الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعدُ، فالأوزَرِيُّ كان زَيْدِيَّ العَقِيدَةِ، صَحِيحَ المَذْهَبِ، فلو كان بينَ اعتقادِه واعتقادِ مشايخِه مُلازَمَةٌ، لوجَبَ أن نُحْسِنَ الظَّنَّ بهم في العَقِيدَةِ.
الإِشكال الرابع: أنَّ هذا المفهومَ مِن الأوْزَري إنْ كان حَسناً، فلا معنى لإبطالِهِ، وإنْ كان قبيحاً، فَنِسْبتُهُ إليه لِمُجَرَّدِ الفَهْمِ والحَدْسِ مِنْ قبِيلِ سوءِ الظَّنِّ المُحَرَّم.
الإِشكال الخامسُ: سلمْنَا أنَّ هذا مَذْهَبُ شيخ الأوزريِّ ابنِ مطير، فكيف يَنْسُبه السَّيِّدُ إلى طائِفَةِ المُحَدِّثين؟ وما الرابِطَةُ بين مذهب رَجُلٍ منْ بيت حسين، وبين مَذْهَبِ مَشَايخِ الحديث في جميع أقطارِ الإسلام؟
الإشكال السَّادسُ: سلَّمنا أنه يلزمُهُم
، فَقَد صرَّح السَّيِّدُ في كتابه أنَّه يغْلِبُ على ظَنِّهِ أنَّ مُحمَّدَ بنِ إبراهيم لا يَذْهَبُ إلى ذلك، فما معنى التَرسُّل عليه في مذْهَبٍ لم يَذْهَبْ إليه؟ وهل هذا إلا تَوسيعٌ لدَائِرَةِ الجِدَالِ، وتَمَحُّل في المِرَاء واللَّجَاجِ، وكان اللائِقُ أنَّ السيدَ يترسلُ في هذا على الأوزري الذي فَهِمَهُ مِنْه، فقد عاصَرهُ، وقرأ عليه. لكِنَّه لم تتَوفَّرِ الدَّواعي إلا على مُحمدِ بنِ إبراهيم، وإنْ كان الذَّنْبُ (1) لغيرِه، وما أحسنَ قَوْلَ بعضهم (2):
وحمَّلْتَني ذنبَ (3) امرىءٍ وتَرَكْتَه
…
كَذِي العُرِّ يُكْوَى غَيْرُهُ وهو رَاتِعُ
(1) في (ش): الدائرة.
(2)
هو النابغة الذبياني زياد بن معاوية، وهو في " ديوانه " ص 48، و" اللسان ":(عرر).
(3)
في (أ) و (ج): " داء "، ورواية الديوان:
حملت عليَّ ذنبه وتركته =
الإِشكال السابع: قال السيدُ: أمَّا هذا الفَصْلُ، فزعَمَ القائِل بِهِ أنَّ مُؤلِّفَ الصِّحَاحِ أَعْرَفُ النَّاسِ بهِ، وهذا (1) عجيبٌ، فإنَّ السيِّدَ قد أَقَرَّ أنََّهُ لمْ ينقُلْ هذا المذهبَ بالنصِّ، وإنَّما نقله بالفهْمِ والحدْسِ، فكيف نَسَبَ إليهم الاحتجاجَ عَلَى ذلكَ بِهذِهِ الحُجَّةَ الَّتي ذكرها، وزعم أنَّهم زعموها كما ذكر؟
الإشكال الثامن: أنَّ السَّيِّدَ وصف الأوزريَّ، ومدحه بأنَّه المُحَدِّثَ الضابِطَ، فكيف استحقَّ المدحَ على التَّحديِث (2) بهذِه الكُتُبِ والضبْطِ لَهَا، وهِي عند السيدِ مِنْ رِوايَة الكُفَّارِ والفُسَّاقِ المُصَرِّحِينَ، والمُحَدِّثُ بِهَا عنده رَاكنٌ إلى الظَّالمين، مُتَبعٌ سَبِيلَ المُفْسِدِين؟ ثُم إنَّ السيد قال: لا نُسَلِّم أنَّ أصحابَ الحديثِ أرادوا حَصْرَ الحديثِ الصَّحيحِ، وهذا عجيبٌ، فإنْ كانوا ما أرادوا ذلِكَ وكُنْتَ تَظُنُّ أنِّي لَمْ أَقُلْ بِهِ، فما ذَنبي حَتَّى تَرسَّلَ عليَّ في هذا؟ واللهُ المستعان.
قال: وأمَّا الفَصْلُ الأوَّلُ، وهو أن كل ما في هذه الكُتُبِ مِنْ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَهُو صحيح، ففيه مَوْضِعَان.
الأوَّل: في حِكَايَةِ المَذْهَبِ.
والثاني: في الدَليلَ.
أمَا الأوَّلُ، فقد ذَهَبَ قومٌ إلى أنَّ كُلَّ ما في هذه الكتُبِ مِنْ حديثِ
رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ صَحِيحٌ، وزَعَمُوا أنه إجماعُ، وهذا عِنْدَنا غيرُ
= والعُر -بضم العين-: القروح، قال ابن دريد: من رواه بالفتح فقط غلط، لأن الجرب لا يكوى منه.
(1)
في (ش): وهو.
(2)
في (ش): البحث.