الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأيُّ عَيْشِكِ إلَاّ وَهْوَ منتقِلٌ
…
وأيُّ شَمْلِكِ إلَاّ وهْوَ مُفْترِقُ
إلى آخرها، وقد قال في خُطبة كتابه: إنَّه لا يذكر مَنْ عَدَل عن مذاهبِ أسلافه، وروى نحو ذلك صاحبُ كتاب " الجامع الكافي " في مذهب الزيدية عن محمد بنِ منصورٍ عَنِ القاسم عليه السلام ُ كما سيأتي مبسوطاً، ويأتي تأويلُه عندهم بأنه (1) كان لا يقولُ بخلقِ القرآن، وسيأتي أن القاسِمَ عليه السلام كان مع ذلك يُعَظِّمُة، ويرضى عنه، ويترحَّمُ عليه.
وفي " الحدائِق الوردية في مناقب أئمة (2) الزيدية "(3) أن القاسِمَ كان مِنْ عُماله، وأنَّه كان يُقال: أَعْظِمْ بإمامٍ القاسم بنُ إبراهيم مِنْ عُمَّاله عليهم السلام أجمعين (4).
وبهذا تَعْرِفُ أنَّ الأوائِلَ مِنْ كُلِّ فرقةٍ كانوا على مذهب أئمة الأثَرِ، ولكن المتعصبين يتأوَّلون لأئِمتهم أحسن التَّأويل، ولأئِمة السُّنة أقبحَه، وبهذا تعرفُ عَصَبِية مَن فعل ذلك، فتأمَّلُه تجده كثيراً (5)، فالله المستعانُ.
التنبيه الثاني: ينبغي التأمُّلُ لَهُ، وذلك أنَّه قد يقع التَّساهلُ في نقل المذاهبِ مِنْ أهلِ كُتب المِلَلِ والنِّحَلِ
، وسببُ ذلك أنَّه قد يذهبُ بعضُ الناس إلى أنَّ الإلزامَ مذْهَبٌ، فَيُلْزِمُ خصمَه مذهباً لا يلتزمُه الخصمُ، ويعتقد لزومَه قطعاً، ويستحِلُّ بذلك (6) نسبتَه إلى خصمه مذهباً، وروايته
(1) في (ش): أنه.
(2)
ساقطة من (ش).
(3)
لمؤلفه حميد بن أحمد بن عبد الواحد المحلي اليمني الوادعي. توجد نسخة منه في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء. انظر " فهرس مخطوطات المكتبة الغربية " ص 661.
(4)
في (ب): سلام الله عليهم أجمعين.
(5)
في (ش): ذلك.
(6)
في (ب): لذلك.
عنه قولاً، وقد يُفرِّع على ذلك تكفيره وتكذيبَه ونحو ذلك، وقد فعل المعترضُ شيئاً كثيراً مِنْ ذلك، مثل روايته عَنِ الأشعرية جميعاً أنَّهم يذهبُون إلى القول بأنَّ الله تعالى يُثيبُ على معصيتِه، ويُعَاقِبُ على طاعته، وقد مضى بيانُ أنَّه ما ذهبَ أحدٌ إلى ذلك مِنَ المسلمين، ولا مِنَ المشركين، وإنَّما يلزم ذلك من يقول: إنَّ أفعال اللهِ سبحانه لا تُعَلَّلُ، وإنَّه لا داعي له سبحانه إلى شَيْءٍ منها، والقولُ بهذا قولُ طائِفَةٍ مِنْ غلاة متكلميهم، وقد أوَّلُوا كلامَهم، ولم يساعدوا (1) إلى هذا الِإلزام، وقالوا: هو (2) محال لاستلزامه المحالَ، وهو خلفُ وعدِه سبحانه (3)، وكذبُ خبره سبحانه (4) عن ذلك، وفي النَّاس من ينسِبُ إلى الطَّائفة العظيمةِ مذهبَ رجل مِنْ غُلاتهم، وإن رَدُّوا كلامه، وكَفَّروا قائِلَهُ كما فعل المعترضُ بنسبة تكليفِ ما لا يُطاق إلى أهلِ الحديث وطوائفِ أهل السُّنّةِ، وكما فعل في مسألة الأطفال وغيرِها، وسيأتي بيانُ ذلك.
ومِنَ النَّاس من يجمع بَيْنَ الأمرين، فيُلْزِمُ بعض الطَّائفة أمراً لم تقُلْ به، ثمَّ يتقوَّى لَهُ صِحَّةُ إلزامِه، فينسبه إليه (5) ثم ينسِبهُ إلى أهل مذهبه، وهذه جُرْأَةٌ عظيمةٌ، وذلك كما فعل ابنُ السيّد البطَلْيوسِي، فإنّه قال في كتابه " سقط الزند " (6): إنَّ المعتزلة تذهبُ إلى أنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ الغَيْبَ،
(1) في (ب): ولو ساعدوا.
(2)
في (ب): هذا.
(3)
في (ش): سبحانه عن ذلك.
(4)
في (ش): وكذبه تعالى.
(5)
" فينسبه إليه " ساقطة من (ش).
(6)
أي في " شرح سقط الزند "، فإن " سقط الزند " ديوان شعر لأبي العلاء المعري، وهو مطبوع ضمن شروح " سقط الزند "، قال ابن خَلِّكان: وهو أجودُ من شرح أبي العلاء صاحِب الديوان الذي سماه " ضوء السقط "، وليس هذا الشرح خاصاً بسقط الزند، بل ضم =