الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن كثير: إن الحجاج بن يوسف صلّى مرّة بجنب سعيد بن المسيّب ـ وذلك قبل أن يلي شيئاً ـ فجعل يرفع قبل الإمام، ويقع قبله في السجود، فلما سلّم أخذ سعيد بطرف ردائه ـ وكان له ذكر يقوله بعد الصّلاة ـ فما زال الحجاج ينازعه رداءه، حتى قضى سعيد ذكره، ثم أقبل عليه سعيد، فقال له: يا سارق! يا خائن! تصلّي هذه الصّلاة؟! لقد هممتُ أن أضرب بهذا النّعل وجهك.
فلم يرد عليه، ثم مضى الحجاج إلى الحج، ثم رجع فعاد إلى الشّام، ثم جاء نائباً على الحجاز. فلما قتل ابن الزبير، كرّ راجعاً إلى المدينة، نائباً عليها، فلما دخل المسجد، إذا مجلس سعيد بن المسيب، فقصده الحجاج، فخشي الناس على سعيد منه، فجاء حتى جلس بين يديه، قال له: أنت صاحب الكلمات؟ فضرب سعيد صدره بيده، وقال: نعم! قال: فجزاك
الله من معلّم ومؤدّب خيراً، ما صليت بعدك صلاة إلا وأنا أذكر قولك، ثم قام ومضى (1) .
[42] * تكبير المسبوق للإحرام وهو نازل إلى الركوع:
ومن أخطاء المسبوقين في صلاة الجماعة:
[1/42] أن ينشغل عن تكبيرة الإحرام في القيام، طمعاً في إدراك الركوع مع الإمام، لكي يلحق الركعة، فيأتي بالتكبيرة وهو نازل للركوع!! وهذا منافٍ لقوله صلى الله عليه وسلم:((إذا قمت للصلاة فكبر)) (2) . فالتكبير يكون في القيام، لا في القعود ولا في الهوي إلى السجود أو النزول للركوع.
قال الشوكاني: ((اعلم أن تكبير الافتتاح من قعود أو بغير اللفظ الذي ثبت عن الشارع،
بدعة، وكل بدعة ضلالة، فما لنا للتعرض لمثل هذا، وأنه قد قال به فلان، أو عمل به فلان، وجعل ذلك ذريعة إلى الاعتراض على مَنْ قال بالحق، ودان بالصّواب)) (3) .
وقد صرّح جمهور الفقهاء على وجوب الإتيان بتكبيرة الإحرام في القيام.
قال النووي: ((يجب أن يكبر للإحرام قائماً، حيث يجب القيام. وكذا المأموم الذي يدرك الإمام راكعاً، يجب أن تقع تكبيرة الإحرام بجميع حروفها في حال قيامه، فإن أتى بحرفٍ منها، في غير حال القيام، لم تنعقد صلاته فرضاً بلا خلاف، وفي انعقادها نفلاً الخلاف)) (4) .
وقال ابن قدامة: ((وعلى المسبوق أن يأتي بالتكبيرة منتصباً، فإن أتى بها أن انتهى في الانحناء، إلى قدر الركوع أو ببعضها، لم يجزئه، لأنه أتى بها في غير محلّها، إلا في النافلة، ولأنه يفوته القيام، وهو من أركان الصلاة، ثم يأتي بتكبيرة أخرى للركوع، في حال انحطاطه إليه، فالأولى ركن لا تسقط بحال، والثانية تكبيرة الركوع)) (5) .
وقال الإمام علي القاري في هذه المسألة: ((وأما لو كبّر منحنياً كما يفعله العامة والجهلة من جهة العجلة، فلا تنعقد صلاته، إذ القيام شرط في تكبير التحريمة للقادر عليه، كيف وبعضهم يكبّرون حال الركوع، وحينئذ لا يكون محسوباً أبداً. نعم، إنْ كبّر تكبيرة التحريمة قائماً، ثم كبّر تكبيرة الركوع في الركوع أو تركها، صحت صلاته مع الكراهة. والنقول في هذه المسائل مشهور، وفي كتب المذهب مسطورة، وإنما أردنا تنبيه الغافلين،