسلمو المدينة المنورة بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيا- يهود:
بنو النضير الذين كانت منازلهم بناحية (الغرس)«2» وما والاها في ضواحي المدينة المنورة.
ب- الهدف:
التخلص من بني النضير لتآمرهم على اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) - النضير: اسم قبيلة من يهود الذين كانوا بالمدينة وكانوا هم وقريظة نزولا بظاهر المدينة في حدائق وآطام. أنظر التفاصيل في معجم البلدان 8/ 295.
(2)
- غرس: في منطقة قباء وبها بئر تديمي. بئر غرس، كان رسول الله (ص) يستطيب ماءها. أنظر معجم البلدان 6/ 276.
ج- سير الحوادث:
ذهب النبي صلى الله عليه وسلم الى منازل بني النضير في ضواحي المدينة المنورة، ليستعين بهم في دية قتيلين معاهدين للمسلمين قتلهما عمرو بن أمية الضمري خطأ دون أن يعلم بعهدهما «1» .
فلما فاوضهم النبي صلى الله عليه وسلم، أظهروا الرضا بمعونته، فجلس إلى جنب جدار من بيوتهم مع عشرة من أصحابه بينهم أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم.
وفي أثناء تبسّط بعضهم معه في الحديث، رأى أن بعضهم يأتمرون به، فيذهب أحدهم الى ناحية، ويبدو عليهم كأنهم يذكرون مقتل كعب بن الأشرف، ثم يدخل أحدهم وهو عمرو بن جحاش البيت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم مستندا إلى جداره.
حينذاك رابه أمرهم وزاده ريبة ما كان يبلغه سابقا من حديثهم عنه وائتمارهم به، فترك موضعه بالقرب من الجدار، وقفل راجعا إلى المدينة وحده.
ولما استبطأه أصحابه، قاموا للتفتيش عنه، فرأوا رجلا مقبلا من المدينة المنورة، فأخبرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم هناك، فأسرعوا يلحقون به. فلما ذكر ما رابه من أمر يهود ومن اعتزامهم الغدر به، تنبّهوا الى حركات يهود التي تدل على مؤامرتهم للقضاء على حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد عرف- بعد- أن عمرو بن جحاش هو الذي أراد قتل النبي صلى الله عليه وسلم بإلقاء حجر الرحى عليه من عليه من فوق سطح الجدار الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم تحته.
واستدعى النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة رضي الله عنه وقال له: (اذهب الى
(1) - هما رجلان من بني كلاب قد كان لهما من رسول الله (ص) أمان، فقتلهما عمرو بن أمية الضمري في طريق عودته من بئر معونة بعد أن قتل المشركون أصحابه كلهم، وهو لا يعرف أمان رسول الله (ص) لهما. فلما قدم على رسول الله (ص) وأخبره بمقتل أصحاب بئر معونة وأخبره بأنه قتل العامريين فقال النبي (ص) :(بئس ما صنعت! قد كان لهما مني أمان وجوار، لأديتهما الى قومهما) . أنظر طبقات ابن سعد 2/ 53.
يهود بني النضير وقل لهم: إن رسول الله أرسلني إليكم أن اخرجوا من بلادي! لقد نقضتم العهد الذي جعلت لكم بما هممتم به من الغدر بي. لقد أجّلتكم عشرا، فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه)
…
لم يجد يهود مناصا من الخروج، فأخذوا يتجهّزون للرحيل، إلا أن منافقي المدينة وعلى رأسهم عبد الله بن أبيّ أرسلوا إليهم:(أن اثبتوا ونحن ننصركم على محمد وصحبه)
…
عند ذاك عادت لليهود ثقتهم بأنفسهم، واستقرّ رأيهم على القتال، وبعثوا للنبي صلى الله عليه وسلم من يقول له:(لن نخرج، فافعل ما بدا لك) !
…
ثم احتموا بحصونهم ونقلوا الحجارة الى شوارعهم وأقاموا منها متاريس وخنادق للاحتماء وراءها في القتال، وكدّسوا أرزاقا تكفيهم لمدة سنة في حالة حصارهم؛ وكان الماء متيسرا لديهم باستمرار.
تحرّك المسلمون بقيادة الرسول القائد عليه أفضل الصلاة والسلام الى ديار بني النضير، فحاصروهم عشرين ليلة، كانوا أثناءها يحتلون شارعا بعد شارع ودارا بعد دار نتيجة لقتال الشوارع والمدن.
ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم إصرار يهود على القتال مستفيدين من حصونهم القوية، أمر أصحابه أن يقطعوا نخل يهود وأن يحرقوه «1» ، حتى لا تبقى يهود حريصة على القتال طمعا في المحافظة على أموالها.
(1) - راجع قانون الحرب والحياة من القانون الدولي. الاحتلال الحربي: دخول قوات الدولة المحاربة إقليم العدو ووضعها هذا الاقليم تحت سيطرتها الفعلية، والدولة بهذا الإجراء تنقل ميدان القتال الى أرض العدو، والعدو يتحمل- نتيجة لهذا الاحتلال- كل أضرار الحرب المادية وما يترتب على قصف القنابل من خسائر أو تستلزمه الاجراءات العسكرية من إتلاف مزارع أو نسف جسور، وهو الذي يتحمل فوق هذا الاضرار المالية الجسيمة التي تترتب على قيام الحرب في إقليمه، فأرضه الداخلة في ميدان القتال يتعطل زرعها، ومبانيه واملاكه وتجارته يتعطل استغلالها، أضف الى كل ذلك ما تملكه الدولة المحاربة من حقوق مالية في الارض المحتلة من بينها حقها في أن تفرض الضرائب فيها وأن تلزم سكانها بدفع الاعانات الجبرية، وان تستولي منهم على ما تحتاج اليه لجيوش الاحتلال.