الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى بَعْرِ فَأْرَةٍ، وَنَحْوِهَا فِي الْأَطْعِمَةِ، وَغَيْرِهَا، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَلَوْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَةُ طِينِ الشَّارِعِ عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، وَمَا تَطَايَرَ مِنْ غُبَارِ السِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ يُمْكِنْ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، عُفِيَ عَنْهُ، وَإِذَا قُلْنَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ النَّبِيذِ الْمُخْتَلِفِ فِيهِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِيهِ، فَالْخِلَافُ فِي الْكَلْبِ أَظْهَرُ وَأَقْوَى، فَعَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَتِهِ وَإِذَا أَكَلَتْ الْهِرَّةُ فَأْرَةً وَنَحْوَهَا فَإِذَا طَالَ الْفَصْلُ طَهُرَ فَمُهَا بِرِيقِهَا لِأَجْلِ الْحَاجَةِ، وَهَذَا أَقْوَى الْأَقْوَالِ، وَاخْتَارَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَلِكَ أَفْوَاهُ الْأَطْفَالِ، وَالْبَهَائِمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْحَيْضِ]
ِ وَيَحْرُمُ وَطْءُ الْحَائِضِ، فَإِنْ وَطِئَ فِي الْفَرْجِ فَعَلَيْهِ دِينَارٌ كَفَّارَةٌ، وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَضْرُوبًا، وَإِذَا تَكَرَّرَ مِنْ الزَّوْجِ الْوَطْءُ فِي الْفَرْجِ وَلَمْ يَنْزَجِرْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا كَمَا قُلْنَا فِيمَا إذَا وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ وَلَمْ يَنْزَجِرْ.
وَيَجُوزُ لِلْحَائِضِ الطَّوَافُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا، وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهَا مَعَ لُزُومِ الْفِدْيَةِ، وَلَا يَأْمُرُهَا بِالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ، وَأَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ إلَّا أَنَّهُمَا لَا يُقَيِّدَانِهِ بِحَالِ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ طَافَتْ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ فَمُقْتَضَى تَوْجِيهِ هَذَا الْقَوْلُ يَجِبُ الدَّمُ عَلَيْهَا.
وَيَجُوزُ لِلْحَائِضِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَحُكِيَ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ، وَإِنْ ظَنَّتْ نِسْيَانَهُ وَجَبَ، وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا فَلَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ إنْ كَانَتْ قَادِرَةً عَلَى الِاغْتِسَالِ، وَإِلَّا تَيَمَّمَتْ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ.
وَلَا يُتَقَدَّرُ أَقَلُّ الْحَيْضِ وَلَا أَكْثَرُهُ، بَلْ كُلُّ مَا اسْتَقَرَّ عَادَةً لِلْمَرْأَةِ فَهُوَ حَيْضٌ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ يَوْمٍ أَوْ زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ أَوْ السَّبْعَةَ عَشَرَ، وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّ سِنٍّ تَحِيضُ فِيهِ الْمَرْأَةُ وَلَا لِأَكْثَرِهِ، وَلَا لِأَقَلِّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ.
وَالْمُبْتَدَأَةُ تَحْسِبُ مَا تَرَاهُ مِنْ الدَّمِ مَا لَمْ تَصِرْ مُسْتَحَاضَةً، وَكَذَلِكَ الْمُنْتَقِلَةُ إذَا تَغَيَّرَتْ عَادَتُهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، أَوْ انْتِقَالٍ، فَذَلِكَ حَيْضٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهَا اسْتِحَاضَةٌ بِاسْتِمْرَارِ الدَّمِ.
وَالْمُسْتَحَاضَةُ تُرَدُّ إلَى عَادَتِهَا، ثُمَّ إلَى تَمْيِيزِهَا، ثُمَّ إلَى غَالِبِ عَادَاتِ النِّسَاءِ كَمَا جَاءَتْ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَؤُلَاءِ سُنَّةٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَقَدْ أَخَذَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِالسُّنَنِ الثَّلَاثِ فَقَالَ: الْحَيْضُ يَدُورُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ: حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ، وَحَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ، وَحَدِيثِ حَمْنَةَ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي تَصْحِيحِ حَدِيثِ حَمْنَةَ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: وَحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَكَانَ فِي حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ.
وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ بَعْدَ الطُّهْرِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا. قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: لِقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ: كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا.
وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ وَلَا لِأَكْثَرِهِ وَلَوْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ أَوْ السِّتِّينَ، أَوْ السَّبْعِينَ، وَانْقَطَعَ فَهُوَ نِفَاسٌ وَلَكِنْ إنْ اتَّصَلَ فَهُوَ دَمٌ فَسَادٌ، وَحِينَئِذٍ فَالْأَرْبَعُونَ مُنْتَهَى الْغَالِبِ، وَالْحَامِلُ قَدْ تَحِيضُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَحَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ بَلْ حَكَى أَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ.
وَيَجُوزُ التَّدَاوِي لِحُصُولِ الْحَيْضِ إلَّا فِي رَمَضَانَ لِئَلَّا تُفْطِرَ، وَقَالَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ، وَالْأَحْوَطُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْتَعْمِلُ دَوَاءً يَمْنَعُ تَفَوُّقَ الْمَنِيِّ فِي مَجَارِي الْحَبْلِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.