الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيعْرِفُهَا غَيْرُك (1)، ألَا تَرى أنَّ المنصورَ بالله، والإمامَ يحيى بن حَمْزةَ، والقاضي زيداً (2)، وعبدَ اللهِ بن زيدٍ وغيرهم مِمَّنْ قَدَّمنا قَدِ ادَّعَوُا الإجْمَاع على قَبُول (3) المُتَأَوِّلين، ولم تَعْلَمْهُ أنت، ولم يلزم تكذيبُهم في دعواهم لعدَمِ عِلْمِك بِصِحَّة ما ادَّعَوا، وكذلِك هذا.
البحث السابع: أنَّك إمَّا أنْ تُنْكِر الإجماعَ السُّكُوتيَّ أم لا
، إنْ أنكرْتَهُ، لَزِمَكَ تأثيمُ أكثَرِ الأمَّة والأئِمَّةِ، فإنَّهم يقولون بصِحَّةِ الاحتجاج بِهِ (4)، وقد ذكره المنصورُ بالله عليه السلام في " الصَّفوة " وغيرُه من العلماء، وأَكثرُ الإجماعات المروِيةِ، أو كُلُّها لا تكون إلَاّ بِهِ، وإنْ لم تُنْكِرِ الإجماعَ السُّكُوتيَّ، فالظَّاهرُ مِنْ إجماعِ أَهْلِ البَيْتِ وشيعَتِهِمُ القَوْلُ بمَا قالَهُ الفُقَهاءْ مِنْ صِحَّةِ هذِهِ الكُتُب إلَاّ ما ظهرَ القدْحُ فيه، ولا بُدَّ مِنْ هذا الاستثناء عندهم (5) كما سوف نُبَيِّنُ ذلِك، وإنَّما قال: إنَّ الظَاهِرَ إجماعُهم عَلَى ذلِكَ، لَأنَّ الاحتجاج بصحيحِ هذِهِ الكُتُبِ ظاهِر في مُصَنَّفاتِهِم، شائعٌ في بِلَادِهِم.
(1)" ويعرفها غيرك " ساقطة من (ش).
(2)
في الأصول: " زيد "، و" القاضي زيد " ساقطة من (ش).
(3)
ساقطة من (ب).
(4)
الإجماع السكوتي: هو أن يقول بعض أهل الاجتهاد بقولٍ وينتشر ذلك في المجتهدين من أهل ذلك العصر، فيسكتون ولا يظهر منهم اعتراف ولا إنكار. وفيه مذاهب، أحدها: أنَّه ليس بإجماع، ولا حجة، والثاني: أنَّه إجماع وحجة بعد انقراض عصرهم.
والثالث: أنَّه ليس بإجماع، ولكنه حجة. انطر تفصيل المسألة في " المستصفي " 1/ 191 - 192، و" المحصول " 2/ 1/215 - 222، و" كشف الأسرار " 3/ 228، و" شرح مسلم الثبوت " 2/ 232 - 235، و" تيسير التحرير " 3/ 246 - 250، و" التقرير والتحبير " 3/ 101 - 106، و" نهاية السول " 3/ 294 - 297، و" إرشاد الفحول " ص 84 - 86، و" حاشية العطار على جمع الجوامع " 2/ 221 - 228.
(5)
في (ش): " عندهم وعند غيرهم ".
وقد رَوَى عنهمُ الإِمامُ أحمد بن سُليمانَ في " أصول الأحكام "، والمنصورُ بالله في كثيرٍ مِنْ مُصَنَّفَاتهِ، والأمير الحسين، وصاحِبُ " الكشَّافِ " وغيرُهم (1)، وشاع ذلِكَ وتكرَّرَ، فلم يُنْكَرْ على طول المُدَّةِ، فلا نعلمُ كَذِبَ منِ ادَّعى الإجماعَ السُّكُوتيَّ على ذلِكَ. وأقصى ما في الباب أَنْ يُنْقَلَ إنكارٌ لِذلِك مِنْ بعضِ العُلماءِ في بَعْض الأعصارِ، فذلِكَ النَّقْلُ في نَفْسِهِ ظَنِّيٌّ نادِرٌ، واعتبارُ القدحِ بالنَّادِرِ الظَّنيِّ في عصرٍ مخصوصٍ لا يقدَحُ في إجماعِ أَهْل عصرٍ آخر، فلا يُؤمنُ صِدْقُ مُدَّعي هذا الإجماعَ على اعتبارِ كثيرٍ مِنْ أهلِ العلم في الطَّريق إلى مَعْرِفَةِ الإجماعِ، وقد رأينا العُلمَاءَ والأئِمَّة يثْبِتونَ الإجماعَ السُّكُوتيَّ بِمِثْلِ هذا، وبِأَقَلَّ منْ هذا.
البحث الثامن: أقصى ما في الباب أنَّه ظهر للسَّيِّد غَلَطُ هذا (2) الرَّجُلِ الَّذي ادَّعى الإجماعَ، فقد يغلَطُ كثيرٌ مِنَ العْلماءِ في مِثْل ذلِكَ، ولا يكادُ يسْلمُ أحمدٌ مِمَّنْ يتعرَّضُ لدعوى الإجماعِ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ غالباً إلَاّ في الأمورِ المعلومَةِ المتواترَةِ، وقد تطابق علماءُ الاعتزالِ وكثيرٌ مِنَ الفُقهاءِ على دعوى القطع بأنَّ الصَّحابَةَ أجمعت على تقديم أبي بكرٍ في الخِلَافَةِ، وادَّعوُا القَطْعَ بأنَّ عليَّاً عليه السلام قال بذلك، فردَّ عليهمُ العُلماءُ ذلِكَ بالعبارات الحَسنةِ، ولم يُلْزِمُوهُم أنْ يكونوا (3) الصَّحابَةُ قد جُمِعُوا لهم في صعيد واحدٍ ونحو ذلك.
(1) في (ب): وغيرهم من.
(2)
ساقط من (ب).
(3)
كذا الأصل، وهو جار على حد قول الشاعر:
يلومونني في حُبِّ سالم إخوتي
…
وجلدة بين العين والأنف سالم
والمطرد في مثل هذا حذف الواو.