الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُصَلِّيَ عَلَيْهِ سِرًّا كَالدُّعَاءِ، أَمَّا رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا قُدَّامَ بَعْضِ الْخُطَبَاءِ فَمَكْرُوهٌ، أَوْ مُحَرَّمٌ اتِّفَاقًا، لَكِنْ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يُصَلِّي عَلَيْهِ سِرًّا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَسْكُتُ، وَدُعَاءُ الْإِمَامِ بَعْدَ صُعُودِهِ لَا أَصْلَ لَهُ، وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ رَفْعُ يَدَيْهِ حَالَ الدُّعَاءِ فِي الْخُطْبَةِ وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا كَانَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إذَا دَعَا. وَأَمَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ لَمَّا اسْتَسْقَى عَلَى الْمِنْبَرِ.
وَيَقْرَأُ فِي أُولَى فَجْرِ الْجُمُعَةِ أَلَمْ السَّجْدَةَ، وَفِي الثَّانِيَةِ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} [الإنسان: 1] وَيُكْرَهُ مُدَاوَمَتُهُ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَيُكْرَهُ تَحَرِّي سَجْدَةٍ غَيْرِهَا، وَالسُّنَّةُ إكْمَالُ السَّجْدَةِ، وَ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] .
وَصَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ حَسَنَةٌ مَشْرُوعَةٌ، وَلَا يُدَاوِمُ عَلَيْهَا إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَيَحْرُمُ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَخَطَّى النَّاسَ لِيَدْخُلَ فِي الصَّفِّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ فُرْجَةٌ، لَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الظُّلْمِ وَالتَّعَدِّي لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا فَرَشَ مُصَلَّى وَلَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِغَيْرِهِ رَفْعُهُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَإِذَا وَقَعَ الْعِيدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاجْتَزَى بِالْعِيدِ وَصَلَّى ظُهْرًا جَازَ إلَّا لِلْإِمَامِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ.
وَأَمَّا الْقُصَّاصُ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ ثُمَّ يَسْأَلُونَ فَهَؤُلَاءِ مَنْعُهُمْ مَنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ، فَإِنَّهُمْ يَكْذِبُونَ وَيَتَخَطَّوْنَ النَّاسَ وَيَشْغَلُونَ عَمَّا يُشْرَعُ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ لَا سِيَّمَا إنْ قَصُّوا أَوْ سَأَلُوا، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الشَّنِيعَةِ الَّتِي يَنْبَغِي إزَالَتُهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَيَنْبَغِي لِوُلَاةِ الْأُمُورِ أَنْ يَمْنَعُوا مِنْ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ كُلِّهَا فَإِنَّهُمْ مُتَصَدُّونَ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ.
[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]
وَهِيَ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهَا عَلَى النِّسَاءِ، وَمِنْ شَرْطِهَا الِاسْتِيطَانُ وَعَدَدُ الْجُمُعَةِ، وَيَفْعَلُهَا الْمُسَافِرُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ تَبَعًا، وَلَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا لِمَنْ فَاتَتْهُ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيَسْتَفْتِحُ
خُطْبَتَهَا بِالْحَمْدِ لِلَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ افْتَتَحَ خُطْبَةً بِغَيْرِهَا.
وَالتَّكْبِيرُ فِي عِيدِ الْأَضْحَى مَشْرُوعٌ بِاتِّفَاقٍ، وَكَذَا مَشْرُوعٌ فِي عِيدِ الْفِطْرِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ.
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ ذَلِكَ مَذْهَبًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمْ خِلَافُهُ، وَالتَّكْبِيرُ فِيهِ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَالتَّكْبِيرُ فِيهِ آكَدُ مِنْ جِهَةِ أَمْرِ اللَّهِ بِهِ وَالتَّكْبِيرُ أَوَّلَهُ مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَآخِرَهُ انْقِضَاءُ الْعِيدِ، وَهُوَ فَرَاغُ الْإِمَامِ مِنْ الْخُطْبَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالتَّكْبِيرُ فِي عِيدِ النَّحْرِ آكَدُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُشْرَعُ أَدْبَارَ الصَّلَاةِ، وَأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعِيدُ النَّحْرِ أَفْضَلُ مِنْ عِيدِ الْفِطْرِ، وَمِنْ سَائِرِ الْأَيَّامِ.
وَالِاسْتِغْفَارُ الْمَأْثُورُ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ، وَقَوْلُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَالِ الْإِكْرَامِ، هَلْ يُقَدَّمُ عَلَى التَّكْبِيرِ وَالتَّلْبِيَةِ أَمْ يُقَدَّمَانِ عَلَيْهِ كَمَا يُقَدَّم عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ؟ وَبَيَّضَ لِذَلِكَ أَبُو الْعَبَّاسِ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَدَ فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ، وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَآثَارُ السَّلَفِ أَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الصَّلَاةِ، أَوْ الْقِرَاءَةِ وَسَمَاعِهَا، أَوْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ دُعَائِهِ، أَوْ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ شُرِعَ اجْتِمَاعٌ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْمُدَاوَمَةِ، وَهُوَ قِسْمَانِ: قِسْمٌ يَدُورُ بِدَوَرَانِ الْأَوْقَاتِ: كَالْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَالْحَجِّ، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، أَوْ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْأَسْبَابِ: كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَالْكُسُوفِ، وَالْآيَاتِ، وَالْقُنُوتِ فِي النَّوَازِلِ.
وَالْمُؤَقَّتُ فَرْضُهُ وَنَفْلُهُ إمَّا أَنْ يَعُودَ بِعَوْدِ الْيَوْمِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى عَمَلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ: كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَسُنَنِهَا: الرَّوَاتِبِ، وَالْوِتْرِ، وَالْأَذْكَارِ، وَالْأَدْعِيَةِ الْمَشْرُوعَةِ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ، وَإِمَّا أَنْ يَعُودَ بِعَوْدِ الْأُسْبُوعِ: كَالْجُمُعَةِ، وَصَوْمِ الِاثْنَيْنِ، وَالْخَمِيسِ، وَإِمَّا أَنْ يَعُودَ بِعَوْدِ الشَّهْرِ: كَصِيَامِ أَيَّامِ الْبِيضِ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَالذِّكْرِ الْمَأْثُورِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَإِمَّا أَنْ يَعُودَ بِعَوْدِ الْحُلُولِ: كَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَالْعِيدَيْنِ، وَالْحَجِّ. وَالْمُتَسَبَّبُ مَا لَهُ سَبَبٌ وَلَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودٌ: كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَالْكُسُوفِ، وَقُنُوتِ النَّوَازِلِ.
وَمَا لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ الْجَمَاعَةُ: كَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ، وَصَلَاةِ التَّوْبَةِ، وَصَلَاةِ الْوُضُوءِ،