الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لَا بَأْسَ بِمَا يُضَبِّبُهُ وَأَكْرَهُ الْحَلْقَةَ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَأَبِي مَنْصُورٍ: لَا بَأْسَ فِي إنَاءٍ مُفَضَّضٍ إذَا لَمْ يَقَعْ فَمُهُ عَلَى الْفِضَّةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: قَدْ فَرَّقَ بَيْن الضَّبَّةِ، وَالْحَلْقَةِ، وَرَأْسِ الْحَلْقَةِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَكَلَامُ أَحْمَدَ رحمه الله لِمَنْ تَدَبَّرَهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْحَاجَةِ.
وَعَدَمِهَا، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْن مَا يُسْتَعْمَلُ وَبَيْنَ مَا لَا يُسْتَعْمَلُ. فَأَمَّا يَسِيرُ الذَّهَبِ فَلَا يُبَاحُ بِحَالٍ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ فِي النَّصِّ: إذَا خَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْقُطَ هَلْ يُجْعَلُ لَهُ مِسْمَارٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: إنَّمَا رَخَّصَ فِي الْأَسْنَانِ عَلَى الضَّرُورَةِ، فَأَمَّا الْمِسْمَارُ فَلَا، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي اللِّبَاسِ فَفِي الْآنِيَةِ أَوْلَى.
وَقَدْ غَلِطَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ حَيْثُ حَكَتْ قَوْلًا بِيَسِيرِ الذَّهَبِ تَبَعًا فِي الْآنِيَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو بَكْرٍ، إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي بَابِ اللِّبَاسِ، وَالتَّحَلِّي، وَبَابُ اللِّبَاسِ أَوْسَعُ.
وَلَا يَجُوزُ تَمْوِيهُ السُّقُوفِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا يَجُوزُ لَطْخُ اللِّجَامِ وَالسَّرْجِ بِالْفِضَّةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَتِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَحَيْثُ أُبِيحَتْ الضَّبَّةُ يُرَادُ مِنْ إبَاحَتِهَا أَنْ تَحْتَاجَ إلَى تِلْكَ الصُّورَةِ لَا إلَى كَوْنِهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَإِنَّ هَذِهِ ضَرُورَةٌ، وَهِيَ تُبِيحُ الْمُتَعَذِّرَ.
وَيُبَاحُ الِاكْتِحَالُ بِمِيلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، لِأَنَّهَا حَاجَةٌ، وَيُبَاحَانِ لَهَا. قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي.
[بَابُ آدَابِ التَّخَلِّي]
يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا عِنْدَ التَّخَلِّي مُطْلَقًا سَوَاءٌ الْفَضَاءُ وَالْبُنْيَانُ. وَهُوَ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَلَا يَكْفِي انْحِرَافُهُ عَنْ الْجِهَةِ.
قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَدِّهِ.
وَيَحْمَدُ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ إذَا عَطَسَ بِخَلَاءٍ، وَكَذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُد لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَيُحَرِّكُ بِهَا لِسَانَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ الْقَاضِي: وَنَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُحَرِّكُ بِهِ شَفَتَيْهِ فِي الْخَلَاءِ؟ قَالَ الْقَاضِي: بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ، وَقَالَ: مَا لَا يَسْمَعُهُ لَا يَكُونُ كَلَامًا
فَيَجْرِي مَجْرَى الذِّكْرِ فِي نَفْسِهِ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ وِفَاقًا الْقَاضِي، وَجَعَلَهَا أَوْلَى الرِّوَايَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: أَمَّا مَسْأَلَةُ الصَّلَاةِ فَتُقَارِبُ مَسْأَلَةَ الْخَلَاءِ، فَإِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ذِكْرٌ لِلَّهِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ يَقُولُهُ فِي الصَّلَاةِ بِمَنْزِلَةِ أَذْكَارِ الْمُخَافَتَةِ لَكِنْ لَا يَجْهَرُ بِهِ كَمَا يَجْهَرُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، لَيْسَ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ نَفْسَهُ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْخَلَاءِ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَ الْقَاضِي، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا فِي نَفْسِهِ بِلَا لَفْظٍ، وَالثَّانِيَةُ بِاللَّفْظِ. وَيُكْرَهُ السَّلْتُ، وَالنَّثْرُ، وَلَمْ يَصِحَّ الْحَدِيثُ فِي الْأَمْرِ وَالْمَشْيِ، وَالتَّنَحْنُحُ عَقِيبَ الْبَوْلِ بِدْعَةٌ، وَيَجْزِي الِاسْتِجْمَارُ وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ فِي وَالصَّفْحَتَيْنِ وَالْحَشَفَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ بِجَوَازِ الِاسْتِجْمَارِ.
وَلَمْ يُنْقَلُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ تَقْدِيرٌ، وَيَجْزِي بِعَظْمٍ وَرَوْثٍ.
قُلْت: وَمَا نَهَى عَنْهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَنْفِي، بَلْ لِإِفْسَادِهِ، فَإِذَا قِيلَ: يَزُولُ بِطَعَامِنَا مَعَ التَّحْرِيمِ، فَهَذَا أَوْلَى، وَالْأَفْضَلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا.
وَلَا يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَجَرِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَيْسَ لَهُ الْبَوْلُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ فِي وِعَاءٍ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي الْبَوْلِ حَوْلَ الْبِرْكَةِ فِي الْمَسْجِدِ: هَذَا يُشْبِهُ الْبَوْلَ فِي قَارُورَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَهَى عَنْهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَخِّصُ فِيهِ لِلْحَاجَةِ، فَأَمَّا اتِّخَاذُهُ مَبَالًا فَلَا.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَذْبَحَ فِي الْمَسْجِدِ ضَحَايَا وَلَا غَيْرَهَا، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَّخِذَ. الْمَسْجِدَ طَرِيقًا. فَكَيْفَ إذَا اتَّخَذَهُ الْكَافِرُ طَرِيقًا، وَيَحْرُمُ مَنْعُ الْمُحْتَاجِ إلَى الطَّهَارَةِ وَلَوْ وُقِفَتْ عَلَى طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي رِبَاطٍ وَلَوْ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهَا بِمُوجِبِ الشَّرْعِ وَالْعُرْفِ مَبْذُولَةٌ لِلْمُحْتَاجِ، وَلَوْ قَدَّرْت أَنَّ الْوَاقِفَ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ، فَإِنَّمَا يَسُوغُ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ، وَإِلَّا فَيَجِبُ بَذْلُ الْمَنَافِعِ الْمُحْصَنَةِ لِلْمُحْتَاجِ كَسُكْنَى دَارِهِ، وَالِانْتِفَاعِ بِمَا حَوَتْهُ، وَلَا أُجْرَةَ لِذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَيُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِ بَيْتِ الْخَلَاءِ إنْ حَصَلَ مِنْهُمْ تَضْيِيقٌ، أَوْ فَسَادُ مَاءٍ، أَوْ تَنْجِيسٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِمْ ضَرَرٌ، وَلَهُمْ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ مُزَاحَمَتُهُمْ.