الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقديم
اللغة العربية تميزّت عن لغات العالم بكثرة ألفاظها، وغزارة معانيها.
وما ورد منها قليل من كثير، وغيض من فيض، وغرفة من بحر.
وما أصدق قول الإمام الشافعيّ: «لسان العرب أوسع الألسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبيّ» وقد سجّل ذلك ابن فارس في كتابه «الصاحبي» في معرض الفخر باللغة العربيّة التي اختصّها الله تعالى بالفضل، وميّزها بالبيان حيث قال جل شأنه: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ قال الصاحبي: ومعلوم أن العجم لا تعرف للأسد اسما غير واحد، فأما نحن فنخرج له خمسين ومائة اسم.
ولما بزغت شمس الإسلام من سماء القرآن اكتسبت اللغة العربية قوّة في البيان، وجزالة في اللفظ، وفخامة في المعنى، بما تشتمل عليه من ألفاظ موحية، وكلمات مشرقة، وتراكيب بديعة.
ومعاني القرآن الكريم لا تنتهي عند حد، ولا تقف عند نهاية، فكلما ظهرت معان تجدّدت معان أخرى، وهكذا.
فمعاني القرآن الكريم مع المتدبّرين والدارسين ولادة بعد ولادة حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ولله درّ الإمام الغزالي حينما عبّر عن هذه المعاني بقوله: «إلى
كم تطوف على ساحل البحر مغمضا عينيك عن غرائبها. أو ما كان لك أن تركب لجّتها لتبصر عجائبها، وتسافر إلى جزائرها لاجتناء أطايبها، وتغوص في أعماقها، فتستغني بنيل جواهرها؟
أو ما بلغك من أن القرآن الكريم هو البحر المحيط، ومنه يتشعّب علم الأولين والآخرين كما يتشعّب من سواحل البحر المحيط أنهارها وجداولها» ومن المعاني الغزيرة التي ضمّها القرآن الكريم من خلال كلماته المشرقة وألفاظة البديعة ما يسمى بالمشترك اللفظيّ.
عشت في رحاب القرآن الكريم دارسا هذه الظاهرة، باحثا عن مصادرها، عارضا المؤلفات التي ألفت في ميدانها وأرجو الله أن يوفقنا لخدمة كتابه، وعرض درره وجواهره، إنه نعم المولى، ونعم النصير.
عبد العال سالم مكرم
من كتاب: جواره القرآن الكريم ودرره للإمام الغزالي- طبع بيروت.