الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أساء وصحت صلاته. واحتجّ قي ذلك أبو جعفر محمد بن جرير الطّبري بإجماع العلماء. وحكى ابنُ المنذر الإعادة فيه عن الحسن البصري)) (1) .
ثم قال رحمته الله تعالى: ((ثم مذهب الجمهور: أنّ النّهي مطلق، لمن صلّى كذلك، سواء تعمّده للصّلاة أم كان قبلها كذلك، لا لها، بل لمعنى آخر. وقال الداودي: يختص النّهي بمن فعل ذلك للصّلاة. والمختار الصحيح هو الأوّل. وهو ظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم)) (2) .
[7] * صلاة مكشوف العاتقين
(3) :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لايصلين أحدكم في الثّوب الواحد، ليس على عاتقه منه شيء)) . متفق عليه (4) .
وفي رواية مسلم: ((على عَاتِقَيْهِ)) . ورواه أحمد باللفظين (5) .
قال ابن قدامة:
(1) شرح صحيح مسلم: (4/209) .
(2)
المرجع السابق.
(3)
العاتق: مابين المنكب إلى أصل العنق.
(4)
أخرجه: البخاري كتاب الصّلاة: باب إذاصلى في الثوب الواحد: (1/471) رقم (359) . ومسلم: كتاب الصّلاة: باب الصّلاة في ثوب واحد: (1/368) رقم (516) وأبو داود: رقم (626) والدارمي: (1/318) والشافعي: الأم: (1/77) وابن خزيمة رقم (765) وأبو عوانة: (2/61) والطحاوي: (1/282) والبيهقي: (2/238) .
(5)
مسند أحمد: (2/243) .
((يجب أن يضع المصلّي على عاتقه شيئاَ من اللباس، إن كان قادراً على ذلك. وهو قول ابن المنذر. وحكي عن أبي جعفر: أنّ الصّلاة لا تجزىء مَنْ لم يخمّر منكبيه.
وقال أكثر الفقهاء: لا يجب ذلك، ولا يشترط لصحة الصّلاة به. وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي، لأنهما ليسا بعورة، فأشبها بقيّة البدن)) (1) .
والنهي الوارد في الحديث السّابق يقتضي التحريم، ويقدم على القياس. مذهب الجمهور: عدم البطلان، ولكنهم قالوا:((هذا النهي للتنزيه، لا لتحريم، فلو صلى في ثوب واحد، ساترٍ لعورته، ليس على عاتقه منه شيء، صحت صلاته، مع الكراهة، سواء قدر على وضع شيء يجعله على عاتقه أم لا)) (2) .
وأخطأ الكرماني، فادّعى أن الإجماع منعقد على جواز تركه (3) . وكلامه منقوص بمذهب أحمد وابن المنذر ـ كما بيّنا ـ و ((بعض السلف)) (4) و ((طائفة قليلة)) (5) و ((بعض أهل العلم)) (6)
قال أبن حجر متعقّباً الكرماني: ((كذا قال!! وغفل عما ذكره بعد قليل عن النووي من حكاية ما نقلناه عن أحمد، وقد نقل ابن المنذر عن محمد بن علي عدم الجواز، وكلام الترمذي يدلّ على ثبوت الخلاف أيضاً، وعقد الطحاوي له باباً في ((شرح المعاني)) (7) ونقل
(1) المغني: (1/618) .
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم: (4/232) .
(3)
فتح الباري: (1/472)
(4)
شرح النووي على صحيح مسلم: (4/232) .
(5)
المجموع: (3/175) .
(6)
جامع الترمذي: (1/168) .
(7)
انظر: ((شرح معاني الآثار)) : (1/377) .
المنع عن ابن عمر ثم عن طاوس والنخعي، ونقله غيره عن ابن وهب وابن جرير. ونقل الشيخ تقيّ الدّين السبكي وجوب ذلك عن نص الشّافعي واختاره، لكن المعروف في كتب الشافعيّة خلافه)) (1) .
قال القاضي: وقد نقل عن أحمد ما يدلّ على أنه ليس بشرط، وأخذه من رواية مثنى عن أحمد فيمن صلّى وعليه سراويل، وثوبه على أحد عاتقيه والآخر مكشوف: يكره. قيل له: يؤمر أن يعيد؟ فلم ير عليه إعادة.
وهذا يحتمل: أنه لم ير عليه الإعادة، لستره بعض المنكبين، فاجتزىء بستر أحد العاتقين عن ستر الآخر، لامتثاله للفظ الخبر. ووجه اشتراط ذلك: أنه منهي عن الصلاة مع كشف المنكبين، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، ولأنها سترة واجبة في الصّلاة، فالإخلال بها يفسدها كستر العورة (2) .
ولا يجب ستر المنكبين جميعهما، بل يجزىء ستر بعضهما (3)
، ويجزىء سترهما بثوب خفيف، يصفّ لون البشرة، لأن وجوب سترهما بالحديث، وهو يقع في هذه الحالة، والحالة التي قبلها، أعني: سواء عم ّ المنكبين أم لا (4) ، وقد ذكرنا نص الإمام أحمد فيمن صلّى، وأحد منكبيه مكشوف، فلم يوجب
(1) فتح الباري: (1/472) ..
(2)
المغني: (1/619) .
(3)
ومن الجدير بالذّكر التّنيه على خطأ يقع فيه كثير من الحجاج والمعتمرين فإنهم يدخلون في الصّلاة بعد الطواف، وهم محرمون، ويصّلي الواحد منهم وأحد عاتقيه مكشوف، وموطن هذه السنة في طواف العمرة وطواف واحد في الحج، وهو طواف القدوم أو الإفاضة، ولا يسن في صلاة الطواف ولا للمرأة اتفاقاً، لأن حالها مبني على السّتر..
(4)
المغني: (1/619) .