الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَلْ مَعْنَى الْقَوْلِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا وَاحِدٌ قَالَ أَبُو طَالِبٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعِلْمُ شَهَادَةٌ وَزَادَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] وَقَالَ وَمَا شَهِدْنَا إلَّا بِمَا عَلِمْنَا، وَقَالَ الْمَرْوَزِيِّ أَظُنُّ أَنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ هَذَا جَهْلٌ أَقُولُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَشْهَدُ أَنَّهَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَلَا أَعْلَمُ نَصًّا يُخَالِفُ هَذَا وَلَا يُعْرَفُ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ اشْتِرَاطُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْغَرِيمِ إلَى الْآنَ بَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ سَبْقُ الْحَقِّ إجْمَاعًا، وَيَعْرِضُ فِي الشَّهَادَةِ إذَا خَافَ الشَّاهِدُ مِنْ إظْهَارِ الْبَاطِنِ ظُلْمَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ التَّعْرِيضُ فِي الْحُكْمِ إذَا خَافَ الْحَاكِمُ مِنْ إظْهَارِ الْأَمْرِ وُقُوعَ الظُّلْمِ، وَكَذَلِكَ التَّعْرِيضُ فِي الْفَتْوَى، وَالرِّوَايَةُ كَالْيَمِينِ وَأَوْلَى إذْ الْيَمِينُ خَبَرٌ وَزِيَادَةٌ
[فَصْلٌ الْحُكْمَ بِالشَّاهِدِ فِي الْأَمْوَالِ]
فَصْلٌ: قِصَّةُ أَبِي قَتَادَةَ وَخُزَيْمَةَ تَقْتَضِي الْحُكْمَ بِالشَّاهِدِ فِي الْأَمْوَالِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ الْحُكْمُ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ غَيْرُ مُتَّبَعٍ، كَمَا قَالَهُ الْمُخَالِفُ فِي الْهِلَالِ فِي الْغَيْمِ، وَفِي الْقَابِلَةِ عَلَى أَنَّا لَا نَعْرِفُ الرِّوَايَةَ بِمَنْعِ الْجَوَازِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَقَدْ يُقَالُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ حَقٌّ لِلْمُسْتَحْلِفِ وَلِلْإِمَامِ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَهَا، وَهَذَا أَحْسَنُ وَيُعْتَبَرُ فِي شَهَادَةِ الْإِعْسَارِ بَعْدَ الْيَسَارِ ثَلَاثَةٌ وَفِي حِلِّ الْمَسْأَلَةِ، وَفِي دَفْعِ الْغُرَمَاءِ، وَكَلَامُ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ يَحْكُمُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ فِي الْأَمْوَالِ لَكَانَ مُتَوَجِّهًا لِأَنَّهُمَا أُقِيمَا مُقَامَ الرَّجُلِ فِي التَّحَمُّلِ، وَتَثْبُتُ الْوَكَالَةُ وَلَوْ فِي الرَّضَاعِ فَإِنَّ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمَرْأَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ فَنَهَاهُ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ مِنْ الْمَرْأَةِ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الرَّضَاعِ فَلَوْلَا أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالشَّهَادَةِ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ مَا صَحَّتْ الْحُجَّةُ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ يُسَوِّغُ إلَى الْحَاكِمِ الثَّانِي أَنْ يُنَفِّذَهُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِمَذْهَبِهِ.
وَشَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ بَعْدَ الْحُكْمِ فِيمَا لَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ فَهُنَا قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ التَّعْزِيرُ، وَأَمَّا إذَا تَابَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ فِيمَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ فَهُنَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ ثُمَّ تَارَةً يَجِيءُ إلَى الْإِمَامِ تَائِبًا، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ إذَا تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَتَارَةً يَتُوبُ بَعْدَ ظُهُورِ تَزْوِيرِهِ فَهُنَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ التَّعْزِيرُ، وَمَنْ شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ شَهَادَةً تُنَافِي شَهَادَتَهُ الْأُولَى فَكَرُجُوعِهِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَأَوْلَى.
وَأَفْتَى أَبُو الْعَبَّاسِ فِي شَاهِدٍ قَاسَ بِكَذَا وَكَتَبَ خَطَّهُ بِالصِّحَّةِ فَاسْتَخْرَجَ الْوَكِيلُ عَلَى حُكْمِهِ ثُمَّ قَاسَ وَكَتَبَ خَطَّهُ بِزِيَادَةٍ فَغَرِمَ الْوَكِيلُ الزِّيَادَةَ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: يَغْرَمُ الشَّاهِدُ مَا غَرِمَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الزِّيَادَةِ بِسَبَبِهِ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ أَوْ أَخْطَأَ كَالرُّجُوعِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.