الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ الْمُثْبَتَةِ لِلْفَسْخِ]
فَصْلٌ
فِي الْعُيُوبِ الْمُثْبَتَةِ لِلْفَسْخِ وَالِاسْتِحَاضَةُ عَيْبٌ يَثْبُتُ بِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ بِهِ جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ فَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي فِي الرَّضَاعِ تَقْتَضِي أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ فِي الْحَالِ وَلَا يَنْتَظِرُ وَقْتَ إمْكَانِ الْوَطْءِ وَعَلَى قِيَاسِهِ الزَّوْجَةُ إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ عَقْلَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ لَا فَسْخَ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الْوَطْءِ فِي الْحَالِ وَإِذَا لَمْ يُقِرَّ بِالْعُنَّةِ وَلَمْ يُنْكِرْ أَوْ قَالَ لَسْت أَدْرِي أَعِنِّينٌ أَنَا أَمْ لَا.
فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الْعُنَّةَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ النُّكُولَ عَنْ الْجَوَابِ كَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنْ قُلْنَا يُحْبَسُ النَّاكِلُ عَنْ الْجَوَابِ فَالتَّأْجِيلُ أَيْسَرُ مِنْ الْحَبْسِ وَلَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْوَطْءَ قَبْلَ التَّأْجِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَجَّلَ هُنَا كَمَا لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِي الْعُنَّةِ، وَالسُّنَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي التَّأْجِيلِ هِيَ الْهِلَالِيَّةُ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ لَكِنَّ تَعْلِيلَهُمْ بِالْفُصُولِ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ لَكِنْ مَا بَيْنَهُمَا مُتَقَارِبٌ وَيُتَخَرَّجُ إذَا عَلِمَتْ بِعُنَّتِهِ أَوْ اخْتَارَتْ الْمَقَامَ مَعَهُ عَلَى عُسْرَتِهِ هَلْ لَهَا الْفَسْخُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَلَوْ خَرَجَ هَذَا فِي جَمِيعِ الْعُيُوبِ لَتَوَجَّهَ وَتُرَدُّ الْمَرْأَةُ بِكُلِّ عَيْبٍ يُنَفِّرُ عَنْ كَمَالِ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَوْ بَانَ الزَّوْجُ عَقِيمًا فَقِيَاسُ قَوْلِنَا بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمَرْأَةِ أَنَّ لَهَا حَقًّا فِي الْوَلَدِ وَلِهَذَا قُلْنَا لَا يُعْزَلُ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مَا يَقْتَضِيه.
وَرُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَيْضًا وَتَعْلِيلُ أَصْحَابِنَا تَوَقُّفُ الْفَسْخِ عَلَى الْحَاكِمِ بِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ إنْ أُرِيدَ كُلُّ خِيَارٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ قَوْمُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَاكِمِ فَخِيَارُ الْمُعْتَقَةِ يَجِبُ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَخِيَارُهَا بَعْدَ الثَّلَاثِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُمَا لَا يَتَوَقَّفَانِ عَلَى الْحَاكِمِ ثُمَّ خِيَارُ امْرَأَةِ الْمَجْبُوبِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْعُيُوبِ الَّتِي قَالَ: لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَاكِمِ وَلَا لِمَا يَعْنِي الِاعْتِذَارَ فَإِنَّ أَصْلَ خِيَارِ الْعَنَتِ الشَّرْطُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِ أَصْلِ خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ لِأَنَّ أَصْلَ خِيَارِ الْعَيْبِ ثُمَّ خِيَارَاتُ الْبَيْعِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَاكِمِ مَعَ الِاخْتِلَافِ وَالْوَاجِبُ أَوَّلًا التَّفْرِيقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ ثُمَّ لَوْ عَلَّلَ بِخَفَاءِ الْفَسْخِ وَظُهُورِهِ فَإِنَّ الْعُيُوبَ وَفَوَاتَ الشَّرْطِ قَدْ تَخْفَى وَقَدْ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا بِخِلَافِ إعْتَاقِ السَّيِّدِ لَكَانَ أَوْلَى مِنْ تَعْلِيلِهِ بِالِاخْتِلَافِ.
وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ الْفَسْخَ يَثْبُتُ بِتَرَاضِيهِمَا تَارَةً وَبِحُكْمِ الْحَاكِمِ أُخْرَى أَوْ بِمُجَرَّدِ فَسْخِ الْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ الْآخَرُ إنْ أَمْضَاهُ وَإِلَّا أَمْضَاهُ الْحَاكِمُ لَتَوَجَّهَ وَهُوَ الْأَقْوَى وَمَتَى أَذِنَ الْحَاكِمُ
أَوْ حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ مَأْذُونٍ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى حُكْمٍ بِصِحَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لَوْ عَقَدَ الْحَاكِمُ أَوْ فَسَخَ فَهُوَ فِعْلُهُ وَإِلَّا صَحَّ أَنَّهُ حَكَمَ وَإِذَا اُعْتُبِرَ تَفْرِيقُ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَوْضِعِ حَاكِمٌ، فَالْأَشْبَهُ أَنَّ لَهَا الِامْتِنَاعَ، وَكَذَلِكَ تَمْلِكُ الِانْتِقَالَ مِنْ مَنْزِلِهِ، فَإِنَّ مَنْ مَلَكَ الْفَسْخَ مَلَكَ الِامْتِنَاعَ مِنْ التَّسْلِيمِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَمْلِكَ النَّفَقَةَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهُ وَإِذَا أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ تَحْتَ عَبْدٍ ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ تَحْتَ حُرٍّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا لِمِلْكِهَا رِفْقَهَا وَبُضْعَهَا وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا دَوَامَ النِّكَاحِ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ فَرَضِيَتْ لَزِمَهَا ذَلِكَ وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَقْتَضِيه فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعِتْقُ بِشَرْطٍ.
ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ إذَا أَسْلَمَتْ الْأَمَةُ أَوْ ارْتَدَّتْ أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ يَفْسَخُ نِكَاحَهَا إرْضَاعُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ الْمَهْرُ وَجَعَلَهُ أَصْلًا قَائِمًا عَلَيْهِ مَا إذَا أَعْتَقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَاخْتَارَتْ الْفِرَاقَ مَعَهُ أَنَّ الْمَهْرَ يَسْقُطُ عَلَى رِوَايَةٍ لَنَا. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَالتَّنْصِيفُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِسْلَامِ وَنَظَائِرِهَا أَوْلَى فَإِنَّهَا إنَّمَا فُسِخَتْ لِإِعْتَاقِهِ لَهَا فَالْإِعْتَاقُ سَبَبٌ لِلْفَسْخِ وَمَنْ أَتْلَفَ حَقَّهُ مُتَسَبِّبًا سَقَطَ وَإِنْ كَانَ الْمُبَاشِرُ غَيْرَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ مِنْ الْغَيْرِ فَإِذَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ بِالتَّنْصِيفِ فَالرِّدَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالرَّضَاعُ أَوْلَى بِلَا شَكٍّ وَإِذَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى الزَّوْجِ بِالْمَرْأَةِ وَفَوَاتِ صِفَةٍ أَوْ شَرْطٍ صَحِيحٍ أَوْ بَاطِلٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ الْمُسَمَّى بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ وَهَذَا النَّقْصُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَوْ لَمْ يُسَلِّمْ لَهَا مَا شَرَطَتْهُ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَعِيبًا فَيُقَالُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَإِذَا أَسْلَمَ لَهَا ذَلِكَ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ سَلِيمًا فَيُقَالُ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ فَوَاتُ الصِّفَةِ وَالْعَيْبِ قَدْ صَارَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ الْخُمُسُ فَيَنْقُصُهَا مِنْ الْمُسَمَّى بِحَسَبِ ذَلِكَ فَيَكُونُ بِقِيمَتِهِ مَالٌ ذَهَبَ مِنْهُ فَيُزَادُ عَلَيْهِ مِثْلُ رُبْعِهِ فَإِذَا كَانَ أَلْفَيْنِ اسْتَحَقَّ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةٍ وَهَذَا هُوَ الْمَهْرُ الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَعِيبًا أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ صِفَةً وَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ الْمَغْرُورُ بِالصَّدَاقِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ الْوَلِيِّ فِي أَصَحِّ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ.