الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا يَرْوُونَهُ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَجَاءَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ فَلِلزَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَ بِابْنَتِهِ مِنْ الزِّنَا» ، وَهَذَا يَقُولُهُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضُهُمْ يَنْقُلُهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَحْلِيلِ ذَلِكَ وَلَكِنْ صَرَّحَ بِحِلِّ ذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعَةِ إذَا رَضَعَ مِنْ لَبَنِ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا، وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ كَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا مُتَّفِقُونَ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ.
وَمَا يَرْوُونَهُ: «أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أُجْرَةً كِتَابُ اللَّهِ» ، نَعَمْ ثَبَتَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ:«أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أُجْرَةً كِتَابُ اللَّهِ» ، لَكِنَّهُ فِي حَدِيثِ الرُّقْيَةِ، وَكَانَ الْجُعْلُ عَلَى عَافِيَةِ مَرِيضِ الْقَوْمِ لَا عَلَى التِّلَاوَةِ.
وَهَلْ يَحْرُمُ اتِّخَاذُ أَبْرَاجِ الْحَمَامِ إذَا طَارَتْ مِنْ الْأَبْرَاجِ تَحُطُّ عَلَى زِرَاعَاتِ النَّاسِ وَتَأْكُلُ الْحَبَّ فَهَلْ يَحْرُمُ اتِّخَاذُ أَبْرَاجِ الْحَمَامِ فِي الْقُرَى وَالْبُلْدَانِ لِهَذَا السَّبَبِ؟ نَعَمْ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالنَّاسِ مُنِعَ مِنْهُ.
وَمَا يَرْوُونَهُ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ ظَلَمَ ذِمِّيًّا كَانَ اللَّهُ خَصْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ كُنْتُ خَصْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، هَذَا ضَعِيفٌ، لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يُرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» .
وَمَا يَرْوُونَهُ، عَنْهُ:«مَنْ أَسْرَجَ سِرَاجًا فِي مَسْجِدٍ لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ ضَوْءُ ذَلِكَ السِّرَاجِ» . هَذَا لَا أَعْرِفُ لَهُ إسْنَادًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
[مَسْأَلَةٌ مَنْ الْتَزَمَ مَذْهَبًا أُنْكِرَ عَلَيْهِ مُخَالَفَتُهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ أَوْ تَقْلِيدٍ أَوْ عُذْرٍ آخَرَ]
1044 -
20 مَسْأَلَةٌ:
وَرَدَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْعَالِمِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ تَقِيِّ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ تَيْمِيَّةَ، وَسُئِلَ أَنْ يَشْرَحَ مَا ذَكَرَهُ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ حَمْدَانَ فِي آخِرِ كِتَابِ الرِّعَايَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ:" مَنْ الْتَزَمَ مَذْهَبًا أُنْكِرَ عَلَيْهِ مُخَالَفَتُهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ أَوْ تَقْلِيدٍ أَوْ عُذْرٍ آخَرَ ".
وَيُبَيِّنَ لَنَا مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا مِنْ كَوْنِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ يُذْكَرُ فِيهَا فِي الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ رِوَايَتَانِ أَوْ وَجْهَانِ وَلَمْ يُذْكَرْ الْأَصَحُّ وَالْأَرْجَحُ،
فَلَا نَدْرِي بِأَيِّهِمَا نَأْخُذُ، وَإِنْ سَأَلُونَا عَنْهُ أَشْكَلَ عَلَيْنَا؟ . أَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ.
أَمَّا هَذِهِ الْكُتُبُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا رِوَايَتَانِ أَوْ وَجْهَانِ وَلَا يُذْكَرُ فِيهَا الصَّحِيحُ فَطَالِبُ الْعِلْمِ يُمْكِنُهُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبٍ أُخْرَى، مِثْلُ: كِتَابِ التَّعْلِيقِ لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَالِانْتِصَارِ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَعُمْدَةِ الْأَدِلَّةِ لِابْنِ عَقِيلٍ؛ وَتَعْلِيقِ الْقَاضِي يَعْقُوبَ الْبَرْزِينِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ الزَّاغُونِيِّ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْكُتُبِ الْكِبَارِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا مَسَائِلُ الْخِلَافِ وَيُذْكَرُ فِيهَا الرَّاجِحُ.
وَقَدْ اُخْتُصِرَتْ رُءُوسُ مَسَائِلِ هَذِهِ الْكُتُبِ فِي كُتُبٍ مُخْتَصَرَةٍ مِثْلِ: رُءُوسِ الْمَسَائِلِ لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ لِلشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ لِلْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْبَرَكَاتِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِمَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّهُ مَا رَجَّحَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ مَسَائِلِهِ.
وَمِمَّا يُعْرَفُ مِنْهُ ذَلِكَ: كِتَابُ الْمُغْنِي لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَكِتَابُ شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِجَدِّنَا أَبِي الْبَرَكَاتِ.
وَقَدْ شَرَحَ الْهِدَايَةَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَأَبِي حَلِيمٍ النِّهْرَوَانِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَيْمِيَّةَ صَاحِبِ التَّفْسِيرِ الْخَطِيبِ عَمِّ أَبِي الْبَرَكَاتِ وَأَبِي الْمَعَالِي بْنِ الْمُنَجَّا، وَأَبِي الْبَقَاءِ النَّحْوِيِّ، لَكِنْ لَمْ يُكْمِلْ ذَلِكَ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِيمَا يُصَحِّحُونَهُ فَمِنْهُمْ مَنْ يُصَحِّحُ رِوَايَةً وَيُصَحِّحُ آخَرُونَ رِوَايَةً فَمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ نَقَلَهُ وَمَنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ قَوْلٌ وَاحِدٌ عَلَى قَوْلِ آخَرَ اتَّبَعَ الْقَوْلَ الرَّاجِحَ، وَمَنْ كَانَ مَقْصُودُهُ نَقْلَ مَذْهَبِ أَحْمَدَ نَقَلَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ وَالْوُجُوهِ وَالطُّرُقِ.
كَمَا يَنْقُلُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ مَذَاهِبَ الْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ مِنْ اخْتِلَافِ الْأَقْوَالِ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَاخْتِلَافِ أَصْحَابِهِمْ فِي مَعْرِفَةِ مَذْهَبِهِمْ وَمَعْرِفَةِ الرَّاجِحِ شَرْعًا مَا هُوَ مَعْرُوفٌ.
وَمَنْ كَانَ خَبِيرًا بِأُصُولِ أَحْمَدَ وَنُصُوصِهِ عَرَفَ الرَّاجِحَ فِي مَذْهَبِهِ فِي عَامَّةِ الْمَسَائِلِ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَصَرٌ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ عَرَفَ الرَّاجِحَ فِي الشَّرْعِ وَأَحْمَدُ كَانَ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَلِهَذَا لَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ قَوْلٌ يُخَالِفُ نَصًّا كَمَا وُجِدَ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُوجَدُ لَهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي الْغَالِبِ إلَّا وَفِي