الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ الْمَاءُ فِي الطَّهَارَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْكُوبُ، وَالزَّادُ فِي الْحَجِّ، وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ شَيْءٌ كَثِيرٌ وَفِيهِ نَوْعُ مَشَقَّةٍ.
وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا لَطِيفًا أَرْسَلَهُ عَلَى كَتِفِهِ وَعَجُزِهِ وَصَلَّى جَالِسًا، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَوْ اتَّزَرَ بِهِ وَصَلَّى قَائِمًا.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ وَيُصَلِّي جَالِسًا وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَوْلُ الْقَاضِي ضَعِيفٌ وَلَوْ صَلَّى عَلَى رَاحِلَةٍ مَغْصُوبَةٍ فَهُوَ كَالْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، وَإِنْ صَلَّى عَلَى فِرَاشٍ مَغْصُوبٍ فَوَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا الْبُطْلَانُ، وَلَوْ غَصَبَ مَسْجِدًا وَغَيْرَهُ بِأَنْ حَوَّلَهُ عَنْ كَوْنِهِ مَسْجِدًا بِدَعْوَى مِلْكِهِ أَوْ وَقَفَهُ عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ فِيهِ، وَإِنْ أَبْقَاهُ مَسْجِدًا، وَمَنَعَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِيهِ وَجْهَانِ، اخْتَارَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الصِّحَّةَ، وَالْأَقْوَى الْبُطْلَانُ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ ضَمَانُهُ.
وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْعُرْيَانُ ثَوْبًا وَلَا حَشِيشًا، وَلَكِنْ وَجَدَ طِينًا لَزِمَهُ الِاسْتِتَارُ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ الْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَنَاثَرُ وَلَا يَبْقَى، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَتِرَ بِحَائِطٍ، أَوْ شَجَرَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَ.
وَتُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ بِالنَّعْلِ، وَقَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَالْعَبْدُ الْآبِقُ لَا يَصِحُّ نَفْلُهُ، وَيَصِحُّ فَرْضُهُ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ، وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ، وَبُطْلَانُ فَرْضِهِ قَوِيٌّ أَيْضًا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَرْفُوعًا، وَيَنْبَغِي قَبُولُ صَلَاتِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِقَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ أَخْذُ الزِّينَةِ، فَقَالَ:«خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ» فَعَلَّقَ الْأَمْرَ بِاسْمِ الزِّينَةِ لَا بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ إيذَانًا بِأَنَّ الْعَبْدَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَلْبَسَ أَزْيَنَ ثِيَابِهِ وَأَجْمَلَهَا فِي الصَّلَاةِ.
[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ]
ِ وُجُوبُ تَطْهِيرِ الْبَدَنِ مِنْ الْخَبَثِ يُحْتَجُّ عَلَيْهِ بِأَحَادِيثِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَحَدِيثِ التَّنَزُّهِ مِنْ الْبَوْلِ، وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «حُتِّيهِ، ثُمَّ اُقْرُصِيهِ، ثُمَّ انْضَحِيهِ بِالْمَاءِ ثُمَّ صَلِّي فِيهِ» مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ وَغَيْرِهَا، وَبِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي «دَلْكِ النَّعْلَيْنِ بِالتُّرَابِ ثُمَّ الصَّلَاةِ فِيهِمَا» ،
وَطَهَارَةُ الْبُقْعَةِ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ: «إنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ» وَأَمْرُهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى الْبَوْلِ.
وَمَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ مَقْصُودُهُ اجْتِنَابَ الْمَحْظُورِ إذَا فَعَلَهُ مُخْطِئًا أَوْ نَاسِيًا لَا تَبْطُلُ الْعِبَادَةُ بِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ " وَالْآمِدِيُّ، أَنَّ النَّاسِيَ يُعِيدُ رِوَايَةً وَاحِدَةً عَنْ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ، وَإِنَّمَا الرِّوَايَتَانِ فِي الْجَاهِلِ وَالرِّوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْجَاهِلِ بِالنَّجَاسَةِ، فَأَمَّا النَّاسِي فَلَيْسَ عَنْهُ نَصٌّ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الطَّرِيقَانِ.
وَالنَّهْيُ عَنْ قُرْبَانِ الْمَسْجِدِ لِمَنْ أَكَلَ الثُّومَ، وَنَحْوَهُ عَامٌّ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي الْمَقْبَرَةِ وَلَا إلَيْهَا، وَالنَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ سَدٌّ لِذَرِيعَةِ الشِّرْكِ، وَذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْقَبْرَ وَالْقَبْرَيْنِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ اسْمَ الْمَقْبَرَةِ، وَإِنَّمَا الْمَقْبَرَةُ ثَلَاثَةُ قُبُورٍ فَصَاعِدًا. وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ هَذَا الْفَرْقُ، بَلْ عُمُومُ كَلَامِهِمْ وَتَعْلِيلِهِمْ وَاسْتِدْلَالِهِمْ يُوجِبُ مَنْعَ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ الْقُبُورِ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ وَالْمَقْبَرَةُ كُلُّ مَا قُبِرَ فِيهِ. لَا أَنَّهُ جَمْعُ قَبْرٍ.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا: وَكُلُّ مَا دَخَلَ فِي اسْمِ الْمَقْبَرَةِ مِمَّا حَوْلَ الْقُبُورِ لَا يُصَلَّى فِيهِ فَهَذَا يُعَيِّنُ أَنَّ الْمَنْعَ يَكُونُ مَتْنًا، وَلَا لِحُرْمَةِ الْقَبْرِ الْمُنْفَرِدِ وَفِنَائِهِ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ، أَيْ الْمَسْجِدِ الَّذِي قِبْلَتُهُ إلَى الْقَبْرِ، حَتَّى يَكُونَ بَيْنَ الْحَائِطِ وَبَيْنَ الْمَقْبَرَةِ حَائِلٌ آخَرُ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي الْحَشِّ وَلَا إلَيْهِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَشُّ فِي ظَاهِرِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ أَوْ بَاطِنِهِ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ الْحَشِّ وَنَحْوِهِ حَائِلٌ، مِثْلُ جِدَارِ الْمَسْجِدِ لَمْ يُكْرَهْ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ السَّلَفِ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَالْمَذْهَبُ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ كَرَاهَةُ دُخُولِ الْكَنِيسَةِ الْمُصَوَّرَةِ، فَالصَّلَاةُ فِيهَا وَفِي كُلِّ مَكَان فِيهِ تَصَاوِيرُ أَشَدُّ كَرَاهَةً وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَا شَكَّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْآمِدِيِّ، وَأَبِي الْوَفَاءِ بْنِ عَقِيلٍ: أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي أَرْضِ