الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَالْمُرَادُ بِتَفْطِيرِهِ أَنْ يُشْبِعَهُ.
وَمَنْ أَكَلَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْلٌ فَبَانَ نَهَارًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَكَذَا مَنْ جَامَعَ جَاهِلًا بِالرَّفَثِ أَوْ نَاسِيًا وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِذَا أَكْرَهَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ عَلَى الْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ يَحْمِلُ عَنْهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهَا وَهَلْ تَجِبُ كَفَّارَةُ الْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ لِإِفْسَادِ الصَّوْمِ الصَّحِيحِ أَوْ لِحُرْمَةِ الزَّمَانِ فِيهِ قَوْلَانِ الصَّوَابُ الثَّانِي.
[فَصْلٌ تَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِالصَّوْمِ عَمَّنْ لَا يُطِيقُهُ]
فَصْلٌ وَإِنْ تَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِالصَّوْمِ عَمَّنْ لَا يُطِيقُهُ لِكِبَرِهِ وَنَحْوِهِ أَوْ عَنْ مَيِّتٍ وَهُمَا مُعْسِرَانِ تَوَجَّهَ جَوَازُهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمُمَاثَلَةِ مِنْ الْمَالِ.
وَحَكَى الْقَاضِي فِي صَوْمِ النَّذْرِ فِي حَيَاةِ النَّاذِرِ نَحْوَ ذَلِكَ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ نَذْرٍ أَجْزَأَ الصَّوْمُ عَنْهُ بِلَا كَفَّارَةٍ، وَلَا يَقْضِي مُتَعَمِّدٌ بِلَا عُذْرٍ صَوْمًا وَلَا صَلَاةً وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ. وَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ الْمُجَامِعَ فِي رَمَضَانَ بِالْقَضَاءِ فَضَعِيفٌ لِعُدُولِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْهُ، وَإِذَا شَرَعَتْ الْمَرْأَةُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَجَبَ عَلَيْهَا إتْمَامُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِزَوْجِهَا تَفْطِيرُهَا، وَإِنْ أَمَرَهَا أَنْ تُؤَخِّرَ الْقَضَاءَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ كَانَ حَسَنًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ.
[فَصْلٌ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ]
فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَفِي بَعْضِهَا هُوَ كَصَوْمِ الدَّهْرِ، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ هَذَا حَصَلَ لَهُ أَجْرُ صِيَامِ الدَّهْرِ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْمَفْسَدَةِ وَصِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ.
فَلَوْ غُمَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ شَهِدَ بِرُؤْيَتِهِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، إمَّا لِانْفِرَادِهِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ لِكَوْنِهِ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ قَبُولُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَاسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى إكْمَالِ ذِي الْقَعْدَةِ فَصَوْمُ يَوْمِ التَّاسِعِ الَّذِي هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ جَائِزٌ بِلَا نِزَاعٍ، قُلْت وَلَكِنْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ عَنْ النَّخَعِيِّ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي الْحَضَرِ إذَا كَانَ فِيهِ اخْتِلَافٌ فَلَا يَصُومَنَّ، وَعَنْهُ قَالَ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بَأْسًا إلَّا أَنْ يَتَخَوَّفُوا أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الذَّبْحِ.
وَرُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ وَغَيْرِهِ مِنْ التَّابِعِينَ مِثْلُ ذَلِكَ وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ دُونَ التَّحْرِيمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا إنْ شَهِدَ بِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ مَنْ يَثْبُتُ الشَّهْرُ بِهِ لَكِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْحَاكِمُ إمَّا لِعُذْرٍ ظَاهِرٍ أَوْ لِتَقْصِيرٍ فِي أَمْرِهِ، فَأَقُولُ هَذِهِ الصُّورَةُ تُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُنْفَرِدِ بِهِلَالِ شَوَّالٍ هَلْ يُفْطِرُ عَمَلًا بِرُؤْيَتِهِ أَمْ لَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ النَّاسِ، فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَا يُفْطِرُ الْمُنْفَرِدُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ بَلْ يَصُومُ وَلَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ النَّاسِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا يُسْتَحَبُّ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلشَّاهِدِ الَّذِي لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ بِهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ.
وَمَنْ قَالَ فِي الشَّاهِدِ بِهِلَالِ شَوَّالٍ يُفْطِرُ سِرًّا قَالَ هُنَا إنَّهُ يُفْطِرُ وَلَا يَصُومُ لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ فِي حَقِّهِ، وَلَكِنْ لَا يُضَحِّي وَلَا يَقِفُ بِعَرَفَةَ بِذَلِكَ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُكْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَوَجَبَ صَوْمُهُ وَنُسِخَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا.
وَصَوْمُ الدَّهْرِ الصَّوَابُ قَوْلُ مَنْ جَعَلَهُ تَرْكًا لِلْأَوْلَى أَوْ كَرِهَهُ، وَمَنْ صَامَ رَجَبًا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَشْهُرِ أَثِمَ وَعُزِّرَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ فِعْلُ عُمَرُ، وَفِي تَحْرِيمِ إفْرَادِهِ وَجْهَانِ، وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَهُ كُلَّ سَنَةٍ أَفْطَرَ بَعْضَهُ وَقَضَاهُ وَفِي الْكَفَّارَةِ خِلَافٌ.
وَأَمَّا مَنْ صَامَ الْأَشْهُرَ الثَّلَاثَةَ «فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَصُومُ شَهْرًا كَامِلًا إلَّا شَهْرَ رَمَضَانَ، وَكَانَ يَصُومُ أَكْثَرَ شَعْبَانَ» وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ فِي رَجَبٍ شَيْءٌ، وَإِذَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ بَعْضَ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ كَانَ حَسَنًا، وَلَا يُكْرَهُ صَوْمُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَعْبَانَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ وَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ صَوْمِ أَعْيَادِ الْمُشْرِكِينَ وَلَا صَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَا قِيَامُ لَيْلَتِهَا، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِثَوَابِهِ عَلَى مَا فَعَلَهُ وَعِقَابُهُ عَلَى مَا تَرَكَهُ وَلَوْ كَانَ بَاطِلًا كَعَدَمِهِ لَمْ يُجْبَرْ بِالنَّوَافِلِ، وَالْبَاطِلُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ ضِدُّ الصَّحِيحِ فِي عُرْفِهِمْ، وَهُوَ مَا أَبْرَأَ الذِّمَّةَ، فَقَوْلُهُمْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَوْمُهُ لِمَنْ تَرَكَ رُكْنًا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا شَيْئًا فِي الْآخِرَةِ، وَقَالَ تَعَالَى:{وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] الْإِبْطَالُ هُوَ بُطْلَانُ الثَّوَابِ، وَلَا يُسَلَّمُ بُطْلَانُ جَمِيعِهِ بَلْ قَدْ