الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهج الأشباه والنظائر لمقاتل:
1 -
لم يحاول أن يسرد معاني الكلمة القرآنية المتعدّدة سردا وإنما التزم سمة معيّنة في منهجه ألا تفارقه، ولا تبتعد عنه في كل ما تناوله من كلمات، وهي أن يفسر الكلمة في وضوح وبيان بأسلوب مشوق سهل.
وفي الوقت نفسه يتتبع المعنى للكلمة القرآنية، ليقف على مواطنه في معظم الكلمات القرآنية: ليوضح للقارىء أنه وجد بهذا المعنى في آية كذا، من سورة كذا، فإذا فرغ من هذا المعنى يتتبع المعنى الآخر بالطّريقة نفسها، وفي ضوء المنهج ذاته، ومن الأمثلة على ذلك:
كلمة الهدى:
يقول: تفسير «الهدى على سبعة عشر وجها:
فوجه منها: الهدى يعني «البيان» فذلك قوله عز وجل: في البقرة:
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ (1) يعني: «على بيان من ربّهم» وكقوله في لقمان: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ (2)، يعني «بيان» ومن أجل أن يؤكد هذا التّفسير، ويوضّح هذا الغريب، ويفسّر هذا المبهم بعرض آيات أخرى دلالة الهدى فيها بأنه البيان، واضحة تكاد تلمس فيقول: تصديق ذلك في «حم السجدة» :
وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ (3) يعني بيّنا لهم.
وقال في: «هل أتى على الإنسان إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ (4) يعني بيّنا له. كقوله في طه: أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ يعني: أفلم يبيّن لهم:
(1) البقرة: 5.
(2)
لقمان 5.
(3)
فصلت: 17.
(4)
الإنسان: 3.
كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (1) نظيرها في تنزيل السجّدة حيث يقول: «أو لم يهد لهم» يعني: أو لم يبيّن لهم: كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (2) ونحوه كثير.
ففي هذا الوجه الأول يفسّر الهدى بمعنى البيان، ويستدلّ على هذا المعنى في مواطن أخرى من كتاب الله حيث نجد تفسير الهدى بمعنى البيان لا يكتنفه غموض، لأن تكملة الآية من بعده تلقى الضوء كاشفا على أنه بمعنى البيان.
وفي الوقت نفسه نجد التنويع في العبارة، مما يدل على أنه يملك ناصية اللغة، وقدرة التعبير بها، فمرّة يقول:«تصديق ذلك» ومرة يقول: ونظيرها، وثالثة يقول: كقوله.
ولم يدّع أنه أحاط بكل ما وردت فيه كلمة «هدى» بمعنى البيان، وإنما يختم ذلك بقوله: ونحوه كثير.
والوجه الثاني: «الهدى» يعني دين الإسلام.
فذلك قوله في الحج: إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ (3)، وهو الإسلام نظيرها في البقرة: قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى (4) يعني دين الإسلام هو الدّين،
(1) طه: 128.
(2)
السّجدة: 26.
(3)
الحج: 67.
(4)
البقرة: 120.
وكقوله في الأنعام: إِنَّ هُدَى اللَّهِ (1) هُوَ الْهُدى والوجه الثالث: «هدى» يعني الإيمان، فذلك في قوله في مريم:
وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً (2)، يعني يزيدهم إيمانا كقوله في «الكهف» وَزِدْناهُمْ هُدىً، (3) يعني إيمانا، وكقوله في:
«سبأ» أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ (4) يعني عن الإيمان، وكقوله في «الزخرف» ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ (5) يعني «المؤمنون» ونحوه كثير.
والوجه الرابع: «هدى» يعني: داعيا، فذلك قوله في «الرعد» إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ يعني النّبي: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (6) يعني داعيا يدعوهم وكقوله في «عسّق» : وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (7) وكقوله في «الأعراف» وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ (8) أي يدعون وكقوله في: «تنزيل» : وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا (9) أي يدعون،
(1) الأنعام: 71.
(2)
مريم 76.
(3)
الكهف: 13.
(4)
سبأ: 32.
(5)
الزخرف: 49.
(6)
الرعد: 7.
(7)
الشورى: 52.
(8)
الأعراف: 159.
(9)
السجدة: 24.
وكقوله في بني إسرائيل»: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (1) يعني يدعو، كقوله في «الأحقاف»: إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ (2) يعني يدعو إلى الحقّ، وكقوله في: قل وحي يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ (3) وكقوله في: «الصافّات» فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ (4) يعني: ادعوهم، ونحوه كثير.
والوجه الخامس: هدى يعني: «معرفة» ، فذلك قوله تعالى في النحل: وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (5) يعني: يعرفون الطرق نظيرها في «الأنبياء» وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (6) يعني: يعرفون الطّرق، وكقوله في «طه»: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (7) يعني:
عرف الهدى الذي ذكر ثوابا، وكقوله في «النحل»: نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ (8) الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ يعني: أتعرف السرّ أم تكون من الذين لا يعرفون، ونحوه كثير.
(1) الإسراء: 9.
(2)
الأحقاف: 30.
(3)
الجن: 2.
(4)
الصّافات: 23.
(5)
النحل: 16.
(6)
الأنبياء: 31.
(7)
طه: 82.
(8)
النمل 41.