الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لازِم، ومِمَّن قال به: ابنُ الصَّلَاحِ، وحكى عن إجماع الفُقَهاءِ أنَّهم أفتوا مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأتهِ إنْ لم يَكُنْ ما بَيْن دَفَتَيْ " صحيح البخاري " قاله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّ امْرَأتهُ لا تَطْلُق (1).
أقول:
الجواب عَنِ السيِّدِ في هذا مِنْ وُجُوهٍ
.
الوجه الأول: أنَّهُ حَكى الخلَاف في هذِهِ المَسْألَةِ عَنِ ابْنِ الصَّلاحِ، وعَنْ بَعْضِ النَاسِ، ولم يحْكِ عَنِّي أنِّي خَالَفْتُ فيها، فما ذَنْبي حَتَّى يَتَرَسَّل عَلَيَّ في هذِهِ المسأَلَةِ؟ وَلَوْ أنَّه سلكَ في رسالته مسالكِ العلَمَاءِ، تصَبَرَ حتَّى يَقِفَ لي على نَصٍّ، فينقلُ نَصِّي في ذلِكَ، ثم يَنقُضُه بَعْدَ معرِفَتهِ.
الوجه الثاني: أنَّ السيدَ غَلِطَ على ابنِ الصَّلاحِ، ولم يَنْقُلْ عنه مَذْهَبَه
، ولا قرِيبَاً منهُ، فإنَّ السيِّدَ جَزَم بِكَلامِهِ عَنِ ابنِ الصَّلاح أنَّه يقولُ بِصِحَّةِ ما في هذِهِ الكتُبِ السَتَّةِ، وأنَّه يدَّعي إجماعَ الأمَّة على ذلِك، ولم يَقُلِ الرَّجُلُ بِذلِكَ، وقد نَصَّ في كتابه " علوم الحديث " على عكس ذلِك، فقال في كتابه " علوم الحديث ": إنَّ في " البخاري " ما ليس بصحيحٍ، بل قال: إنَّ كَوْنَ ذلِكَ فيه معلومٌ قطعاً بهذا الَّلفْظِ، وذكر مِن ذلك: حديث " الفَخِذَ عَوْرَةٌ "(2)، وحديث "الله أَحَقُ أَنْ يُسْتحيى
(1) انظر " مقدمة ابن الصلاح " ص 22 - 23.
(2)
حديث " الفخذ عورة " علقه البخاري في " صحيحه " 1/ 478 في الصلاة، باب (12) ما يُذكر في الفخذ، ولفظه: باب ما يذكر في الفخذ: ويروى عن ابن عباس، وجرهد، ومحمد بن جحش، عن النبي صلى الله عليه وسلم:" الفخذ عورة ".
قلت: وحديث ابن عباس وصله الترمذي (2798) و (2799)، والحاكم 4/ 181، وفي سنده أبو يحيى القتات، وهو ضعيف.
وحديث جرهد وصله الترمذي (2799)، وحسنه، وصححه ابن حبان (353)، والحاكم 4/ 108 مع أن في سنده مجهولاً. =
مِنْه " (1)، فإنَّ هذا قَطْعَاً ليْسَ مِنْ شرْطِهِ، ولهذا لم يُوردْه (2) الحُمَيْدِيُّ في " جمعه بين الصَّحيحين "، فاعلم ذلكَ، فإنَّهُ مُهِمٌ خافٍ (3). هذا لَفْظُ ابنِ الصلاحِ، وقد تَأَوَّل ابنُ الصَّلاح كلامَ مَنْ قالَ بصِحَّةِ جَمِيعِ ما في " البخاري " على المُراد بمقاصِدِ الكتَابِ وموضوعِهِ ومُتُونِ الأبواب بهذا اللفْظ. فالسيدُ نَصَّ على رجُلٍ واحدٍ مِنَ المحدِّثين، فانكشَفَ أنَّه يقولُ بعكس ما قالَ السيدُ، فكيف بمَنْ لَمْ يَنُصَّ عليه السيِّدُ؟
قال (4): وليت شعري، كيف كان هذا الإجماعُ؟ أكان بِأَنْ طافَ
= وحديث محمد بن جحش وصله أحمد 5/ 290، والبخاري في " التاريخ " 1/ 13، والحاكم في " المستدرك " 4/ 180 من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي كثير مولى محمد بن جحش عنه. قال الحافظ: رجاله رجال الصحيح غير أبي كثير مولى محمد بن جحش، روى عنه جماعة، لكن لم أجد فيه تصريحاً بتعديل. قلت: فمثله يكون حسن الحديث بنفسه، فكيف في الشواهد كما هنا.
وفي الباب عن علي رضي الله عنه عند أبي داود (3140)، وابن ماجه (1460)، والحاكم 4/ 180. وسنده ضعيف، وهذه الأحاديث يشد بعضها بعضاً، فتقوى وتصلح للاحتجاج.
(1)
علقه البخاري 1/ 385 باب: من اغتسل عُرياناً وحده في الخلوة، ومن تستر، فالتستر أفضل: وقال بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم:" الله أحق أن يستحيى من الناس ". وقد وصله أحمد في " مسنده " 3/ 5، وأبو داود (4017)، والترمذي (2796)، والنسائي في عشرة النساء كما في " التحفة " 8/ 428، وابن ماجه (1920) من طرق عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال:" احفظ عورتك إِلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك "، قلت: يا نبيَّ الله، أرأيت إذا كان القوم بعضهم في بعض، قال:" إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها "، قلت: يا رسول الله أرأيت إذا كان أحدنا خالياً، قال:" فاللهُ أحق أنْ يُستحيى منه من الناسِ ". وحسنه الترمذي، وهو كما قال، فإن بهز بن حكيم صدوق مشهور، وثقه غير واحد، ولينه بعضهم، وقال ابن عدي: أرجو أنَّه لا بأس به، ولم أر له حديثاً منكراً. وصححه الحاكم 4/ 179 - 180، ووافقه الذهبي.
(2)
في (ش): يروه.
(3)
انظر " علوم الحديث " ص 22 - 23.
(4)
في (ش): قال السيد.