الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - ما
تفسير «ما» على سبعة وجوه:
فوجه منها «ما» يعني» «لا» فذلك قوله في «ص» : قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ يعني لا أسألكم عليه أجرا وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (1) يقول: ولا أنا الذي يكلفكم الأجر، كقوله في «حم السّجدة»: ما يُقالُ لَكَ (2) يقول: لا يقال لك.
وقوله في «البقرة» : أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ (3)، وقال في آل عمران: ما كانَ لِبَشَرٍ يعني لا ينبغي لبشر أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي (4).
وقال في «عسق» : وَما كانَ لِبَشَرٍ (5) يعني لا ينبغي لبشر.
والوجه الثاني: ما، يعني «ليس، فذلك قوله في «هود» : وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ (6) يقول: ليس لكم ربّ غيره. وقال أيضا وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ (7) يقول ليس لكم رب غيره.
(1) ص: 86.
(2)
فصّلت: 43.
(3)
البقرة: 174.
(4)
آل عمران: 79.
(5)
الشورى: 51.
(6)
هود: 61.
(7)
هود: 84.
والوجه الثالث: «ما» يعني «الذي» فذلك قوله: وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (1) يعني والذي خلق الذكر والأنثى، وكقوله في المؤمنين: أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ يعني الذي يأت آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ. (2)
وقال في البقرة: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ (3) يعني الذي أنزلنا، كقوله في سبأ: قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ (4) يعني الذي سألتكم من أجر فهو لكم، وقال: في الزّخرف: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ (5) يعني الذي تركبون، ونحوه كثير.
والوجه الرابع: «ما» يعني «أي شيء» وهو استفهام، فذلك قوله في البقرة حيث قال يعقوب لبنيه: ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي (6) يعني أي شىء تعبدون من بعدي؟
وقال أيضا لليهود: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (7) يعني أي شىء جزاؤهم على عمل يدخل النار.
وقال في عبس: قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (8) يعني أي شىء أكفره.
(1) الليل: 3.
(2)
المؤمنون: 68.
(3)
البقرة: 159.
(4)
سبأ: 47.
(5)
الزخرف: 12.
(6)
البقرة: 133.
(7)
البقرة: 175.
(8)
عبس 17.
والوجه الخامس: «ما» يعني «لم» ، فذلك قوله في الأنعام:
وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (1) يعني لم نكن مشركين.
وقال في الأعراف: وَما كُنَّا غائِبِينَ (2) يعني لم نكن غائبين، كقوله في القصص: وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى يعني لم نكن مهلكي القرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ (3) ونحوه كثير.
والوجه السادس: «ما» صلة في الكلام، وليس له أصل في التفسير في القرآن فذلك قوله في البقرة: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً (4) يعني لا يستحيي أن يضرب مثلا بعوضة، و «ما» صلة في الكلام.
وقال في آل عمران: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ (5) يعني فبرحمة من الله، وما صلة في الكلام.
وقال في النساء: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ (6) يعني فبنقضهم ميثاقهم، وما صلة في الكلام.
وقال في المؤمنين: عَمَّا قَلِيلٍ (7) يعني عن قليل و «ما» صلة في الكلام.
(1) الأنعام: 23.
(2)
الأعراف: 7.
(3)
القصص: 59.
(4)
البقرة: 26.
(5)
آل عمران: 156.
(6)
النساء: 155.
(7)
المؤمنون: 40.
والوجه السابع: «ما» يعني «كما» ، فذلك قوله في «يس»:
لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ (1) يقول كما أنذر اباؤهم، كقوله في هود: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ (2)«أي» لأهل النار، ما داموا فيها أحياء، فأهل النّار لا يموتون فيها أبدا، والنار لا تنقطع عنهم أبدا إلا ما شاء ربك لأهل التوحيد الذين أدخلوا النار فلا يدومون في النار معهم، ولكن يخرجون إلى الجنّة، وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ لأهل الدّنيا فلا يخرج أهلها منها، فكذلك تدوم الجنة لأهل الجنة ما داموا، فأهل الجنة لا يموتون أبدا والجنة لا تنقطع عنهم إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ (3) يعني إلا ما نقص لأهل التوحيد الذين أخرجوا من النار فدخلوا الجنة بعد أوائلهم. (4)
(1) يس: 6.
(2)
هود: 106، 107.
(3)
هود: 108.
(4)
الأشباه والنظائر: 242 - 245.