الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[54] * تخلّف آلاف من مشاهدي كرة القدم عن صلاة الجمعة:
جمهور ((الكرة)) ، الذي يصل عددهم إلى مئات الألوف، يجتمعون في وقت صلاة الجمعة في المدرجات، ويناديهم منادي السّماء، ولكن
…
أنّى لهم أن يستجيبوا له، وقد تعطّلت عقولهم، وماتت أحاسيسهم، مقابل ماذا؟! مقابل التعصب المقيت للفرق الرياضية المختلفة، فهذا يشجع فريقاً، وذاك يشجع فريقاً آخر، بل أن أهل البيت الواحد، ينقسمون على أنفسهم، هذا يتبع فريقاً، وذاك يتبع فريقاً آخر، ولم يقف الأمر عند حدّ التشجيع، بل تعداه إلى سخرية أتباع الفريق المنتصر واستهزائهم من أتباع المنهزمين، وفي نهاية المطاف
، يكون هناك الشجار والعراك، الذي يدور بين مشجعي الفريقين، وسقوط الجرحى والقتلى بالمئات، من ضحايا كرة القدم. ومقابل إشغال الأمة الإسلامية من التفكير في جهاد أعدائها، وقضاياها المصيريّة الكبرى.
ومقابل القضاء على معاني العزّة والكرامة في الأُمة، حيث بددت الأمة أموالاً طائلة، وأضاعت أوقاتاً طويلة، لو استغلتها الأمة في الأعمال النافعة، والصناعات المفيدة، لأصبحت الأمة في مقام الدول المتقدّمة، في المجالات المختلفة.
ومقابل قلب الموازين، حيث أصبح البطل في هذا الزّمان، هو لاعب الكرة (!!) لا المجاهد المدافع عن كرامة الأمة وعزّتها، بالإِضافة إلى بذل الأموال الضخمة للاعبين، والإِسلام لا يقرّ قلب الموازين، بل يعرف لكل إنسان قيمته، بلا إفراط ولا تفريط.
والخلاصة: إن كرة القدم الآن، أصبحت من المعاول الهدّامة، التي استخدمها أعداء الأمة الإِسلاميّة، وشجعوا عليها، ومما يؤكد ذلك:
ما جاء في البروتوكول الثالث عشر من ((بروتوكولات حكماء صهيون)) .
((. . . ولكي تبقى الجماهير في ضلال، لا تدري ما وراءها، وما أمامها، ولا ما يراد منها فإننا سنعمل على زيادة صرف أذهانها، بإنشاء وسائل المباهج
والمسلّيات، والألعاب الفكهة، وضروب أشكال الرياضة واللهو، وما به الغذاء لملذّاتها وشهواتها، والإِكثار من القصور المزوّقة والمباني المزركشة، ثم نجعل الصحف تدعو إلى مباريات فنيّة ورياضيّة
…
)) (1) .
أسمعت ـ أخي المسلم ـ ما يريد بك أعداؤك، إنهم يريدون بك أن تبقى في ضلال، فلا ترى النّور أبداً.
وإنك ـ إنْ فعلت ما حذّرتُك منه، من ترك صلاتك يوم الجمعة، فمصيرك الطبع على قلبك، فلا تغشاه الألطاف، ولا رحمة الله تعالى، بل يبقى دنساً وسخاً، مستعملاً في الآثام والقبائح، والعياذ بالله تعالى، إذ الطبع: الختم، فيكون ذا جفاء، لا يصل إليه شيء من الخير.
وظاهرة الأحاديث السابقة: أن من ترك ثلاث جمع تهاوناً ـ أي بلا عذر ـ يطبع على قلبه، ويكون من
الغافلين والمنافقين، ولو كان الترك متفرّقاً، وبه قال بعضهم، حتى لو ترك كل سنة جمعة، لطبع على قلبه بعد الثّالثة.
ويحتمل أن يكون المراد: ثلاث جمع متواليات.
ويؤّيده: أثر ابن عباس السابق.
واعتبار الثّلاث: إمهال من الله ـ تعالى ـ للعبد، ورحمة به، لعلّه يتوب من ذنبه، ويثوب إلى رشده، ويؤدّي الجمعة، ولا يتركها بلا عذر.
وأفاد الحديث الثالث: أن مَنْ وجبت عليه الجمعة، وتركها لغير عذر، فهو آثم إثماً كبيراً، يستحق مرتكبه العذاب الأليم.
وذهب بعض أهل العلم ـ مالك وأحمد والشافعي في الجديد ـ أن مَنْ لزمتهم الجمعة، ولا عذر لهم في التخلّف عنها ـ كمشاهدي ((الكرة)) ولاعبيها وقت الجمعة هذه الأيام ـ فلا تصح لهم صلاة الظهر قبل صلاة الإِمام، ويلزمهم السعي إن ظنوا أنهم لا يدركونها، لأنها المفروضة عليهم فإن أدركوها مع الإمام صلوها، وإن ظنوا أنهم يدركونها، لأنها المفروضة عليهم، فإن أدركوها صلوها، وإن فاتتهم فعليهم الظهر، وإن ظنوا أنهم لا يدركونها، انتظروا حتى يتيقنوا أن الإِمام قد صلى ثم يصلّون الظهر (1) .
ودليل ذلك: ما قاله عبد الله بن مسعود: ((ومن فاتته الركعتان، فليصل أربعاً)) (2) .
ويطلب ممن وجبت عليه الجمعة، وتركها لغير عذر، أن يصلي الظهر، ويتّصدّق بدينارٍ، فإن لم يجد فبنصف دينار.
عن سمرة بن جندب أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ ترك الجمعة متعمّداً، فليتصدق بدينار، فإن لم يجد فبنصف دينار)) (1) .
قال بعضهم: الأمر هنا للاستحباب، لأن الجمعة لها بدل، وهو الظهر.
والظّاهر: أن الأمر هنا للوجوب، كما هو الأصل فيه، وكون الجمعة لها بدل لا يدلّ على صرفه عن الوجوب، لاحتمال أن يكون وجوب الكفارة مع صلاة الظهر، عقاباً له عن تخلّفه عن الجمعة بلا عذر،