الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - الرّوح
قال ابن قتيبة: الرّوح، والرّوح، والرّيح من أصل واحد اكتنفته معان تقاربت، فبني لكل معنى اسم من ذلك الأصل، وخولف بينها في حركة البناء.
والنار والنّور من أصل واحد كما قالوا: الميل، والميل، وهما جميعا من أمال «، فجعلوا الميل بفتح الياء فيما كان خلقة، فقالوا:
في عنقه ميل، وفي الشجرة ميل.
وجعلوا الميل بسكون الياء فيما كان فعلا، فقالوا: مال عن الحق ميلا. وقالوا اللّسن، واللّسن، واللّسن، وكله من اللسان، فاللّسن: جودة اللسان، واللّسن: العدل واللومّ، يقال: لسنت فلانا لسنا، أي: عدلته، وأخذته بلساني. واللّسن: اللّغة، يقال: لكل قوم لسن.
وقالوا حمل المرأة بفتح الحاء، وقالوا لما كان على الظهر: حمل، والأصل واحد.
ويقال للنّفخ: روح، لأنه ريح خرج عن الرّوح، قال ذو الرّمة يذكر نارا قدحها:
فلمّا بدت كفّنتها وهي طفلة* بطلساء لم تكمل ذراعا ولا شبرا فقلت له: ارفعها إليك وأحيها* بروحك واقتته لها قبتة قدرا وظاهر لها من يابس الشّخت واستعن* عليها الصّبا واجعل يديك لها سترا فلما جرت في الجزل جزيا كأنه* سنا البرق أحدثنا لخالقها شكرا (1)
(1) ديوان ذي الرمّة: 245، بدت: أي النار غطيتها وهي طفلة صغيرة، والمظاهرة: وضع الشىء فوق الشىء.
والطلساء: خرقة وسخة، وهي الحرّاق، والرّوح: النفخ.
واقتته: أي اجعل النفخ قوتا لا يكون قويا ولا ضعيفا.
والشّخت: دقائق الحطب، والجزل: الحطب الغليظ.
وذكر أهل التفسير: أن الروح في القرآن على ثمانية أوجه:
أحدها: روح الحيوانت، ومنه قوله تعالى في بني إسرائيل:
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي (1) وفي تنزيل «السجدة» : ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ (2) والثاني: جبرائيل عليه السلام، ومنه قوله تعالى في «النحل»:
قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ (3) وفي «مريم» :
فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا (4) وفي الشعراء: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (5) وفي «القدر» : تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها (6) الثالث: ملك عظيم من الملائكة، ومنه قوله تعالى في «عمّ يتساءلون»: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا (7) الرابع: الوحي، ومنه قوله تعالى في «النحل»: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ (8). وفي «عسق» :
(1) الإسراء: 85.
(2)
السجدة: 9.
(3)
النحل: 102.
(4)
مريم: 17.
(5)
الشعراء: 193.
(6)
القدر: 4.
(7)
النبأ: 38.
(8)
النحل: 2.
وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا (1) والخامس: الرحمة، ومنه قوله تعالى في «المجادلة»: وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (2) والسادس: الأمر، ومنه قوله تعالى في سورة «النساء»: أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ (3) والسابع: الرّيح التي تكون عن النفخ، ومنه قوله تعالى في «التحريم» الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا (4) وهي نفخة جبرائيل في درعها.
والثامن: الحياة، ومنه قوله تعالى في «الواقعة»:
فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ (5) على قراءة من ضم الراء (6).
قال أبو عبيدة: فروح، أي حياة وبقاء لا موت فيه.
وقال ابن قتيبة، فروح أي فرحمة» (7)
(1) الشورى: 52.
(2)
المجادلة: 22.
(3)
النساء: 171.
(4)
التحريم: 12.
(5)
الواقعة: 89.
(6)
وهي قراءة أبي عمرو، وابن عباس، ورويس والحسن البصري وغيرهم. انظر إتحاف فضلاء البشر:409. وتفسير الفخر الرازي: 29/ 201. وانظر معجم القراءات قراءة رقم: 8977.
(7)
انظر: 321 - 324.