الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على لغة العرب لأنها لسانه ولسان قومه (1) .
ولقد لخص الشوكاني هذه المسألة، فأفاد وأجاد، فقال رحمه الله تعالى:((هذا المقام من المعارك، والحق: أنّه يتوجّه النّهي عن المعصفر إلى نوع خاص من الأحمر، وهو المصبوغ بالعصفر، لأن العصفر يصبغ صِباغاً أحمر، فما كان من الأحمر مصبوغاً بالعصفر، فالنهي متوجه إليه، وما كان من الأحمر غير مصبوغ بالعصفر فلبسه (2) جائز)) (3) .
فالحذر الحذر ـ أخي المسلم ـ أن تقف بين يدي مولاك ـ جَلّ وعزّ ـ وأنت لابس ثوباً معصفراً، فعليك بالاهتداء والإتباع، وإياك والمخالفة والابتداع. وفّقنا الله وإياك لمحبّته ورضاه، إنه جواد كريم، سميع مجيب.
[10] * صلاة مكشوف الرأس:
تجوز صلاة حاسر الرأس إذا كان رجلاً، والرأس عورة من المرأة دون الرجل. ولكن يستحب أن يكون المصلي في أكمل اللباس اللائق به، ومنه غطاء الرأس بعمامة أو قلنسوة أو (طاقية أو عرقية) ، ونحوه ذلك مما اعتاد لبسه.
فكشف الرأس لغير عذر مكروه، ولا سيما في صلاة الفريضة، ولا سيما مع الجماعة (4) .
قال الألباني: ((والذي أراه: أن الصلاة حاسر الرأس مكروهة، ذلك أنه من المسلَّم به:
استحباب دخول المسلم في الصلاة في أكمل هيئة إسلاميّة للحديث:
(1) انظر: ((نيل الأوطار)) : (2/92) .
(2)
في مطبوع ((السيل)) : ((ليس)) وهو خطأ يدل عليه تمام كلام المنصف وإحالته على ((شرح المنتقى)) .
(3)
السيل الجرار: (1/164ـ165) .
(4)
فتاوى محمد رشيد رضا: (5/1849) والسنن والمبتدعات: (ص69) .
((فإن الله أحق أن يُتَزَيَّن له)) (1)
، وليس من الهيئة الحسنة في عرف السّلف، اعتياد حسر الرأس، والسيّر كذلك في الطرقات والدخول كذلك في أماكن العبادات، بل هذه عادة أجنبيّة، تسرّبت إلى كثير من البلاد الإسلاميّة، حينما دخلها الكفار، وجلبوا إليها عاداتهم الفاسدة، فقلّدهم المسلمون فيها، فأضاعوا بها وبأمثالها من التقاليد شخصيتهم الإسلاميّة، فهذا العرض الطاري (2)
لا يصلح أن يكون مسوغاً لمخالفة العرف الإسلامي السابق، ولا إتخاذه حجة لجواز الدخول في الصّلاة حاسر الرأس.
وأما استدلال بعض إخواننا من أنصار السّنة في مصر على جوازه، قياساً على حسر المحرم في الحج، فمن أبطل قياس قرأته عن هؤلاء الإخوان، كيف، والحسر في الحج شعيرة إسلامية، ومن مناسكه التي لا تشاركه فيه عبادة أخرى، ولو كان القياس المذكور صحيحاً، للزم القول بوجوب الحسر في الصلاة، لأنه واجب في الحج.
وهذا إلزام لا انفكاك لهم عنه، إلا بالرجوع عن القياس المذكور، ولعلهم يفعلون)) (3) .
ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلّى ـ في غير الإحرام ـ وهو حاسر الرأس، دون عمامة، مع توفّر الدّواعي لنقله أو فعله. ومن زعم ثبوت ذلك، فعليه الدّليل، والحقّ أحق أن يتّبع (4) .
(1) وأوله: ((إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله....)) . أخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) : (1/221) والطبراني والبيهقي في ((السنن الكبرى)) : (2/236) وإسناده حسن، كما في ((مجمع الزوائد)) :(2/51) . وانظر: ((السلسلة الصحيحة)) : رقم (1369) ..
(2)
الوارد في حديث ابن عباس: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ربما نزع قلنسوته، فجعلها سترة بين يديه)) . وهو حديث ضعيف.
قال الألباني: ((ويكفي دلالة على ذلك ـ أي ضعفه ـ تفرّد ابن عساكر به. وقد كشفت عن علّته في ((الضعيفة)) (2538)) ) وقال أيضاً: ((إنه لو صح، فلا يدل على الكشف مطلقاً، فإن ظاهره: أنه كان يفعل ذلك عند عدم تيسّر ما يستتر به، لأن اتخاذ السترة أهم، للأحاديث الواردة فيها)) .
(3)
تمام المنة في التعليق على فقه السنة: (ص164 ـ 165) .
(4)
الدين الخالص: (3/214) والأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة: (ص110) .
ومن الجدير بالذّكر، أن صلاة الرجل حاسر الرأس مكروهة فقط، وإلا فهي صحيحة، كما أطلقه البغوي وكثيرون (1) ، فامتناع العوام عن الصلاة خلف حاسر الرأس، غير صحيح، نعم، هو أولى المصلين، بأن تتوافر فيه شروط التمام والكمال، وأن يكون وقّافاً ملتزماً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
والله الموفق.
(1) انظر: ((المجموع)) : (2/51) .