الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الْقِسْمَةِ]
ِ وَمَا لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ عَيْنِهِ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ بَيْعَهُ بِيعَ وَقُسِمَ ثَمَنُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ فَيُقَالُ عَلَى هَذَا إذَا وَقَفَ قِسْطًا مَشَاعًا مِمَّا لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ عَيْنِهِ فَأَنْتُمْ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إمَّا بَيْعُ النَّصِيبِ الْمَوْقُوفِ وَإِمَّا إبْقَاءُ شَرِكَةٍ لَازِمَةٍ وَجَوَابُهُ إمَّا الْفَرْقُ أَوْ إمَّا الِالْتِزَامُ أَمَّا الْفَرْقُ فَيُقَالُ الْوَقْفُ مَنَعَ مِنْ نَقْلِ الْمِلْكِ فِي الْعَيْنِ فَلَا ضَرَرَ فِي شَرِكَةِ عَيْنِهِ وَأَمَّا الشَّرِكَةُ فِي الْمَنَافِعِ فَيَزُولُ بِالْمُحَابَاةِ أَوْ الْمُؤَاجَرَةِ عَلَيْهِمَا، وَالِالْتِزَامُ أَنْ يَجُوزَ مِثْلُ هَذَا أَوْ جَعَلَ الْوَقْفَ مُفْرِزًا تَقْدِيمًا لِحَقِّ الشَّرِيكِ كَمَا لَوْ طَلَبَ قِسْمَةَ الْعَيْنِ وَأَمْكَنَ فَإِنَّا نُقَدِّمُ حَقَّ الْإِقْرَارِ عَلَى حَقِّ الْوَقْفِ وَمَنْ قَالَ هَذَا فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ: بِقَسْمِ الْوَقْفِ.
وَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعُ ضَرُورَةٍ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى بَيْعِ الشَّائِعَةِ فِي الْوَقْفِ وَالِاعْتِيَاضِ عَنْهَا وَمَنْ تَأَمَّلَ الضَّرَرَ النَّاشِئَ مِنْ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَمْوَالِ الْمَوْقُوفَةِ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ هَذَا وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْإِجَارَةَ أُجْبِرَ الْآخَرُ مَعَهُ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي الْوَقْفِ.
وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمْ الْعُلُوَّ لَمْ يَجِبْ بَلْ يُكْرِي عَلَيْهِمَا عَلَى مَذْهَبِ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الشَّرِيكِ أَنْ يُؤَاجِرَ مَعَ صَاحِبِهِ فَأَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ مُدَّةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ فَالْمُسْتَأْجِرُ رَضِيَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا، وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ كُلُّ مَنْ اكْتَرَى مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَلْزَمُ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الْمُحَابَاةَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَفْسَخَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الدَّوْرُ وَيَسْتَوْفِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقَّهُ مِنْهُ وَلَوْ اسْتَوْفَى أَحَدُهُمَا نَوْبَتَهُ ثُمَّ تَلِفَتْ الْمَنَافِعُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِبَدَلِ حِصَّتِهِ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَوْفَاهَا مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ رَضِيَ بِمَنْفَعَةِ الرَّهْنِ الْمُتَأَخِّرِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَأَنْ جَعَلَا التَّالِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالتَّالِفِ فِي الْإِجَارَةِ وَسَوَاءٌ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ أَوْ بَيْعٌ فَإِنَّ الْمُعَادَلَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِيهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَلِهَذَا يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْبَيْعِ وَالتَّدْلِيسِ.
وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا أَشْجَارٌ فِيهَا الثَّمَرَةُ أَوْ أَغْنَامٌ فِيهَا اللَّبَنُ أَوْ الصُّوفُ فَهُوَ كَاقْتِسَامِ الْمَاءِ الْحَادِثِ وَالْمَنَافِعِ الْحَادِثَةِ وَجِمَاعُ ذَلِكَ انْقِسَامُ الْمَعْدُومِ لَكِنْ لَوْ نَقَصَ الْحَادِثُ
الْمُعْتَادُ فَلِلْآخَرِ الْفَسْخُ قَالَ الْقَاضِي رَأَيْت فِي تَعْلِيقِ أَبِي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ فِي قَوْمٍ بَيْنَهُمْ كُرُومٌ فِيهَا ثَمَرَةٌ لَمْ تَبْلُغْ مِثْلَيْ الْحِصْرِمِ فَأَرَادُوا قِسْمَتَهَا فَقَالَ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهَا وَفِيهَا غَلَّةٌ لَمْ تُقْلَعْ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِالْقِيمَةِ الْقِسْمَةُ كَالْبَيْعِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَذَلِكَ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هَذَا مِنْ ابْنِ بَطَّةَ يَقْتَضِي أَنَّ بَيْعَ الشَّجَرِ الَّذِي عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لَمْ تَبْلُغْ لَا يَصِحُّ لِتَضَمُّنِهِ بَيْعَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَخِلَافُ قَوْلِهِ مَنْ بَاعَ ثَمَرَةً قَدْ أَبْرَأَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحِصْرِمَ إذَا بَلَغَ جَازَتْ الْقِسْمَةُ مَعَ أَنَّهَا إنَّمَا تُقْسَمُ خَرْصًا كَأَنَّهُ بَيْعُ شَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ وَعَلَى قِيَاسِهِ يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ نَخْلَةٍ ذَاتٍ رُطَبٍ بِنَخْلَةٍ ذَاتِ رُطَبٍ لِأَنَّ الرِّبَوِيَّ تَابِعٌ وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ فِيمَا يُقْسَمُ لَزِمَ الْحَاكِمَ إجَابَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ كَبَيْعِ الْمَرْهُونِ وَالْجَانِي وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي بَيْعِ مَا لَا يَنْقَسِمُ وَقُسِمَ ثَمَنُهُ أَمْ فِيمَا يَثْبُتُ عِنْدَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَمَا لَا يَثْبُتُ كَجَمِيعِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُبَاعُ وَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَوْ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا خِلْفَةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا هَلْ يُزَوِّجُهَا بِلَا بَيِّنَةٍ.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ فِيمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِسَهْمٍ مِنْ ضَيْعَةٍ بِيَدِ قَوْمٍ بُعْدًا مِنْهُ تُقْسَمُ عَلَيْهِمْ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ حَقُّهُ فَقَدْ أَمَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْحَاكِمَ أَنْ يَقْسِمَ عَلَى الْغَائِبِ إذَا طَلَبَ الْحَاضِرُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مِلْكُ الْغَائِبِ.
وَالْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ الْمُتَسَاوِيَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذَا قُسِمَتْ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى قُرْعَةٍ، نَعَمْ الِابْتِدَاءُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِالْقُرْعَةِ ثُمَّ إذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ فَهَلْ يُوَفَّى جَمِيعَ حَقِّهِ أَوْ بِقَدْرِ نَصِيبِ الْأَقَلِّ. الْأَوْجَهُ أَنْ يُوَفَّى الْجَمِيعَ كَمَا يُوَفَّى مِثْلُهُ فِي الْعَقَارِ بَيْنَ أَنْصِبَائِهِ لِأَنَّ عَلَيْهِ فِي التَّفْرِيقِ ضَرَرًا وَحَقُّهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْحُكُومَاتِ فَإِنَّ الْخَصْمَ لَا يَقْدَمُ إلَّا بِوَاحِدَةٍ لِعَدَمِ ارْتِبَاطِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ نَعَمْ إنْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقٍ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ وَرِثَ ثُلُثَ صُبْرَةٍ وَابْتَاعَ ثُلُثَهَا فَهُنَا يُتَوَجَّهُ وَجْهَانِ وَإِذَا تَهَايَأَ فَلَّاحُو الْقَرْيَةِ الْأَرْضَ وَزَرَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ فَالزَّرْعُ لَهُ؛ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ نَصِيبُهُ إلَّا مَنْ نَزَلَ مِنْ نَصِيبِ مَالِكٍ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْفَضِيلَةِ أَوْ