الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعظم عند الله من عشر ذي الحجّة، إذا كان عشية عرفة نزل الله عز وجل إلى السّماء الدّنيا، وحفت به الملائكة، فيباهي بهم الملائكة، ويقول: انظروا إلى عبادي، أتوني
شعثا غبرا ضاجّين من كل فجّ عميق، ولم يروا رحمتي ولا عذابي، قال: فلم ير يوم أكثر عتيقا من يوم عرفة «قال ابن حجر معقبا: وهذا مما انفرد به يحيى» (1)
اتهام يحيى بالإرجاء:
اتّهم يحيى بأنه من المرجئة، والمرجئة هم حزب سياسيّ، لا يريد أن يغمس يده في الفتن التي كانت بين الشيعة والخوارج، ولا يحكم بتخطئة فريق، وتصويب آخر.
«وكلمة المرجئة مأخوذة من أرجأ بمعنى أمهل وآخّر، سمّوا المرجئة لأنهم يرجئون أمر هؤلاء المختلفين الذين سفكوا الدّماء إلى يوم القيامة فلا يقضون بحكم على هؤلاء ولا على هؤلاء
…
وقيل: سمّوا مرجئة، لأن اسمهم مشتق:«من أرجأ بمعنى بعث الرجاء، لأنهم كانوا يقولون: لا تضرّ الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة، فهم يؤملون كل مؤمن عاص» (2) وقد تناولت الدكتورة هند شلبي محققة كتاب «التصاريف» ل «يحيى» هذه التّهمة، وفنّدتها.
ومن الأدلة الدامغة للدّفاع عن يحيى، والتي تثبت أنه لم يكن من المرجئة هو أنه يذم أهل الأهواء والبدع، ويدعو إلى اتّباع السّنة
(1) لسان الميزان: 6/ 290.
(2)
انظر فجر الإسلام: 279 بتصرف.
فقد جاء في تفسير قوله تعالى: وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا (1) من تفسيره ما يلي:
«قال النضر: وسمعت أبا قلابة يقول لأيوب: يا أيوب: احفظ مني ثلاثا: لا تقاعد أهل الأهواء، ولا تستمع منهم
…
» (2)
ونجد في تفسيره تأكيدا على التّوحيد، ومبالغة في ذم الشرك.
روى عن يحيى عن سفيان الثوريّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الموجبتين، فقال: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن يشرك بالله دخل النار» ونجد في تفسيره أيضا: إشارة بالأعمال، وروى يحيى عن جعفر ابن برقان الجزري عن أبي الدرداء قال:«ويل لمن لا يعلم مرة، ويل لمن يعلم، ثم لا يعمل سبع مرّات» (3) ففي هذه النصوص تأكيد على أن يحيى لم ينحرف عن منهج أهل السّنة، واتهامه بالإرجاء افتراء عليه هو منه براء.
(1) الحشر: 10.
(2)
مقدمة التحقيق: 79 بتصرف.
(3)
انظر مقدمة التحقيق: 79.