الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب - الوجوه والنظائر في القرآن الكريم لهارون
منهج المؤلف:
القارىء لكتاب الأشباه والنظائر ل «مقاتل بن سليمان» ، والقارىء لكتاب هارون بن موسى يجد أنّ هارون اقتفى أثر مقاتل، وسار في دربه، كرر كلماته، ورتب في كثير من كتابه الكلمات المشتركة، وفق ما رتبه مقاتل، فمقاتل بدأ بشرح:«الهدى، ثم الكفر، ثم الشرك» وكذلك سار على هذا النهج هارون بن موسى.
وفي كثير من الأحوال يختم مقاتل وجوهه بقوله: «ونحوه كثير» وكذلك يفعل هارون، إذ نجد عبارة:«ونحوه كثير» تختم الوجوه التى ذكرها، ومن ناحية الأسلوب نجد أن الأسلوبين في الألفاظ، والترتيب والتنسيق متساويان في معظم النصوص، وإن اختلفا في القليل النادر، وهو اختلاف عند التمعن نجد أن منشأه النسخ، فقد يزيد الناسخ كلمة أو ينقص من النّص كلمة، لكنّ المعنى موحّد في جملة الكتابين لهذا، فإني أشك في أن كتاب هارون كتاب مستقل، وإنما هو صورة تكاد تكون طبق الأصل من كتاب مقاتل.
حقا، إن هارون التزم الإيجاز في كثير من تفسيره، ولكنه اختصار لكتاب مقاتل، وإذا كان مقاتل توفي بالبصرة سنة 150 هـ، وهارون توفي بها سنة 170 هـ تقريبا، فالرّجلان متعاصران في الزمان والمكان وإن كان مقاتل أسبق زمنا.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل هما أخذا من مصدر واحد
فجاء كتاباهما متفقين، أو بعبارة أدقّ متقاربين، وأن هارون أخذ عن مقاتل، ونقل عنه كتابه؟
تلك قضية تحتاج إلى نقاش طويل، لا تتسع له مساحة البحث.
غير أن هناك إشارة نقلها زميلنا الدكتور حاتم الضامن محقق هذا الكتاب في مقدمته نقلها عن تاريخ بغداد 14/ 5، وهي أن راوي هذا الكتاب هو أبو نصر مطروح بن محمد بن شاكر القضاعى المصري المتوفي بالأسكندرية سنة 271 عن عبد الله بن هارون، وهو ابن المؤلف. (1)
ولا شك أن هذه الإشارة تلقي ضوءا كاشفا يتضح من خلاله أن هارون لم يؤلف هذا الكتاب، وإنما كان راويا لموادّه، وحافظا لها، وتولى ابنه رواية هذه الوجوه عن أبيه ثم روى عن أبنه أبو نصر مطروح بن محمد، فهذه المدّة الطويلة التي بقيت فيها مادّة كتابه محفوظة في الصدور لا بد أن تتغير صيغها، وأساليبها، من راو إلى راو، ومن ناقل إلى ناقل.
وأرجح أن الأشباه والنظائر لمقاتل كان مؤلفا منسوخا في عصر تداولته الأيدي، ونقلت عنه، ولم لا يكون ذلك كذلك فإن مقاتل قد نسبت إليه مؤلفات أخرى، وهي:
1 -
التفسير الكبير، وهو تفسير كامل للقرآن.
2 -
نوادر التفسير.
3 -
الناسخ والمنسوخ.
4 -
الردّ على القدرية. (2)
(1) مقدمة التحقيق: 12.
(2)
انظر مقدمة «عبد الله شحاته على الأشباه والنظائر: 80
وإذا كان لمقاتل هذا الرّصيد من العلم المسّجل، فبدون شك كان هذا العلم في زمن مبكر مصدرا لكل المعارف القرآنية، ومن جاءوا بعده عيال عليه، ومن هؤلاء هارون بن موسى.
على أية حال كانت اتفق مع الدكتور حاتم الضامن في أنه:
«ليس للكتاب منهج واضح، إذ لم يرتب الألفاظ حسب حروف الهجاء ومنهجه يتفق اتفاقا تاما قريبا مع منهج مقاتل بن سليمان إلا أنه يزيد على كتاب مقاتل أربعا وعشرين لفظة إذ عددها عند مقاتل ست وأربع وثمانون لفظة. (1)
وقبل أن أنهى الحديث عن المنهج هناك ملحوظة، أسوقها للزميلين المحققين لهذين الكتابين:
فالدكتور عبد الله شحاتة محقق كتاب مقاتل، فهرس الكتاب أبجديّا على حسب جذور الكلمة، فكلمة التصاريف مثلا جعلها تحت حرف الصاد بدون نظر إلى حروف الزيادة، والدكتور حاتم محقق كتاب هارون رتب الكلمات على حسب الحرف الأول بغض النظر عن أن يكون أصليا أو زائدا، فجعل كلمة:«التصريف» تحت حرف التاء مع أنها من حروف الزيادة هذه ناحية، ولذلك تعثرت المقابلة بين الكتابين لمن يريد أن يقابل.
وناحية أخرى كنت أودّ من الدكتور حاتم أن يفهرس لنا الكلمات التي زادها هارون على مقاتل لنتبيّن مواضعها في الكتاب.
(1) مقدمة المحقق: 12.