المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حد الزاني المحصن - العتيق مصنف جامع لفتاوى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - جـ ٣١

[محمد بن مبارك حكيمي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب الحدود كفارات وحال من قارف القاذورات

- ‌حماية الحِمى

- ‌حد الزاني البكر

- ‌ما جاء في تغريب البكر

- ‌ما روي في ترك التغريب

- ‌في نفي المخنثين

- ‌حد الزاني المحصن

- ‌ما روي في الجمع بين الرجم والجلد

- ‌ما جاء في الحفر للمرأة

- ‌في تأخير الحد عن الحبلى

- ‌ما روي في أول من يَرجم

- ‌جماع ما يحصن وما لا يحصن من النساء

- ‌الأمر في أهل الكتاب إذا تحاكموا إلينا

- ‌في الحد على المملوك

- ‌باب منه

- ‌الأمر في الرجل يطأ جارية امرأته

- ‌من وقع على وليدته المحصنة

- ‌الرجلان يشتركان في ملك أمة

- ‌باب منه

- ‌الرجل يوجد مع المرأة في ثوب واحد أو بيت

- ‌باب

- ‌المرأة تلد لستة أشهر أو لأكثر من تسع

- ‌جامع الحد في القذف

- ‌الأمر في التعريض بالفاحشة

- ‌باب منه

- ‌قذف أهل الجاهلية

- ‌الحر يفتري على العبد

- ‌ما جاء في الرجل يقذف أمته التي يطؤها

- ‌العبد يفتري على الحر

- ‌الرجل يشهد على امرأته رابع أربعة

- ‌الرجل يطلق امرأته ثم يقذفها في عدتها هل يلاعن

- ‌الرجل يدخل بامرأته فيجدها غير عذراء

- ‌مسائل في القذف

- ‌من عمل كعمل قوم لوط

- ‌ما ذكر في السحاقة

- ‌حد من أتى بهيمة

- ‌من أتى ذات محرم

- ‌أبواب الحد لشرب الخمر

- ‌ما جاء في شناعة الخمر

- ‌الحد في الخمر

- ‌أخبار الذين شربوا الخمر متأولين حلها

- ‌من شرب الخمر في رمضان

- ‌الأخذ بالريح

- ‌باب في النكال

- ‌ما جاء في قتل شارب الخمر

- ‌ما جاء في إهدار الخمر وما وعاها

- ‌جامع في حد الخمر

- ‌أبواب حد السارق

- ‌في كم تقطع الأيدي

- ‌الأمر في العبد يسرق

- ‌العمل في قطع السارق

- ‌ما جاء في تعليق يد المقطوع في عنقه

- ‌ما جاء في الطير يُسرق

- ‌الرجل يبيع حرا أو يسرق عبدا

- ‌في المختلس والخائن

- ‌باب منه

- ‌الأمر في من سرق في مجاعة

- ‌ما جاء في إقامة الحد في الغزو

- ‌العمل في نباش القبور

- ‌السارق يدرَك قبل أن يخرج بالمتاع هل يقطع

- ‌هل يضمن السارق ما سرق

- ‌جامع السرقة

- ‌الأمر في المرتد واستتابته

- ‌ما جاء في المرأة ترتد

- ‌الأمر في من سب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب منه

- ‌حد الساحر

- ‌باب منه

- ‌جماع ما يدرأ به الحد

- ‌ما قالوا في المكره يقع في حد

- ‌درء الحد بالشبهة والتأويل والجهل

- ‌حد المجنون

- ‌الأمر في الذي لم يحتلم

- ‌ما ينهى عنه من الشفاعة في الحدود

الفصل: ‌حد الزاني المحصن

‌حد الزاني المحصن

ص: 45

• عبد الرزاق [18704] عن الثوري عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن ابن مسعود قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي فيكم فقال: والذي لا إله غيره ما يحل دم رجل يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا أحد ثلاثة نفر النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك للإسلام المفارق للجماعة. اهـ رواه البخاري ومسلم.

ص: 46

• البخاري [6813] حدثني إسحاق حدثنا خالد عن الشيباني سألت عبد الله بن أبي أوفى هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قلت: قبل سورة النور أم بعد؟ قال: لا أدري. اهـ

ص: 47

• مالك [1502] عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله وقال الآخر وهو أفقههما: أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله، واذن لي في أن أتكلم. قال: تكلم. فقال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فأخبرني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأخبروني إنما الرجم على امرأته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، أما غنمك وجاريتك فرد عليك، وجلد ابنه مائة وغربه عاما، وأمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها فاعترفت فرجمها. قال مالك: والعسيف الأجير. اهـ رواه البخاري ومسلم.

ص: 48

• مسلم [3206] حدثني محمد بن المثنى حدثني عبد الأعلى حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن رجلا من أسلم يقال له ماعز بن مالك أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت فاحشة فأقمه علي فرده النبي صلى الله عليه وسلم مرارا قال ثم سأل قومه فقالوا: ما نعلم به بأسا إلا أنه أصاب شيئا يرى أنه لا يخرجه منه إلا أن يقام فيه الحد. قال: فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرنا أن نرجمه، قال: فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد قال: فما أوثقناه ولا حفرنا له قال: فرميناه بالعظم والمدر والخزف قال: فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة يعني الحجارة حتى سكت

(1)

. قال: ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا من العشي فقال: أو كلما انطلقنا غزاة في سبيل الله تخلف رجل في عيالنا له نبيب كنبيب التيس، علي أن لا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به. قال: فما استغفر له ولا سبه. اهـ

(1)

- قال ابن المنذر [12/ 443] أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن المرجوم يداوم عليه بالرمي حتى يموت لا أعلم في ذلك اختلافا. اهـ

ص: 49

• ابن أبي شيبة [29378] حدثنا محمد بن الحسن عن محمد بن سليم أبي هلال عن نجيح أبي علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجم أبو بكر وعمر وأمرهما سنة. ورواه أبو يعلى [4214] حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن محمد بن سليم عن نجيح أبي علي عن أنس بن مالك قال: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وأمرهما سنة. اهـ قال الهيثمي في المجمع: رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات.

ص: 50

• عبد الرزاق [13441] عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي واقد الليثي قال: إني لمع عمر بن الخطاب إذ جاءه رجل فقال عبدي زنى بامرأتي وهي هذه تعترف قال أبو واقد فأرسلني إليها في نفر معي فقال سل امرأة هذا عما قال قال فانطلقت فإذا جارية حديثة السن قد لبست ثيابها قاعدة على فنائها فقلت لها إن زوجك جاء أمير المؤمنين فأخبره إنك زنيت بعبده فأرسلني أمير المؤمنين لنسألك عن ذلك فقال أبو واقد فإن كنت لم تفعلي فلا بأس عليك فصمتت ساعة ثم قلت اللهم أفرخ فاها عما شئت اليوم أبو واقد القائل فقالت: والله لا أجمع فاحشة وكذبا، ثم قالت: صدق، فأمر بها عمر فرجمت. الطحاوي [4855] حدثنا يونس قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن أبا واقد الليثي ثم الأشجعي أخبره وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما نحن عند عمر مقدمه الشام بالجابية أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، إن امرأتي زنت بغلامي فهي هذه تعترف بذلك، فأرسلني في رهط إليها نسألها عن ذلك فجئتها فإذا هي جارية حديثة السن. فقلت: اللهم أفرج فاها اليوم عما شئت، فسألتها وأخبرتها بالذي قال زوجها، فقالت: صدق، فبلّغْنا ذلك عمر فأمر برجمها.

البيهقي [17389] من طريق يحيى بن بكير حدثني الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا واقد الليثي وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أنه بينا هو عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجابية جاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إن امرأتي زنت بعبدي معترفة بذلك قال أبو واقد: فدعاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه عاشر عشرة رهط فأرسلنا إلى امرأته وأمرنا أن نسألها عما قال فجئناها فإذا هي جارية حديثة السن فقلت حين رأيتها تكفتها عما شئت اليوم ثم كلمتها فقلت: إن زوجك أتى أمير المؤمنين فأخبره أنك زنيت بعبده فأرسلنا إليك لنشهد على ما تقولين؟ قالت: صدق. فأمرنا عمر رضي الله عنه فرجمناها بالحجارة. اهـ صحيح.

وقال مالك [1505] عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن أبي واقد الليثي أن عمر بن الخطاب أتاه رجل وهو بالشام فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلا فبعث عمر بن الخطاب أبا واقد الليثي إلى امرأته يسألها عن ذلك فأتاها وعندها نسوة حولها فذكر لها الذي قال زوجها لعمر بن الخطاب وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنزع فأبت أن تنزع وتمت على الاعتراف، فأمر بها عمر فرجمت. الفسوي [2/ 668] حدثنا أبو النعمان قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار أن رجلا أتى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين إن امرأته زنت فأقم عليها الحد. قال: فبعث عمر عبد الله بن واقد الليثي فقال: ائت امرأة هذا فقل لها إن عبد الله هذا قد رماك بأمر عظيم فأكذبي عدو الله عز وجل. فأتاها وقد لبست كفنها وتحنطت وحفرت حفرتها، وعندها أهلها، فبلغها الذي قال عمر. فقالت: لا أبوء بالفاحشة وبغضب الله، فمضت على قولها ذلك فرجمت. فقال سليمان بن يسار لعمي حرز بن زيد: يا أبا سلمة امرأة من قومك من بني سلامان. اهـ صحيح.

ص: 51

• مالك [1506] عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول: لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح ثم كوم كومة بطحاء ثم طرح عليها رداءه واستلقى ثم مد يديه إلى السماء فقال: اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط. ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال: أيها الناس قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينا وشمالا وضرب بإحدى يديه على الأخرى. ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها (الشيخ والشيخة فارجموهما البتة) فإنا قد قرأناها. قال يحيى بن سعيد قال سعيد بن المسيب: فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رحمه الله. قال يحيى سمعت مالكا يقول قوله (الشيخ والشيخة) يعني الثيب والثيبة فارجموهما البتة. اهـ ورواه ابن عيينة ويزيد بن هارون وعبد المجيد الثقفي عن يحيى مختصرا. صحيح.

وقال ابن أبي شيبة [29374] حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا داود عن سعيد بن المسيب عن عمر قال: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجم أبو بكر ورجمت. البيهقي [17376] من طريق علي بن إبراهيم الواسطي حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب قال قال عمر رضي الله عنه: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجم أبو بكر ورجمت، ولولا أني أكره أن أزيد في كتاب الله لكتبته في المصحف فإني أخاف أن يأتي أقوام فلا يجدونه فلا يؤمنون به. اهـ

وقال ابن أبي شيبة [29375] حدثنا ابن إدريس عن أشعث عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: قال عمر: الرجم حد من حدود الله فلا تخدعوا عنه، وآية ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ورجم أبو بكر ورجمت أنا. عبد الرزاق [13364] عن معمر عن ابن جدعان عن يوسف بن مهران أنه سمع ابن عباس يقول أمر عمر بن الخطاب مناديا فنادى أن الصلاة جامعة ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس لا تخدعن عن آية الرجم فإنها قد نزلت في كتاب الله عز وجل وقرأناها ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد صلى الله عليه وسلم وآية ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قد رجم وأن أبا بكر قد رجم ورجمت بعدهما وإنه سيجيء قوم من هذه الأمة يكذبون بالرجم ويكذبون بطلوع الشمس من مغربها ويكذبون بالشفاعة ويكذبون بالحوض ويكذبون بالدجال ويكذبون بعذاب القبر ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعد ما أدخلوها. اهـ ضعيف.

وقال ابن أبي شيبة [29371] حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال: قال عمر: قد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول القائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق، إذا أحصن الرجل، أو قامت البينة، أو كان حمل، أو اعتراف، وقد قرأتها (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده. قيل لسفيان: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. اهـ

وقال البخاري [6328] حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال: كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا، فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت. فغضب عمر ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم. قال عبد الرحمن فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها وأن لا يضعوها على مواضعها فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها. فقال عمر: أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.

قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف فأنكر علي وقال ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي، إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف. ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ألا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم وقولوا عبد الله ورسوله.

ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرها وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا، وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نريدهم فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا أمركم. فقلت: والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا سعد بن عبادة. فقلت: ما له؟ قالوا: يوعك. فلما جلسنا قليلا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر. فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت.

فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم أكره مما قال غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر. اللهم إلا أن تسول إلي نفسي عند الموت شيئا لا أجده الآن. فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش. فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده، فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة. فقلت: قتل الله سعد بن عبادة. قال عمر: وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا فإما بايعناهم على ما لا نرضى وإما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا. اهـ

وروى عبد الرزاق [13363] عن الثوري عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال قال لي أبي بن كعب: كأين تقرؤون سورة الاحزاب قال قلت إما ثلاثا وسبعين وإما أربعا وسبعين قال أقط إن كانت لتقارب سورة البقرة أو لهي أطول منها وإن كانت فيها آية الرجم قال قلت أبا المنذر وما آية الرجم قال إذا زنيا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم قال الثوري وبلغنا أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقرؤون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة فذهبت حروف من القرآن. اهـ البيهقي [17365] من طريق سعيد بن منصور حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال قال لي أبي بن كعب رضي الله عنه: كأين تعد أو كأين تقرأ سورة الأحزاب؟ قلت: ثلاثا وسبعين آية. قال: أقط لقد رأيتها وإنها لتعدل سورة البقرة وإن فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم. اهـ ورواه عبد الله في زوائد المسند وغيره، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي.

وقال أحمد [21596] حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن كثير بن الصلت قال: كان سعيد بن العاص وزيد بن ثابت يكتبان المصاحف، فمروا على هذه الآية، فقال زيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، فقال عمر: لما أنزلت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبنيها، قال شعبة: ، فكأنه كره ذلك، فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا لم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم. اهـ صححه الحاكم والذهبي. وهذا مما نسخت تلاوته، وأحكمت سنته، وهذا إجماع.

ص: 52