الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ مُوَكِّلِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ كَانَ الْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ وَالْمَوْلَى عَلَيْهِ وَلَوْ نَوَى شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الشِّرَاءِ وَلَيْسَ كَالْغَصْبِ لَكِنْ لَوْ نَوَى أَنْ يَقَعَ الْمِلْكُ لَهُ وَهَذِهِ نِيَّةٌ مُحَرَّمَةٌ فَتَقَعُ بَاطِلَةً، وَيَصِيرُ كَأَنَّ الْعَقْدَ عَرِيَ عَنْهَا إذَا كَانَ يُرِيدُ النَّقْدَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ أَوْ الْمُوَكِّلِ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي تَعَالِيقِهِ الْقَدِيمَةِ حَدِيثُ عُرْوَةَ فِي شِرَاءِ الشَّاةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ فِي شِرَاءٍ مَعْلُومٍ بِمَعْلُومٍ إذَا اشْتَرَى بِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُقَدَّرِ جَازَ لَهُ بَيْعُ الْفَاضِلِ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ مَنْقُولٌ كَذَا حَسِبَهُ فِي كَفَالَةِ الْكَافِي.
قُلْت: مَا قَالَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ مِنْ النَّقْلِ فَصَحِيحٌ، قَالَ صَاحِبُ " الْكَافِي " ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ صِحَّةُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ عَنْ عُرْوَةَ وَلَكِنْ ذَكَرَهُ فِي وَكَالَةِ الْكَافِي فَنَسَبَ الْعِلْمَ لِأَبِي الْعَبَّاسِ فَكَتَبَ كَفَالَةَ الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ الِاشْتِرَاكُ فِي مُجَرَّدِ الْمِلْكِ بِالْعَقْدِ]
ِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَقَارٌ فَيُشَيِّعَانِهِ أَوْ يَتَعَاقَدُ عَلَى أَنَّ الْمَالَ الَّذِي لَهُمَا الْمَعْرُوفَ بِهِمَا بَيْنَهُمَا يَكُونُ نِصْفَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مَعَ تَسَاوِي مِلْكِهِمَا فِيهِ فَجَوَازُهُ مُتَوَجِّهٌ، لَكِنْ يَكُونُ قِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الشَّرِكَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا، كَمَا أَنَّ الْقِسْمَةَ لَيْسَتْ بَيْعًا وَلَا نَفَقَةً لِلْمُضَارِبِ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ، فَإِنْ شُرِطَتْ مُطْلَقًا فَلَهُ نَفَقَةُ مِثْلِ طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، وَقَدْ يُخَرَّجُ لَنَا أَنَّ لِلْمُضَارِبِ فِي السَّفَرِ الزِّيَادَةَ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ كَمَا قُلْنَا فِي الْوَلِيِّ إذَا جَحَدَ الصَّبِيَّ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا احْتَاجَ إلَيْهَا لِأَجْلِ الْمَالِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَيْضًا يَتَوَجَّهُ فِيهَا مَا قُلْنَاهُ فِي نَفْعِهِ فِي الصَّبِيِّ إذَا أَحَجَّهُ الْوَلِيُّ هَلْ يَكُونُ الزَّائِدُ فِيهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ أَوْ مَالِ الْوَلِيِّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَذَلِكَ، وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ أَصْلِنَا صِحَّةُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْعُقُودِ وَإِنْ تَخْتَلِطْ الْأَعْيَانُ، كَمَا تَصِحُّ الْأَقْسَامُ بِالْمُحَاسَبَةِ وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الْأَعْيَانُ.
وَلَوْ دَفَعَ دَابَّتَهُ أَوْ نَخْلَةً إلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ وَلَهُ جُزْءٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ صَحَّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَيَجُوزُ قِسْمَةُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةٍ أَوْ ذِمَمٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، فَإِنْ تَكَافَأَتْ الذِّمَمُ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ فِي الْحَوَالَةِ عَلَى وَلِيٍّ وُجُوبُهَا وَلَوْ كَتَبَ
رَبُّ الْمَالِ لِلْجَابِي وَالسِّمْسَارِ وَرَقَةً لِيُسَلِّمَهَا إلَى الصَّبِيِّ فِي الْمُتَسَلَّمِ مَالُهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ حَتَّى يَقْتَصَّ مِنْهُ، فَخَالَفَ ضَمِنَ لِتَفْرِيطِهِ، وَيُصَدَّقُ الصَّبِيُّ مَعَ يَمِينِهِ وَالْوَرَقَةُ شَاهِدَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ، وَتَصِحُّ شَرِكَةُ الشُّهُودِ، وَلِلشَّاهِدِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ إنْ كَانَ الْجُعْلُ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى شَهَادَتِهِ بِعَيْنِهِ فَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ، وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُكْرِهَهُمْ لِأَنَّ لَهُ نَظَرًا فِي الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنْ اشْتَرَكُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا حَصَّلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ بِحَيْثُ إذَا كَتَبَ أَحَدُهُمْ وَشَهِدَ شَارَكَهُ الْآخَرُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فَهِيَ شَرِكَةُ الْأَبَدَانِ تَجُوزُ بِحَيْثُ تَجُوزُ بِهِ الْوَكَالَةُ وَأَمَّا حَيْثُ لَا تَجُوزُ فَفِيهِ وَجْهَانِ، كَشَرِكَةِ الدَّلَّالِينَ.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِهَا فَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَأْخُذُ الثَّوْبَ لِيَبِيعَهُ فَيَدْفَعَهُ إلَى الْآخَرِ يَبِيعُهُ وَيُنَاصِفُهُ فِيمَا يَأْخُذُ مِنْ الْكِرَاءِ، لِلَّذِي بَاعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَشْتَرِكَانِ فِيمَا أَصَابَا، وَوَجْهُ صِحَّتِهَا أَنَّ بَيْعَ الدَّلَّالِ وَشِرَاءَهُ بِمَنْزِلَةِ خِيَاطَةِ الْخَيَّاطِ وَتِجَارَةِ التُّجَّارِ وَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ الْمُشْتَرِكِينَ. وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَنِيبَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ وَمَأْخَذُ مَنْ مَنَعَ أَنَّ الدَّلَالَةَ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ، وَسَائِرُ الصِّنَاعَاتِ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي شَرِكَةِ الدَّلَّالِينَ الَّتِي فِيهَا عَقْدٌ.
فَأَمَّا مُجَرَّدُ النِّدَاءِ وَالْعَرْضِ وَإِحْضَارِ الدُّيُونِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ، وَتَسْلِيمِ الْأَمْوَالِ إلَى الدَّلَّالِينَ مَعَ الْعِلْمِ بِاشْتِرَاكِهِمْ إذْنٌ لِهُمْ وَلَوْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَخَذَهُ وَلَمْ يُعْطِ غَيْرَهُ وَاشْتَرَكَا فِي الْكَسْبِ جَازَ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ، وَمُوجِبُ الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ، وَأَمَّا بِإِعْطَائِهِ زِيَادَةً فِي الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ عَمَلٍ. وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَشْتَرِطُوا لَهُ زِيَادَةً جَازَ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ الْمَنْعُ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ فِي شَرِكَةِ الْأَبَدَانِ وَالْوُجُوهِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُشْرَعُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَالرِّبْحُ الْحَاصِلُ مِنْ مَالٍ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ فِي التِّجَارَةِ فِيهِ، فَقِيلَ هُوَ لِلْمَالِكِ فَقَطْ كَنَمَاءِ الْأَعْنَابِ، وَقِيلَ لِلْعَامِلِ فَقَطْ لِأَنَّ عَلَيْهِ الضَّمَانَ، وَقِيلَ يَتَصَدَّقَانِ بِهِ لِأَنَّهُ رِبْحٌ خَبِيثٌ.
وَقِيلَ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ النَّفْعَيْنِ بِحَسَبِ مَعْرِفَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَهُوَ أَصَحُّهَا، وَبِهِ حَكَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إلَّا أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعُدْوَانِ. مِثْلُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ مَالُ نَفْسِهِ فَتَبَيَّنَ مَالَ غَيْرِهِ، فَهُنَا يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ بِلَا رَيْبٍ.
وَذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ فَهُنَا يُتَوَجَّهُ