الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعاصي)) (1) انتهى
هذا، وإنه ليسوءنا، ويسوء كلّ غيور على دينه، حريص على سعادة أمته، أن نرى مخالفة هذه الأدلة بين ظهرانينا من الرّجال والنّساء.
فنرى الرّجال يسبلون الثّياب، تجرّ على الأرض ذيولها، ويتركون الحبل على الغارب للنّساء، فيقصرن الثياب، ويكشفن الرؤوس والنحور والصدور، ويسرن في الطرقات متعطرات متبرجات متهتكات، كاسيات عاريات، مائلات مميلات، يبدين زينتهن، ويظهرن أطرافهن على مرأى ومشهد من القريب والبعيد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[5] * سدل الثوب والتلثّم في الصّلاة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السّدل في الصّلاة، وأن يغطّي الرّجل فاه (2) .
وذهب ابن مسعود والنّخعي والثّوري وابن المبارك ومجاهد والشافعي وعطاء إلى كراهة السّدل في الصّلاة.
(1) مجلة ((الدعوة)) : رقم (913) .
(2)
أخرجه: ابن خزيمة: كتاب الصلاة: باب النهى عن السّدل في الصّلاة: (1/379) رقم (772) . وأبو داود: كتاب الصلاة: باب ما جاء عن السّدل في الصّلاة: (1/174) رقم (643) . والترمذي: أبواب الصّلاة: باب ما جاء في كراهية السَّدْل في الصّلاة: (2/217) رقم (378) . وأحمد: المسند: (2/295 و 341) . والحاكم: المستدرك: (1/253) . والحديث حسن. انظر: ((صحيح الجامع الصغير)) : رقم (6883) .
واختلف في السّدل على أقوال:
قيل: أن يرسل الثّوب حتى يصيب الأرض. وهذا تفسير الشافعي (1) .
وهو على هذا المعنى: يشترك في معنى الإسبال، المبحوث في الخطأ السّابق.
وقيل: أن يرخي الرّجل ثوبه على عاتقه ثم لا يمسه.
وهو على هذا المعنى: خوفاً من كشف العاتقين، وسيأتي بحثه، إن شاء الله تعالى.
والتّفسير السّابق للإمام أحمد (2) .
وقال صاحب ((النهاية)) : ((هو: أن يلتحف بثوبه، ويدخل يديه من داخل، فيركع ويسجد، وهو كذلك)) .
قال: ((وهذا مطّرد في القميص وغيره من الثياب)) (3) .
قلت: وهو على هذا المعنى: يشترك في معنى ((اشْتمال الصَّمَّاء)) .
عن أبي سعيد الخدري أنه قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اشْتمال الصَّمَّاء)) (4) .
(1) انظر: ((المجموع)) : (3/177) و ((معالم السنن)) : (1/179) .
(2)
انظر: ((مسائل إبراهيم بن هانىء أحمد بن حنبل)) : رقم (288) .
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر: (3/74) .
(4)
أخرجه: البخاري: كتاب الصّلاة: باب ما يَستُرُ من العورة: (1/476) رقم (367) . وأبو داود: كتاب الصيام: باب في صوم العيدين: (2/319-320) رقم (2417) . والنسائي: كتاب الزّينة: باب النهي عن اشتمال الصماء: (8/210) . وابن ماجه: كتاب اللباس: باب ما نهى عنه اللباس: (2/1179) رقم (3559) .
قال أهل اللغة: هو أن يخّلل جسده بالثّوب، لا يرفع منه جانباً، ولا يبقي ما يخرج منه يده.
قال ابن قتيبة: سمّيت صماء، لأنه يسدّ المنافذ كلّها، فتصير كالصّخرة الصمّاء، التي ليس فيها خرق (1) .
وعلى هذا المعنى:
[1/5] تعلم خطأ كثير من المصلّين، عندما يصلون، و ((الجاكيت)) على كتفيهم من غير أن يدخلوا أيديهم في كمّها!!
ويؤيّد هذا: ما قاله أبو عبيد: ((السّدل: هو إسبال الرّجل ثوبَه من غير أن يُضمّ جانبيه بين يديه، فإنْ ضمّه فليس بِسَدْلٍ)) (2) .
وظاهره: إن كان جانبا الثّوب مضمومين، مع عدم إدخال اليدين في الكمّين، فلا يعتبر إسدالاً، مثل: الصّلاة في ((القَباء)) و ((العباءة)) .
قال السّفاريني:
(1) انظر: ((فتح الباري)) : (1/477) و ((شرح السنة)) : (12/16) و ((غريب الحديث)) : (4/192-193) و ((المجموع)) : =
= (3/173) . وقال الشوكاني في ((النيل)) : (2/67-68) بعد نقله للأقوال السّابقة في ((السَّدل)) وغيرها: ((ولا مانع من حمل الحديث على جميع هذه المعاني، إن كان السَّدْل مشتركاً بينها، وحمل المشترك على جميع معانيه، هو المذهب الأقوى)) .
(2)
غريب الحديث: (3/482) . وانظر: ((فتح الباري)) : (10/362) .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن طرح ((البقاء)) (1) على الكتفين من غير أن يدخل يديه في كمّيه، هل هو مكروه أم لا؟ فأجاب:((بأنه لا بأس بذلك باتّفاق الفقهاء، وليس هذا من السّدل المكروه، لأن هذه اللبسة، ليست لبسة اليهود)) (2) انتهى.
ودليله: ما رواه مسلم في ((صحيحه)) عن وائل بن حُجْر: ((أنه رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصّلاة، كّبر، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يديه اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثّوب، ثم رفعهما
…
)) (3) .
[2/5] ويكره أن يصلّي الرّجل، وهو مُتَلَثِّم (4)، للحديث السّابق:((أن يغطّي الرّجلُ فاه)) .
ويكره أن يضع يده على فمه في الصّلاة، إلاّ إذا تثاءب، فإن السنّة: وضع اليد على فيه.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا تثاوب أحدُكم، فَلْيُمْسِك بيده على فِيهِ، فإن الشّيطان يَدْخُلُ)) (5) والمرأة
(1) البقاء: بفتح القاف والمدّ، من ((قبوت)) الحرف أقبوه: إذا ضممته، وهو ((القفطان)) .
وفي ((القاموس)) : القبوة: انضمام ما بين الشّفتين، ومنه القباء من الثياب.
(2)
غذاء الألباب: (2/156) .
(3)
أخرجه مسلم في ((صحيحه)) رقم (277- مختصره) .
(4)
التلثّم: أن يغطي الرجل فاهُ بيده أو غيرها.
(5)
أخرجه: مسلم: كتاب الزهد والرقاق: باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب: (4/2293) رقم (2995) .