الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[2] * الصلاة في الثيّاب الرقيقة الشّفافة:
كما تكره الصلاة في الملابس الحازقة، التي بضيقها تحكي العورة وتصف شكلها وحجمها، فإنه لا تجوز الصلاة في الثياب الرقيقة التي تشفّ عما وراءها من البدن، كملابس بعض المفتونين اليوم بهذه الطُرز من الثياب، يقصدون هذه العيوب الشرعيّة قصداً، لأنهم أسرى الشهوات، وعبيد العادات، ولهم مِنْ دعاة الإِباحة مَنْ يرغّبهم فيها، ويفضّلها لهم على غيرها، بأنها من الجديد اللائق، بمجددي الفسق والفجور، وليست من العتيق البالي المذموم، لأنه قديم (1)
!!
ومن هذا الباب:
[1/2] الصّلاة في ملابس النّوم ((البيجامات)) .
أخرج البخاريّ في ((صحيحه)) بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الصّلاة في الثّوب الواحد، فقال:((أوَ كلّكم يجد ثوبين)) ؟! ثم سأل رجل عمر، فقال: إذا وسّع اللهُ فأوسعوا: صلّى رجل في إزارٍ ورداء، في إزار وقميص، في إزار وقباء، في سراويل ورداء، في سراويل وقميص، في سراويل وقباء، في تُبّان وقباء، في تُبّان وقميص (2)
(1) فتاوى رشيد رضا: (5/2056)
(2)
أخرجه: البخاري: كتاب الصلاة: باب الصلاة في القميص والسراويل والتُبّان والقباء: (1/475) رقم (365) . ومالك في ((الموطأ)) : (1/140/31) ومسلم في ((الصحيح)) رقم (515) وأبو داود في ((السنن)) : رقم (625) والنسائي في ((المجتبى)) : (2/69) وابن ماجه في ((السنن)) : رقم (1047) والحميدي في ((المسند)) : رقم (937) وأحمد في ((المسند)) : (2/238ـ239) والطيالسي في ((المسند)) : رقم (355) والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) : (1/379) والبغوي في ((شرح السنة)) (2/419) وأبو نعيم في ((الحلية)) : (6/307) والخطيب في ((تلخيص المتشابه)) : (1/442) .
ورأى عبد الله بن عمر نافعاً يصلي في خلوته، في ثوبٍ واحدٍ، فقال له: ألم أكسك ثوبين؟
قال: بلى. قال: أفكنت تخرج إلى السوق في ثوبٍ واحد؟ . قال: لا. قال: فالله أحق أن يتجمّل له (1) .
وهكذا مَنْ يصلّي في ملابس النوم، فإنه يستحيي أن يخرج إلى السوق بها، لرقّتها وشفافيتها.
قال ابن عبد البر في ((التمهيد)) : (6/369) : ((إن أهل العلم يستحبّون للواحد المطق على الثياب، أن يتجمّل في صلاته ما استطاع بثيابه، وطيبه، وسواكه)) .
قال الفقهاء في مبحث شروط صحة الصّلاة: مبحث ستر العورة: ((ويشترط في الساتر أن يكون كثيفاً، فلا يجزىء الساتر الرقيق، الذي يصف لون البشرة)) (2) .
وهذا في حق الذّكر والأنثى، سواء صلّى منفرداً أم جماعةً، فكلّ مَنْ كشف عورته مع القدرة على سترها، لا تصح صلاته، ولو كان منفرداً في مكانٍ مظلم للإجماع على أنه فرض في الصلاة، ولقوله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (3)
(1) أخرجه: الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) : (1/377 و 378) وانظر: ((تفسير القرطبي)) : (15/239) و ((المغني)) : (1/621) .
(2)
انظر: ((الدّين الخالص)) : (2/101-102) و ((المجموع)) : (3/170) و ((المغني)) : (1/617) و ((اعانة الطالبين)) : (1/113) و ((نهاية المحتاج)) : (2/8) و ((حاشية قليوبي وعميرة)) : (1/178) و ((اللباس والزينة في الشريعة الإسلامية)) : 0ص 99) و ((تفسير القرطبي)) : (14/243-244) .
(3)
سورة الأعراف: آية رقم (31)
المراد بالزّينة: محلها وهو الثّوب، وبالمسجد الصّلاة، أي: البسوا ما يواري عورتكم عند كلّ صلاة (1) .
ومن هذا الباب:
[2/2] صلاة بعضهم في الثوب الساتر للجسد ((دشداش)) رقيق، يصف لون البشرة، دون سروالٍ تحته (2) . وفي مقولة عمر السّابقة، التي قدم فيها أكثر الملابس ستراً، أو أكثرها استعمالاً، وضمّ إلى كلّ واحدٍ واحداً، ولم يقصد الحصر في ذلك، بل يلحق بذلك ما يقوم مقامه، دليلٌ على وجوب الصّلاة في الثياب الساترة، وأن الاقتصار على الثّوب الواحد، كان لضيق الحال، وفيه: أن الصّلاة في الثوبين، أفضل من الثّوب الواحد،
وصرّح القاضي عياض بنفي الخلاف في ذلك (3) .
قال الإمام الشافعي: ((وإن صلى في قميص (4) يشف عنه، لم تجزه الصّلاة)) (5) .
وقال: [3/2]((والمرأة في ذلك أشدّ حالاً من الرجل، إذا صلّت في درع وخمار، يصفها الدّرع، وأحب إليّ أن لا تصلي في جلباب فوق ذلك، وتجافيه عنها لئلا يصفها الدّرع)) (6) .
(1) انظر: ((الدّين الخالص)) : (2/101) و ((التمهيد)) : (6/379) .
(2)
والسروال القصير تحت الثوب لا يكفي، إلَاّ أن يكون ساتراً ما بين السرة والركبة.
(3)
فتح الباري: (1/476) والمجموع: (3/181) ونيل الأوطار: (2/78 و 84) .
(4)
قال الساعاتي في ((الفتح الرباني)) : (17/236) : ((القميص مخيط له كمان وجيب. وهو ما نسميه اليوم (بالجلابية) وهو الثوب الواسع، الذي يعم جميع البدن من العنق إلى الكعبين، أو إلى أنصاف الساقين، وكان قديما ًيلبس ملاصقاً للجسم تحت الثياب)) .
(5)
الأم: (1/78) .
(6)
المرجع السابق.
فعلى المرأة أن لا تصلي في الملابس الشفافة من ((النّايلون)) و ((الشيفون)) ، فإنها لا تزال كاسية سافرة، ولو غطى الثوب بدنها كله، حتى لو كان فضفاضاً. ودليل ذلك:
قوله صلى الله عليه وسلم: ((سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات
…
)) (1) .
قال ابن عبد البر: ((أراد صلى الله عليه وسلم: النساء اللواتي يلبسن من الثياب، الشيء الخفيف، الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم، عاريات في الحقيقة)) (2) .
وعن هشام بن عروة: أن المنذر بن الزّبير قدم من العراق، فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر بكسوة من ثياب مرويّة وقوهية – من نسيج ((قوهستان)) ناحية بخراسان – رقاق عتاق، بعدما كفّ بصرها، قال: فلمستها بيدها، ثم قالت: أف، ردّوا عليه كسوته. قال: فشقّ ذلك عليه، وقال: يا أمّة، إنه لايشف. قالت: إنها إن لم تشف، فإنها تصف (3) .
قال السفاريني في ((غذاء الألباب)) : ((إذا كان اللباس خفيفاً، يبدي – لرقّته وعدم ستره – عورة لابسه، من ذكر أو أنثى فذلك ممنوع، محرّم على لابسه، لعدم سترة العورة المأمور بسترها شرعاً، بلا خلاف)) (4)
وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) : (2/115) : ((يجب على المرأة أن تستر بدنها بثوب لا يصفه، وهذا شرط ساتر العورة)) .
(1) أخرجه: مالك ((الموطأ)) : (3/913) ومسلم في ((الصحيح)) رقم (2128) .
(2)
تنوبر الحوالك: (3/103) .
(3)
أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) : (8/184) بإسناد صحيح. وفي الباب كثير من الآثار، انظرها في ((حجاب المرأة المسلمة)) :(ص 56-59) .
(4)
الدين الخالص: (6/180) .