الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: معنى التّصاريف:
التصاريف عند تحليلها لا تبتعد كثيرا عن معنى الوجوه، فإن اللفظ الواحد يتّجه إلى معان متعدّدة أو بعبارة أدّق إلى تصاريف منوّعة.
ويبدو أن كلمة «تصاريف» تضيف إلى معنى الوجوه أنواعا أخرى من المعاني.
وقد تناولت هذه التسمية في مقدمتها محققة الكتاب، وبينت أن معنى التصاريف هو الانتقال بها من حالة إلى أخرى، والابتعاد بها عن الاستقرار وتصريف الآيات يعني تبيينها» وقدمت لذلك مثالا وهو تفسير كلمة:«إظهار» فقالت:
«ورد اللفظ في صورته الفعلية المجرّدة: «ظهر» ، والمزيدة:
«تظهرون» وفي مصادر متعدّدة: «الظهور» ، و «الإظهار» ، والتظاهر، وفي صورتين اسميتين:«ظاهر» ، و «ظهري» ، ولكل مشتق من هذه المشتقات معناه الخاص» (1)
ثالثا: منهج «التصاريف»
ليس هناك أدنى شك في أن منهج التصاريف لا يبتعد كثيرا عن منهج مقاتل أو هارون، فالطريقة واحدة، وتسلسل الكلمات تكاد تكون متقاربة إلا فيما ندر، فالبدء بكلمة:«هدى» وما بعدها واحد في الكتب الثلاثة.
(1) انظر المقدمة: 12.
وقد قامت الأستاذة المحققة بمقارنة بين كتابي مقاتل ويحيى من حيث الاتفاق، والاختلاف.
أما من حيث الاتفاق فقد ذكرت أن التشابه كبير بين الكتابين» بالنسبة للكلمات المشتركة بينهما، وقد يصبح هذا التشابه في مواضع عديدة تطابقا بين الكتابين، فكأن المسألة عمليّة نسخ للكلمة، وفي طريقة تتاليها، وفي الآيات النظائر المذكورة في كل وجه، بل حتّى في تسلسل عدد كبير من الكلمات المفسّرة وأمّا أوجه الاختلاف فهي كما يلي:
1 -
يشترك كتاب التصاريف مع كتاب مقاتل في حوالي سبع وسبعين كلمة لكن كتاب التصاريف ل «يحيي» تفرّد بقرابة أربعين كلمة لم ترد عند مقاتل.
2 -
اختلف الكتابان في عدد وجوه بعض الكلمات، فتفوقت الوجوه في كتاب التصاريف في أحد عشر موضعا، وتفوقت في كتاب مقاتل في ثلاثة مواضع» (1) والذي أضيفه إلى الاختلاف في المنهجين زيادة على ما سبق هو:
3 -
كتاب مقاتل لا يسند في معظم الوجوه التي يأتي بها للكلمات إلى رواة من التّابعين على حين يكثر ذلك في كتاب: يحيى والأدلة على ذلك ما يلي:
أ- في تفسير «الخزي» ، ذكر أن:«الخزي» يعني القتل والجلاء وذلك قوله في سورة البقرة ليهود المدينة حيث يقول:
(1) انظر مقدمة التحقيق: 29.
فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا (1) ويفسر الخزي بأنه قتل قريظة»، وإجلاء «النضير» ، ثم قال الكلبي: فقتلت قريظة، ونفيت النّضير.
وقال في تفسير سورة «الحج» في: «النضر بن الحارث» : «له في الدنيا خزي» يعني القتل يوم «بدر» قال: وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (2) وهو تفسير الكلبيّ» (3) 2 - وفي الوجه الثاني من تفسير «حسنا» من قوله تعالى:
وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً (4) يذكر أن «حسنا» في قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً (5) يعني محتسبا، يعني احتسابا، ونظيرها في سورة الحديد [الآية: 11]، وفي سورة التغابن [الآية: 17]، ومثل قوله جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً [النبأ: 36] يعني الجنّة ثوابا من الله وعطية منه لأعمالهم التي عملوا في الدنيا احتسابا، وقال رسول الله:«لا عمل لمن لا نيّة له، ولا أجر لمن لا حسنة له» تفسير السّدي.
فنراه في هذا الوجه يعتمد على الحديث في التفسير، وفي الوقت نفسه ينقل عن تفسير السدّي والكلبيّ.
(1) البقرة: 85.
(2)
الحج: 9.
(3)
التصاريف: 130.
(4)
البقرة: 83.
(5)
البقرة: 245.
3 -
وفي تفسير «أمة» التي تحمل تسعة وجوه يعتمد على الكلبي في الوجه الثاني وهو: «أمّة» بمعنى: ملّة، «وذلك قوله في سورة البقرة كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً [213] يعني على عهد آدم، وأهل سفينة نوح، «أمة واحدة» يعني على ملّة الإسلام وحدها، وهو قول الكلبيّ.
وفي الوجه نفسه يذكر في الآية الكريمة من سورة الزخرف، وهي:
وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً [الآية: 33] يعني ملة واحدة، وهو قول الحسن.
وفي الوجه الرابع من وجوه كلمة أمة على رأي قتادة ففي قوله تعالى من سورة النّحل: أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ [آية: 92] يعني أن يكون قوم أكثر من قوم، وهو قول قتادة. (1)
(1) التصاريف: 150 - 151.