الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهل نستطيع تسمية ذلك أهدافا، أم ذلك طيش وغرور وعصبية جاهلية؟
في هذه المعركة التقى الآباء بالأبناء، والإخوة بالإخوة
…
خالفت بينهم المبادىء، ففصلت بينهم السيوف.
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع المسلمين. وكان ابنه عبد الرحمن مع المشركين. وكان عتبة بن ربيعة مع قريش، وكان ولده أبو حذيفة مع المسلمين.
وعندما استشار الرسول صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مصير الأسرى، قال عمر:(أرى أن تمكّني من فلان- قريب عمر- فأضرب عنقه، وتمكّن عليا من عقيل بن أبي طالب فيضرب عنقه، وتمكّن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين، وهؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم) .
فما الذي يدفع لمثل هذا القول إلا عقيدة راسخة وإيمان عظيم، وهل يستطيع الذين لا عقيدة لهم، ولا تحمل صدورهم إلا أهواء الجاهلية، وعصبية الأنانية، وحب الظهور، أن يقاتلوا ببسالة وشجاعة كما يقاتل أمثال هؤلاء من أصحاب اليقين الثابت، والعقيدة الراسخة؟
4- معنويات عالية:
شجع الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه قبل القتال وأثناءه، وقوّى عزائمهم ومعنوياتهم، حتى لا يكترثوا بتفوق قريش عليهم بالعدد والعدد؛ ولم تكن معنويات الكبار الذين مارسوا الحرب وعرفوها من المسلمين هي العالية فحسب، إنما كانت معنويات الأحداث الصغار الذين لم يمارسوا حربا ولا قتالا عالية أيضا.
قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: (إني لفي الصف يوم (بدر) ، إذا التفتّ فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن، فكأني لم آمن بمكانهما، إذ قال لي أحدهما سرا من صاحبه: يا عم! أرني أبا جهل. فقلت:
يا ابن أخي، ما تصنع به؟ قال: عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه)
…
(وقال لي الآخر سرا من صاحبه مثله، فأشرت لهما إليه، فشدّا عليه مثل الصقرين: فضرباه حتى قتلاه) ، وقد استشهد هذان البطلان في (بدر)، وهما ابنا عفراء: عوف بن الحارث الخزرجي الأنصاري «1» ومعوّذ بن الحارث الخزرجي الأنصاري «2» .
فإذا كانت معنويات الفتيان الأحداث بهذا المستوى الرفيع، فكيف تكون معنويات الرجال؟
لقد أثبتت كل الحروب في كل أدوار التاريخ، أن التسليح والتنظيم الجيدين والقوة العددية غير كافية لنيل النصر ما لم يتحلّ المقاتلون بالمعنويات العالية.
(1) - عوف بن عفراء: وعفراء أمة من بني النجار، واسم أبيه الحارث بن رفاعة من بني النجار أيضا، وكان في الستة النفر الذين أسلموا أول من أسلم من الأنصار بمكة وشهد العقبتين. شهد عوف بدرا، فلما التقى الناس يوم بدر قال عوف بن عفراء:(يا رسول الله، ما يضحك الرب من عبده) ؟ فقال: (أن يراه قد غمس يده في القتال يقاتل حاسرا) ، فنزع عوف درعه ثم تقدم فقاتل حتى قتل شهيدا، قتله أبو جهل بن هشام بعد أن ضربه عوف وأخوه معوّذ فأثبتاه. أنظر التفاصيل في طبقات ابن سعد 7/ 492، والإصابة 5/ 42، التسلسل 6087، وأسد الغابة 4/ 155، والاستيعاب 3/ 1225، التسلسل 2002.
(2)
- معوّذ بن عفراء: شقيق عوف، شهد العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار وشهد بدرا، وهو الذي ضرب أبا جهل بن هشام هو وأخوه عوف بن الحارث حتى اثبتاه، فعطف عليهما ابو جهل فقتلهما. ووقع أبو جهل صريعا فقذف عليه عبد الله بن مسعود. وليس لمعوّذ عقب. أنظر التفاصيل في طبقات ابن سعد 7/ 492، والإصابة 6/ 129، التسلسل 8157، وأسد الغابة 4/ 402، والاستيعاب 4/ 1442، التسلسل 2423.