الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغيبَ، ومَا نُسِبَ إلى بعضِ كبارِ الأئمةِ من القولِ بأنَّ العرشَ هو الله، لأنَّه عبارةٌ عن الملكِ، والمُلكُ صفةٌ لله، والصفةُ هي الموصوفُ، وأمثالُ ذلك ممَّا لا تَحِلُّ نسبتُه إلى مسلمٍ من المسلمينَ، كيفَ إلى أئمةِ المسلمينَ، وأركانِ الدينِ؟ سلامُ الله عليهم. وبهذا ظَهَر الطعنُ عند أصحابِ أحمدَ بنِ حنبل وغيرِهم في أصلِ هذهِ الروايةِ عن أحمد، ثم عن أهلِ الحديثِ، والحمدُ لله (1).
الوجهُ الثاني: المعارضةُ لذلك بثناءِ الإمام المنصورِ بالله على أحمدَ
بنِ حنبل كما تقدَّمَ نصُّه عليه السلام على صحة (2) ولايتِه لهم، وذلكَ يَمْنَعُ من (3) أن يُكَفِّروة، ويُكَفِّرَهم، لأنَّ التكفيرَ أعظمُ العداوةِ، ويُؤيِّدُ ذلك ذكرُ أهلِ البيتِ لمذاهبِه (4)، وكذلكَ سائرُ العلماء، واعتدادُهم بخلافِهِ، وعدمُ انعقادٍ الإجماعِ دونَه. ولو كانَ عندَهم كافراً كما ذكرَ المُعْترِضُ، ما حفِظُوا مذاهبَهُ، وألْقَوْها في الدروسِ، كما لم يَفْعَلُوا ذلك
= وجاء في " الأعلام " للزركلي 5/ 171: القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل الحسني العلوي، أبو محمد، المعروف بالرسي (169 - 246 هـ): فقيه، شاعر، من أئمة الزيدية، وهو شقيق ابن طباطبا (محمد بن إبراهيم) كان يسكن جبال " قدس " من أطراف المدينة، وأعلن دعوته بعد موت أخيه (سنة 199 هـ) ومات في الرس (وهو جبل أسود بالقرب من ذي الحليفة على ستة أميال من المدينة) له 23 رسالة - خ في " الإمامة "، و" الرد على ابن المقفع - ط " مع ترجمة إلى الإيطالية، و" سياسة النفس "، و" العدل والتوحيد "، و" الناسخ والمنسوخ " وأمثال ذلك، ذكره المرزباني في الشعراء، ولم يشر إلى إمامته أو كتبه. وأورد له شعراً جيداً. منه أبيات آخرها:
إذا أكدى جنى وطنٍ
…
فلي في الأرضِ منعرج
وقال: من ولده حسين بن الحسن بن القاسم الزيدي صاحب اليمن.
(1)
في (ب): ولله الحمد.
(2)
" صحة " سقطت من (ش).
(3)
" من " سقطت من (ب) و (ش).
(4)
في (ب): لمذهبه.
في مذاهبِ الباطنيةِ ونحوِهم، وقد صرَّح بتنزيهِهِ من ذلكَ علاّمةُ المعتزلةِ عبدُ الحميدِ بنُ أبي الحديدِ في شرحِهِ " لنهجِ البلاغة " (1) فقال ما لفظُه: أمَّا (2) أحمدُ بنُ حنبل -رحمه اللهُ تعالى- فلَمْ يَثْبُتْ عَنه (3) تَشبيهٌ ولا تَجسيمٌ أصلاً، وإِنَّما كانَ يقولُ بتركِ التأويلِ فَقَط، ويُطْلِق ما أطلَقة الكِتابُ والسنةُ، ولا يَخُوضُ في تأويلهِ، ويقفُ على قوله تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّه} [آل عمران: 7]، وأَكثرُ المحققينَ من أصحابِهِ على هذا القول، انتهى بحروفه. وفيه الترحمُ عليه وتنزيهُ المحققينَ من أصحابِه أيضاًً عن ذلك. وهذه أصدقُ شَهادةٍ، وأبعدُ روايةٍ عن كلِّ رِيْبَةٍ، ذكرَهُ في النوعِ الثاني في الفصلِ الرابعِ من شَرحِ خُطبةِ عليٍّ عليه السلام التي (4) أولُها:" الحمدُ لله الذي بَطَنَ (5) خَفِيَّاتِ الأُمورِ، ودَلَّتْ عليهِ أعلامُ الظُّهورِ "، إلى قوله عليه السلام:" فَهُوَ الَّذِي يَشْهَدُ له أعلامُ الوجودِ على إِقْرارِ قلبِ ذي الجُحُودِ، تعالَى اللهُ عمَّا يقول المشَبِّهُونَ بهِ والجاحدونَ لَهُ عُلُوّاً كبيراً ".
وكذلك ذكر الشيخُ مختارٌ المعتزليُّ -في كتابِه " المُجتبى " في الكلامِ (6) في التكفيرِ-: أنَّ تكفيرَ المشبهةِ قولُ شيوخِ المعتزلة، إِلَّا أبا الحُسينِ، وأنَّ تكفيرَهُم قول أكثرِ أهلِ السنةِ والأشْعَريَّةِ، وهذا (7) معَ
(1) 3/ 229.
(2)
في (ب): فأما.
(3)
في (ش): عليه.
(4)
في (ش): " الذي "، وهو خطأ.
(5)
في (أ) و (ش): " نطق "، وهو تحريف.
(6)
" في الكلام " سقطت من (ب).
(7)
في (ش): فهذا.