الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - السياق محور المشترك اللفظي:
السياق هو علاقة الكلمة التي وقع فيها المشترك اللّفظي مع ما قبلها وما بعدها من كلمات الجملة، وذلك لأن الكلمات ليست أجساما بلا أرواح، ولكنها حيّة متحرّكة تعطي إشعات معينة للكلمات التي وقع فيها الاشتراك، وهي المفتاح الذي يفتح المغلق منها أو المصباح الذي يهتدي بضوئه على تحديد معاني الكلمة المشتركة.
«ولهذا يصرّح» فيرث بأن المعنى لا ينكشف إلّا من خلال «تسييق» الوحدة اللّغوية، أي وضعها في سياقات مختلفة.
ومعظم الوحدات الدّلالية تقع في مجاورة وحدات أخر، وأنّ معاني هذه الوحدات لا يمكن وصفها أو تحديدها إلّا بملاحظة الوحدات الأخرى التي تقع مجاورة لها» (1) ومن الأمثلة الحيّة على قيمة السيّاق في تحديد المعنى ما يلي:
1 -
قال أبو الطيب في رواية مسلسلة بدأها بأخبار محمد بن يحيي، وانتهى بها إلى الجرمازيّ، قال للخليل ثلاثة أبيات على قافية واحدة، يستوي لفظها ويختلف معناها:
يا ويح قلبي من دواعي الهوى* إذ رجل الجيران عند الغروب أتبعتهم طرفي وقد أزمعوا* ودمع عيني كفيض الغروب كانوا وفيهم طفلة حرّة* تفترّ عن مثل أقاحي الغروب فالغروب الأوّل: غروب الشمس، والثاني: جمع غرب، وهو الدّلو العظيمة المملوءة، والثّالث: جمع غرب، وهي الوهاد المنخفضة. (2)
2 -
في كتاب: «مراتب النّحويين» لأبي الطيب اللّغوي:
(1) نقلا من «علم الدلالة» للدكتور أحمد مختار: 68.
(2)
المزهر: 3761.
قال: أنشدنا ثعلب:
أتعرف أطلالا شجونك بالخال وعيش زمان كان في العصر الخالي ليالي ريعان الشباب مسلّط على بعصيان الإمارة والخال وإذا أنا خدن للغويّ أخي الصبا وللغزال المريح ذي اللهو والخال وللخود تصطاد الرّجال بفاحم وخدّ أسيل كالوذيلة ذي خال إذا رئمت ربعا رئمت (1) رباعها كما رئم الميثاء (2) ذو الرّيبة الخالي وفسر ذلك بقوله:
قوله: شجونك بالخال: يريد موضعا بعينه وقوله: في العصر الخالي: الماضي.
وقوله: الإمارة والخال: يريد الراية.
وقوله: ذي اللهو والخال: يريد الخيلاء والكير.
وقوله: كالوذيلة ذي خال، يريد واحد خيلان الوجه.
وقوله: ذي الرّيبة الخال، يعني العزب. (3)
3 -
وفي المجمل يقدم لنا ابن فارس مثالا للفظة مشتركة وهي العين، فيقول:
«العين: عين الإنسان، وكلّ ذي بصر، وهي مؤنثة، والجمع: أعين وعيون، وعنت الرجل: أصبته بعيني، وهو معين ومعيون، والفاعل:
عائن، ورأيت هذا الشيء عيانا وعينة، ولقيته عين عنّة أي عيانا، وفعل ذلك عمد عين: إذا تعّمدّه، وهذا عبد عين، أي يخدمك ما دامت تراه فإذا غبت، فلا:
والعين: المتجسّس للخير
…
، وبلد قليل العين، أي: قليل الناس ..
والعين للماء، والعين: سحابة تقبل من ناحية القبلة،
(1) رئمت: احبت.
(2)
الميثاء: الأرض السهلة وموضع يعتيق المدينة والميث: اللين
(3)
مراتب النحويين: 33 - 35.