الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويؤيد الدكتور إبراهيم أنيس رأيه بأن القرآن الكريم لم يقع فيه المشترك اللفظيّ إلّا قليلا جدا، ونادرا، فيقول:
ويندر أن تصادفنا كلمة مثل «أمة» التي استعملت في القرآن الكريم بمعنى: «جماعة من الناس» ، وبمعنى «الحين في قوله تعالى:
وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ (1)، وبمعنى «الدين» في قوله تعالى: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ. (2)
مناقشة هذا الرأي:
إن ما ذكره أستاذنا يختلف كل الاختلاف عما ذكره الأقدمون والمتأخرون في أنّ المشترك اللفظيّ وقع في القرآن الكريم بكثرة سواء كانت المعاني الدلاليّة للفظة
الواحدة متقاربة أو متباعدة.
وهناك من الآثار والأخبار ما لا يتّفق مع ما ذكره أستاذنا الفاضل، فقد قال مقاتل بن سليمان في صدر كتابه، المصنّف في هذا المعنى حديثا مرفوعا، وهو:«لا يكون الرجل فقيها كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة» (3) وقد فسّر بعضهم هذا الحديث المرفوع بأن المراد أن يرى اللفظ الواحد يحتمل معاني متعدّدة، فيحمله عليها إذا كانت غير متضادّة ولا يقتصر به على معنى واحد.
وقصة علي كرم الله وجهه- معروفة في التاريخ الإسلامي، فحينما
(1) يوسف: 45.
(2)
الزخرف: 23.
(3)
معترك القرآن: 1/ 514، 515.
أرسل عليّ كرّم الله وجهه- ابن عبّاس إلى الخوارج، قال: اذهب إليهم، وخاصمهم، ولا تخاصمهم بالقرآن، فإنه ذو وجوه، ولكن خاصمهم بالسّنّة» وفي رواية أخرى قال له:«يا أمير المؤمنين، فأنا أعلم بكتاب الله، وفي بيوتنا نزل، قال: صدقت، ولكن القرآن حمّال على وجوه، تقول، ويقولون، ولكن حاجّهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصا، فاخرج إليهم، فحاجّهم بالسنة، فلم يبق بأيديهم حجّة» . (1)
ومالي أذهب بعيدا وقد قرّر بعض علماء اللغة المحدثين أن ظاهرة المشترك اللفظي تقع في كثير من اللغات، وهذا هو:«استيفن أولمان» يقرّر بما لا يدع مجالا للشك أن: «اللغة في استطاعتها أن تعبر عن الفكر المتعدّدة بواسطة تلك الطريقة الحصيفة القادرة التي تتمثل في تطويع الكلمات، وتأهيلها للقيام بعدد من الوظائف المختلفة، وبفضل هذه الوسيلة تكتسب الكلمات نفسها نوعا من المرونة والطواعية» فتظل قابلة للاستعمالات الجديدة. (2)
على أن زميلنا الأستاذ الدكتور أحمد مختار لم يرتض رأي الأستاذ الدكتور أنيس، ووجه إليه ردا يضاف إلى ردّنا السابق. فماذا قال الدكتور مختار؟
قال: «وإذا كان لنا من تعليق على رأي الدكتور أنيس فإنه يتلخص فيما يأتي:
1 -
«أنه رغم تضييقه الشديد لمفهوم المشترك اللفظيّ في كتابه:
«دلالة الألفاظ» ، وقصره المشترك الحقيقي على كلمات لا تتجاوز أصابع اليد
…
نجده في كتابه «في اللهجات العربيّة» يصرّح بإن المعاجم العربيّة قد امتلأت به.