الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر العلماء أن تصديق العرّاف والكاهن والمنجّم من الكبائر (1) .
وقد قال صلى الله عليه وسلم في النهي عن ذلك: من أتى عرّافاً أو كاهناً فصدّقه بما يقول: فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (2) .
وقال صلى الله عليه وسلم: من أتى عرّافاً فسأله عن شيء، لم تُقبلْ له صلاة أربعين يوماً (3) .
ولا أدري بعد ذلك، كيف يعكف النّاسُ على أمثال تلك التّرهات والخزعبلات والأباطيل، معرضين عن هدي المعصوم صلى الله عليه وسلم وما جاء به؟ !
[64] * أخطاء المصلّين في صلاة العيدين:
النّاس في فهم العيد صنفان:
صنف لا يفهمون منه إلا بطالة؟، يأخذ النّاسُ فيها نصيبهم، من اللهو واللعب، والمتعة بطيب الطّعام وحسن الثّياب، وهؤلاء تراهم، يدّخرون للعيد ويعدّون له العدّة، قبل حلوله بأشهر.
وصنف يفهم في العيد ما هو أسمى من ذلك وارفع وأجلّ.
فأما الصّنف الأول:
فإذا لم يواتهم الزّمان، في إقامة العيد، على ما اشتهوا وفهموا من
العيد، لم يعدّوا العيدّ عيداً، بل يزدادوا حزناً وحسرةً وألماً.
أما الصّنف الثّاني: فإن العيد عندهم، عيد على كلّ حال، إذ كان معنى العيد عندهم هو: ما لحظة الدّينُ فيه، وهذا موجودٌ في حالتي الشدّة والرّخاء، والسرّاء والضّراء، والمؤمن مغتبط وراض وصابر في الشدّة والبلاء، لأنه يؤمن بأن ما أصابه في حظّه من الدّنيا، ليس بمصيبةٍ على الحقيقة.
وعنده أن المصيبة إنما هي في الدّين، ودين المؤمن سالم ما دام مؤمناً، ولأن المؤمن يعتقد أنّ ما أصابه إنما هو: بقضاء الله وقدره، وإنه لراض بذلك، ومفوّض أمره إلى الله، ومؤمل خيراً في العاقبة، وراج ثواباً على صبره في الآخرة.
[1/64] وليس في الإسلام سوى عيدين، هما: عيد الفطر وعيد الأضحى وقد ابتلى المسلمون باتّخاذ كثير من أعياد زمانية ومكانية ما أنزل الله بها من سلطان. فأما الزّمانيّة فكثيرة،
منها: يوم المولد النبوي وليلة المعراج وليلة النّصف من شعبان، ومنها: ما يجعل لميلاد صالح أو مَنْ يظنّ صلاحه، ومنها: ما يجعل لولاية بعض الملوك، ويسمى (عيد الجلوس) وهو مأخوذ من (عيد النيروز) عند العجم. ومنها: ما يجعل لثورة المنازعين للملوك وانتصار بعضهم على بعض، وهو مأخوذ من (عيد المهرجان) عند العجم.
ومن الأعياد المبتدعة أيضاً: عيد الجلاء وعيد الاستقلال، إلى غير ذلك من الأعياد المبتدعة (1) لأيّام السّرور والأفراح، مما لم يأذن به الله.
وأما المكانيّة: فهي ما أحدثه الهمج الرّعاع من الاجتماعات عند القبور، واعتياد المجيء
إليها، إما مطلقاً، وإما في أوقاتٍ مخصوصة، ولا سيما ما يفعل عند القبر المنسوب إلى البدوي بمصر، وعند القبر المنسوب إلى الحسين بكربلاء، وعند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني ببغداد.
فكل واحد من هذه القبور الثّلاثة قد جعله أشباهُ الأنعام عيداً لهم، يضاهئون به ما شرعه الله للحنفاء من الاجتماع عند الكعبة وفي عرفات ومزدلفة ومنى في أيّام الحج. والقبور التي قد افتتن بها الضّلالُ، واتّخذوها أعياداً، أكثر من أن تحصر، ولا حاجة إلى ذكرها وتعدادها، إذ لا
فائدة في ذلك، وإنما المقصود ههنا التحذير من مشابهة المشركين في أعيادهم الزّمانية والمكانيّة (1) .
وبعد:
[2/64] فالمنكرات في حياة المسلمين في الأعياد كثيرة، وقسم منها موجود في حياتهم في غير العيد، ولكنها تكثر وتزداد في الأعياد، من مثل: التزين بحلق اللحية، ومصافحة النّساء الأجنبيات (غير المحرّمات حرمة مؤبّدة) ، وتبرج النساء وخروجهن إلى الأسواق وغيرها، والتشبه بالكفار والغربيين في الملابس (2) واستماع المعازف وغيرها، وتخصيص زيارة القبور يوم العيد، وتوزيع الحلويات والمأكولات فيها، والجلوس على القبور، والاختلاط، والسّفور الماجن، والنّياحة على الأموات، والدّخول على النّساء غير المحارم،
والإسراف والتّبذير بما لا طائل
تحته، ولا مصلحة فيه، وغيرها من المنكرات (3) .
والذي يهمّنا منها في مبحثنا هذا، ما يتعلّق بالصّلاة، حيث يفعلها أصحابُها بدعوى التقرّب إلى الله! ويمكن أن نحصر أخطاء المصلّين في صلاة العيدين بالنّقاط التّالية:
[3/64] * تساهل بعضهم فيها، والقول بسنيّتها، وترك صلاتها في المصلّى.
قال الشوكاني: اعلم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لازم هذه الصّلاة في العيدين، ولم يتركها في عيدٍ من الأعياد، وأمر الناس بالخروج إليها، حتى أمر بخروج النّساء العواتق وذوات الخدور والحيَّض. وأمر الحيَّض أن يعتزلن الصّلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، حتى أمر مَنْ لا جلباب لها أن تلبسها صاحبتُها من جلبابها، وهذا كله يدلّ على أن هذه الصَّلاة واجبةٌ وجوباً مؤكّداً على الأعيان لا على الكفاية (4) .
قلت: يشير الشوكاني ـ رحمه الله تعالى ـ إلى حديث أم عطيّة رضي الله عنها قالت: أمرنا رسول صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق والحيَّض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصّلاة. وفي لفظ: المصلّى، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين.
قلت: يا رسول الله! إحدانا لا يكون لها جلباب!
قال: لتلبسها أختها من جلبابها (1) .
والأمر بالخروج يستلزم الأمر بالصّلاة لمن لا عذر له، بفحوى الخطاب، لأنّ الخروج وسيلة إليها، ووجوب الوسيلة يستلزم وجوب المتوسل إليه، والرّجال أولى من النّساء بذلك (2) .
ومن الأدلة على وجوب صلاة العيدين: أنها مسقطة للجمعة إذا اتفقتا في يوم واحد، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عندما اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد:((اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون)) (3) .
ومن المعلوم: أن ما ليس بواجب لا يُسْقِطُ ما كان واجباً، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لازمها جماعة منذ شُرِعت إلى أن مات، وانضمّ إلى هذه الملازمة الدّائمة أمره للناس بان يخرجوا إلى الصّلاة (4) .
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. قال رحمه الله تعالى:
((رجحنا أن صلاة العيد واجبة على الأعيان، كقول أبي حنيفة (5) وغيره، وهو أحد أقوال الشّافعي، وأحد القولين في مذهب أحمد.
وقول مَنْ قال: لا تجب، في غاية البُعْدِ، فإنها من أعظم شعائر الإسلام، والنّاس يجتمعونَ لها أعظم من الجمعة، وقد شُرع فيها التكبير، وقولُ مَنْ قال: هي فرضٌ على الكفاية، لا ينضبط)) (6) .
ومن المفيد هنا أن نقف على أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أم عطيّة السابق الذي فيه خروج النساء حتى الحيّض والعواتْق (1) منهنّ لـ ((يشهدن الخير ودعوة المسلمين)) مستفيدين حُكْمَين فقهيين:
الأول: مشروعيّة خروّج النّساء لصلاة العيدين.
هذا ونحن نحضّ النّساء على حضور جماعة المسلمين تحقيقاً لأمر سيّد المرسلين صلى الله عليه وسلم، فلا يفوتنا أن نلفت نظرهن ونظر المسؤولين عنهن إلى وجوب تقيّدهن بالحجاب الشّرعي.
وقد يستغرب البعض القول بمشروعية خروج النّساء إلى المصلّى لصلاة العيدين، فليعلم: أن هذا هو الحق الذي لا ريب فيه، لكثرة الأحاديث الواردة.
في ذلك، وحسبنا الآن حديث أم عطيّة المتقدّم، فإنه ليس دليلاً على المشروعية فقط، بل وعلى وجوب ذلك عليهن لأمره صلى الله عليه وسلم به، والأصل في الأمر الوجوب، ويؤيّده: ما روى ابن أبي شيبة عن أبي بكر الصّديق قال:
حق على كلّ ذات نطاق (2) الخروج إلى العيدين (3) .
وقد ادّعى بعضهم النسخ في حديث أم عطيّة، قال الطحاوي: وأمره عليه الصلاة والسلام بخروج الحيض وذوات الخدور إلى العيد، يحتمل أن يكون في أوّل الإسلام، والمسلمون قليل، فأريد التّكثير بحضورهنّ إرهاباً للعدو، وأما اليوم فلا يحتاج إلى ذلك!!
وتعقب بأن النسخ لا يثيب بالاحتمال. قال الكرماني: تاريخ الوقت لا يعرف. وتعقب بدلالة حديث ابن عباس: أنه شهده وهو صغير، وكان ذلك بعد فتح مكة، فلم يتم مراد الطحاوي، وقد صرح في حديث أم عطيّة بعليّة الحكم، وهو:((شهودهن الخير ودعوة المسلمين)) ورجاء بركة ذلك اليوم وطهرته، وقد أفتت به أم عطيّة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت عن أحدٍ من الصّحابة مخالفتها في ذلك.
وفي قول الطحاوي: ((إرهاباً للعدو)) نظر، لأن الاستنصار بالنّساء، والتكثر بهن في الحرب، دال على الضّعف (4) .
وبهذه المناسبة أُذكّر بأن صلاة النساء في المساجد سنّة ثابتة متّبعة، لم يختلف في
صحتها أحدٌ من المسلمين، وإطلاق حكم الحرمة عليها ـ كما سمعتُه غير مرة من غير واحد من العوامِ ـ جهلٌ فاضح، نعم، ورد أن صلاة النّساء في بيوتهن أفضل من صلاتهنّ في المسجد، وإنْ
عُلِمَ أن خروجهن إلى المسجد، يكون سبباً للفتنة، جاز أو وجب منع مَنْ يعلم أو يظن الافتتان بهنّ فقط، مع إزالة سبب الفتنة، ولكن لا يصح أن يُقال: أن خروجهن إلى المسجد، وصلاتهن فيه، محرّمة عليهن، ولا أن يجعل حكماً عاماً مطلقاً (1) .
والآخر: أن صلاة العيدين محلّها المصلّى لا المسجد، مع جوازها فيه.
ووجه ذلك: أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم حثّ على حضور الحيَّض صلاة العيد، والمسجد لا يصلح لحضورهن، فلم يَبْقَ إلا أن يكون حضورهن للمصلّى.
وهذا ما وقع التّصريحُ به في غير حديث، مثل:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلّى، فأوّل شيء يبدأ به الصّلاة (2) .
قال ابنُ الحاجّ المالكي: والسنّة الماضية في صلاة العيدين أن تكون في المصلّى، لأنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)) (3) .
ثم هو مع هذه الفضيلة العظيمة، خرج صلى الله عليه وسلم وتركه (4) .
وقد استمرّ العملُ على هذه السنّة في الصَّدر الأوّل، إلا إذا كانت ضرورة من مطر ونحوه. وهذا مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم.
ففي ((الفتاوى الهنديّة)) (5) : ((الخروج إلى الجبّاية (6) في صلاة العيد سنة، وإن كان يسعهم المسجد الجامع، على هذا عامة المشايخ، وهو الصحيح)) .
وفي ((المدونة)) (1) : ((وقال مالك: لا يصلى في العيدين في موضعين، ولا يصلّون في مسجدهم، ولكن يخرجون كما خرج النّبيُّ صلى الله عليه وسلم) .
وقال ابن قدامة: ((السنّة أن يصلي العيد في المصلَّى، أمر بذلك عليّ رضي الله عنه،
واستحسنه الأوزاعي وأصحاب الرأي، وهو قول ابن المنذر)) (2) .
ثم إن هذه السنّة ـ سنّة الصّلاة في الصّحراء ـ لها حكمة عظيمة بالغة: أن يكون للمسلمين يومان في السنة، يجتمع فيهما أهلُ كلّ بلدة، رجالاً ونساءَّ وصبياناً، يتوجّهون إلى الله بقلوبهم، تجمعهم كلمةّ واحدة، ويصلّون خلف إمامٍ واحدٍ، يكبّرون ويهللون، ويدعون الله مخلصين، كأنهم على قلب رجل واحد، فرحين مستبشرين بنعمة الله عليهم، فيكون العيد عندهم عيداً.
فعسى أن يستجيب المسلمون لا تّباع سنة نبيّهم، ولإحياء شعائر دينهم، الذي هو معتقد عزهم وفلاحهم (3) .
[4/64] * ترك التكبير جهراً في الطّريق إلى المصلّى.
عن الزّهري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر، فيكبّر، حتى يأتي المصلّى، وحتى يقضي الصّلاة، فإذا قضى الصّلاة قطع التكبير (5) .
((في هذا الحديث دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين، من التكبير جهراً في الطّريق إلى المصلّى، وإن كان كثير منهم بدأوا يتساهلون بهذه السنّة، حتى كادت أن تصبح في خبر كان، وذلك لضعف الوازع الدّيني منهم، وخجلهم من الصّدع بالسنّة والجهر بها. ومن المؤسف أن فيهم مَنْ يتولّى إرشاد النّاس وتعليمهم، فكأن الإرشاد عندهم محصور بتعليم النّاس ما يعلمون!! وأما ما هم بأمس الحاجة إلى معرفته، فذلك مما لا يلتفتون إليه، بل يعتبرون البحث
فيه، والتّذكير به، قولاً وعملاً، من الأمور التّافهة، التي لا يحسن العناية بها عملاً وتعليماً، فإنّا لله وإنا إليه راجعون.
ومما يحسن التّذكير به بهذه المناسبة:
[5/64] أنّ الجهر بالتّكبير هنا لا يشرع فيه الاجتماع عليه بصوتٍ واحد كما يفعله البعض، وكذلك كلُّ ذكر يشرع فيه رفع الصّوت أو لا يشرع، فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور، ومثله
الأذان من الجماعة المعروف في دمشق بـ ((أذان الجوق)) ، وكثيراً ما يكون هذا الاجتماع سبباً لقطع الكلمة أو الجملة في مكان لا يجوز الوقف عنده، مثل ((لا إله)) في تهليل فرض الصبح والمغرب،كما سمعنا ذلك مراراً.
فلنكن في حذٍر من ذلك، ولنذكر دائماً قوله صلى الله عليه وسلم:((وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم)(1) .
* رفع اليدين في تكبيرات صلاة العيدين.
[6/64] لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه مع تكبيرات العيد.
لكن قال ابنُ القيم: وكان ابن عمر ـ مع تحريه للاتّباع ـ يرفع يديه مع كلّ تكبيرة (2) . وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وكونه مروياً عن ابن عمر وأبيه رضي الله عنهما لا يجعله سنّة، لا سيما أن رواية عمر وابنه لا تصح (3) .
وقد قال مالك في رفع اليدين في تكبير صلاة العيدين: ((لم اسمع فيه شيئاً)) (4) .
وهذا مذهبه، كما في ((المدونة)) :(1/169) ونقله عنه النووي في ((المجموع)) : (5/26) .
إلا أن ابن المنذر قال: ((قال مالك: ليس في ذلك سنّة لازمة، فمن شاء رفع يديه فيها كلها، وفي الأولى أحبّ إليّ)) (5) .
* صلاة سنّة قبليّة للعيد والقول: الصّلاة جامعة قبل قيام الناس للصّلاة.
[7/64] المشاهد في أغلب بلاد المسلمين: أن الحاضرين لصلاة العيد في المصلّى يصلّون ركعتين قبل جلوسهم في أماكنهم، منتظرين قيام الإمام للصّلاة. وهاتان الرّكعتان لم تردا عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل الوارد عنه تركهما.
عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفطر ركعتين، لم يُصل قبلها ولا بعدها (1) .
قال الحافظ ابن حجر: والحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سنّة قبلها ولا بعدها، خلافاً لمن قاسها على الجمعة (2) .
وقال الإمام أحمد: ليس قبل العيد، ولا بعده، صلاة قط (3) .
وقال أيضاً: لا صلاة قبل ولا بعد، خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العيد، فلم يُصلّ قبل ولا بعد، وأهل البصرة يصلّي بعضهم قبل، وأهل الكوفة بعضهم يصلّي بعد (4) .
وقال ابن القيم:
ولم يكن هو صلى الله عليه وسلم ولا أصحابُه يُصلّون إذا انتهوا إلى المصلّى قبل الصَّلاة ولا بعدها (5) .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلّى أخذ في الصّلاة من غير أذان، ولا إقامة، ولا قول: الصّلاة جامعة، والسنّة أنه لا يُفعل شيء من ذلك (6) . بل صرح المحققون من العلماء أن فعلها بدعة (7) .
*إحياء ليلتي العيد:
[8/64] إن كثيراً من الخطباء والوعّاظ يلهجون بحثّ النّاس على التقرّب إلى الله سبحانه بإحياء ليلتي العيد، ولا يوجد لهم مستند صحيح في قولهم هذا.
ولا يكتفي هؤلاء المتمشيخون بحثّ الناس على ذلك، بل ينسبونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فيرفعون إليه قوله:((من أحيى ليلة الفطر والأضحى، لم يمت قلبُه يوم تموت القلوب)) (1) .
وهذا حديث موضوع، لا تجوز نسبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فضلاً عن مشروعية العمل به، ودعوة النّاس إلى تطبيقه.
* أخطاء الخطباء:
[9/64] من أخطاء الخطباء لصلاة العيد:
افتتاحهم الخطبة بالتّكبير، وتكبيرهم بين أضعاف الخطبة.
قال ابن القيّم ـ رحمه الله تعالى ـ: وكان صلى الله عليه وسلم يفتتح خُطَبَه كلَّها بالحمد لله، ولم يُحفظ عنه في حديثٍ واحد أنه