الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
((وهو مما ابتلى به أهل مكة، حيث يضعون الجنازة عند الكعبة ثم يستقبلون إليها)) (1)
وعلّق عليه الألباني: ((قلت: يعني في صلاة الفريضة، وهذا بلاء عام، قد تعدّاه إلى بلاد الشّام والأناضول وغيرها.
وقد وقفنا منذ شهر على صورةٍ شمسيّةٍ، قبيحة جداً، تمثل صفّاً من المصلّين، ساجدين تجاه نعوش مصفوفة أمامهم، فيها جثث جماعة من الأتراك، كانوا ماتوا غرفاً في باخرة)) (2) .
وبهذه المناسبة نلفت النّظر إلى أن الغالب من هدية صلى الله عليه وسلم، هو الصّلاة على الجنائز في ((المصلّى)) خارج المسجد، ولعل من حكمة ذلك إبعاد المصلِّين عن الوقوع في مثل هذه المخالفة، التي نبّه عليها العلّامة القاري رحمه الله تعالى (3) .
فاقتد - أيها المسلم - إن كنت عبد الله، بسلفك الصالح، وتحقق بالتوحيد الخالص، فلا تعبد إلا الله، ولا تشرك بربك أحداً، كما أمر تعالى بقوله:
[14] * تخصيص مكان للصّلاة في المسجد:
يكره لغير الإمام التزام مكان خاص من المسجد، لا يصلّي الفرض إلا به، بدليل حديث
عبد الرحمن بن شبل قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يُوَطّن الرَجل المكان في المسجد كما يوطّنُ البعير (5)
(1) 4 (مرقاة المفاتيح: (2/372) .
(2)
5 (تحذير الساجد: (ص35) .
(3)
6 (المرجع السابق: (ص36)
(4)
1 (سورة الكهف: آية رقم (110) .
(5)
2 (أخرجه احمد في ((المسند)) : (3/428و444) والدارمي في السنن: (1/303) وابن حبان في ((الصحيح)) : رقم (476- موارد) ووالنسائي في ((المجتبي)) : (2/214) وأبو داود في ((السنن)) : رقم (862) وابن ماجه في ((السنن)) : رقم (1429) والحاكم في ((المستدرك)) : (1/229) من طريق تميم بن محمد عن عبد الرحمن بن شبل به.. قال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي، والعجب منه، فإنه القائل في تميم في ((الميزان)) :(1/360) : ((قال البخاري: في حديثه نظر، روى عنه عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي)) ((والطرائفي هذا مات سنة اثنتين أو ثلاث ومائتين، فأنى له أن يروي عن تميم وهو من التابعين هذا وهم من الذهبي رحمه الله تعالى. والصحيح أنه لم يرو عنه غير جعفر بن عبد الله بن الحكيم، وهو راوي الحديث السابق عنه، فهو مجهول. ولكن الحديث السابق حسن، فقد تابعه غيره، عند أحمد في ((المسند)) : (5/446و447) والبغوي في ((مختصر المعجم)) : (9/31/1)، كما في ((السلسلة الصحيحة)) : رقم (1168) .
ولا يعارضه: حديث يزيد بن أبي عبيد قال: كنت آتي سلمة بن الأكوع فيصلِّي، عند الأسطوانة، التي عند المصحف، فقلت: يا أبا مسلم أراك تتحرّى الصّلاة عند هذه الأسطوانة. قال: فإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها (1) .
لأنه محمول على النّفل، أو للاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن في النّفل أيضاً (2) ، فهو من مخصّصات الحديث السّابق، وقد صرح بذلك سلمة بن الأكوع، فقال:((فإني رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها)) .
(1) 3 (أخرجه البخاري في ((صحيحه)) : رقم (502) وغيره.
(2)
4 (كما وقع التصريح به في بعض الروايات، انظر: ((شرح ثلاثيات المسند)) : (2/781) .
ففعل سلمة ما ترى، اقتداء بسيد الورى، لأنه هو أعلم وأدرى بالذي هو أولى وأحرى.
ودل الحديث على أنه ينبغي مزيد التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى في الأزمنة والأمكنة، التي كان يتحرى وقوع العبادة فيها، واستحباب تتبع آثاره صلى الله عليه وسلم.
والأسطوانة المذكورة، قال فيها ابن حجر:((حقق لنا بعض مشايخنا أنها المتوسطة في الروضة المكرمة، وأنها تعرف بأسطوانة المهاجرين. قال: وروى عن عائشة أنها كانت تقول: ((لو عرفها الناس لاضطربوا عليها بالسّهام)) وأنها أسرّتها إلى ابن الزّبير، فكان يكثر الصلاة عندها. ثم وجدتُ ذلك في ((تاريخ المدينة)) لابن النجار.
وزاد: ((إن المهاجرين من قريش كانوا يجتمعون عندها)) وذكره قبله محمد بن الحسن في ((أخبار المدينة)) (1) .
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: ((وأن يوطن الرجل المكان في المسجد، كما يوطن البعير)) .
معناه: لا ينبغي للرجل أن يتخذ لنفسه مكاناً خاصاً من المسجد، لا يصلي إلا فيه، كالبعير لا يبرك إلا في مبرك اعتاده (2) .
قال صاحب ((كشاف القناع)) : ((ويكره اتخاذ غير الإمام مكاناً بالمسجد، لا يصلّي فرضه إلا فيه، لنهيه صلى الله عليه وسلم
(1) 1 (فتح الباري: (1/577) .
وذكر السفاريني في ((شرح ثلاثيات المسند)) : (2/783) أنه عندما حج في عام ثمانية وأربعين ومئة وألف، قصد الصلاة عند هذه الأسطوانة، فوجد عليها محراباً، ليزيدها ذلك وضوحاً وإعراباً، غير أنهم قد أخّروه عما كان، فسأل الشيخ محمد حياة السندي عن ذلك، فقال: أعلم أنهم قد أخّروا البنيان عن هيئته ليكون خط المصلي
أن يكون موضع جبهته محلَ القدمين الشريفين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله: وما جعلوا لذلك علماً لإصابة المكان المعتبر؟ فقال: بلى أن تجعل رمّانة كتفك، محاذاة لرمّانة المنبر، وختم السفاريني- رحمه الله –بقوله:((فحصل لنا بذلك من الفرح والسرور، ما لا يدخل تحت عبارة، ولا تشرحه إشارة)) .
(2)
2 (انظر: ((تهذيب سنن أبي داود)) : (1/408) لابن القيم.