الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب التاسع: معارك نقد الشعر
الفصل الأول: بين شوقي ونقاده
لعل شاعرًا لم يتناول أدبه أقلام النقاد والباحثين مثل "شوقي"، فقد كان صاحب ذهب وسيف، وكان في فترات حياته وسيط الخديوي إلى رجال القلم والصحافة، فضلا عن أنه كان شاعر الأمير حتى نفي في أوائل الحرب العالمية الأولى فلما عاد تحرر من سلطان القصر، ولكن رأى خصومة ظل فيه كما هو، هاجمه إبراهيم المازني وعباس العقاد وطه حسين ثم هاجمه هيكل بعد أن كتب له مقدمة ديوانه وأصدرت السياسة الأسبوعية عددًا خاصا عنه ثم غير المازني وطه حسين رأيهما في شوقي وأصر العقاد على رأيه، وهذه صورة من أراء نقاد شوقي.
عباس محمود العقاد؛ شوقي في الميزان:
كنا نسمع الضجة التي يقيمها شوقي حول اسمه في كل حين فنمر بها سكوتا كما نمر بغيرها من الضجات في البلد لا استضخاما لشهرته ولا لمنعة في أدبه عن النقد، فإن أدب شوقي ورصفائه من أتباع المذهب العتيق هدمه في اعتقادنا أهون الهيئات، ولكن تعففنا عن شهرة يزحف إليها زحف الكسيح، ويضن عليها من قوله الحق ضن الشحيح، وتطوى دقائق أسرارها ودسائسها على الضريح، ونحن من ذلك الفريق من الناس الذين إذا ازدادوا شيئا بسبب يقنعهم لم يبالوا أن يطبق الملأ الأعلى والملأ الأسفل على تبجيله والتنويه به فلا يعنينا من شوقي وضجته أن يكون لهما في كل زفة، وعلى كل باب وقفة.
فإذا استطاع أن يقحم اسمه على الناس بالتهليل والتكبير والطبول والرموز في مناسبة وغير مناسبة وبحق أو بغير حق فقد تبوأ مقعد المجد وتسنم مقعد الخلود وعفاء بعد ذلك على الإفهام والضمائر وسحقا للمقدرة والإنصاف، وبعدا للحقائق والظنون، وتبا للخجل والحياء، فإن المجد سلعة تقتنى ولديه الثمن في الخزانة، وهل للناس عقول؟
ومن كان في ريب من ذلك فيحققه في تتابع المدح لشوقي ممن لا يمدح الناس إلا مأجورا فقد علم الخاصة والعامة شأن تلك الخرق المنتنة نعني بها بعض الصحف الأسبوعية. وعرف من لم يعرف أنها ما خلقت إلا لسلب الأعراض والتسول بالمدح والذم. وأن ليس للحشرات الآدمية التي تصدرها مرتزق غير فضلات الجبناء وذوي المآرب والجزازات، خبز مسموم تستمرئه تلك الجيفة التي تحركها الحياة لحكمة كما تحرك الهوام وخشاش الأرض؛ في بلد لو لم يكن فيه من هو شر منه لماتوا جوعا أو تواروا عن العيون، هذه الصحف الأسبوعية وهذا شأنها وتلك أرزاق أصحابها تكيل المديح جزافا لشوقي في كل عدد من أعدادها وهي لا تنتظر حتى يظهر للناس بقصيدة تؤثر، أو أثرا يذكر، بل تجهد نفسها في تحمل الأسباب واقتسار الفرص، فإذا ظهرت له قيدة جديدة وإلا فالقصائد القديمة في بطون الصحف وإن لم يكن شعر حديث ولا قديم فالكرم والأريحة والفضل واللوذعية.
ولقد استخف شوقي بجمهوره واستخف واستخف حتى لا مزيد عليه، ما كفاه أن تسخر الصحف سرًا لسوقه إليه واختلاف حواسه واختلاس ثقته حتى يسخرها جهره، وحتى يكون الجمهور هو الذي يؤدي بيده أجرة سوقه واختلاسه.
إن امرأ تبلغ به محنة الخوف على الصيت هذا المبلغ، لا يدرى مم يستكنف في سبيل بغيته وأي باب لا يطرقه تقربا إلى طلبته والحق أن تهالك شوقي على الطنطنة الجوفاء قديم عريق ورد به كل مورد وأذهله عما ليس يذهل عنه بصير أريب، وليس المجال منفسح للتفصيل ولا الفرصة سانحة لجلاء الغوامض.
1 في الديوان جـ1 "يناير 1921" 46 صفحة عن شوقي وفي الجزء الثاني 46 صفحة عن شوقي أيضا.
إبراهيم عبد القادر المازني؛ رأيه في شوقي 1:
ليس شوقي عندي بالشاعر ولا شبهه، وإنه لقطعة قديمة متلكئة من زمن غابر لا خير فيه. يغني عنه كل قديم ولا يضيف هو إلى قديم أو حديث وما أعرفني قرأت له شيئا إلا أحسست أني أقلب جثة ملئت صديدا وشاع فيها الفناء علوا وسفلا. وعسى من تستفظع هذا ويرى فيه غلوا.
ولهذا يقول أن مقياسنا كان ولا زال. إن الجيد في لغة جيد في سواها والأدب شيء لا يختص بلغة ولا زمان ولا مكان لأن مرده إلى أصول الحياة العامة لا إلى المظاهر والأحوال الخاصة العارضة. فمن كان يكابر بالخلاف في أن شعر شوقي كما نصف، فما عليه إلا أن يتناول خير ما يذكر له وأبرعه في رأي أنصاره ثم فلينقله إلى لغة أخرى ولينظر بعد ذلك مبلغه من الفساد والاضطراب والاعتساف والشطط والسفه والغلو والخلو من الصدق، والعجز عن صحة النظر.
وليت شوقي أنه لا يسمو عن المطروق والمألوف والمبتذل، إذن لكانت له على الأقل مزية الفطنة إلى ما كانت له في زمنه طلاوة الجدة فإن المطروق اليوم كان متبكرًا بالأمس وإنا لنمط شفاهنا الآن إذ نرى كاتبا أو شاعرا يشبه وجه الحبيب بالقمر أو غيبته بالنجوم.
والمرء إما أن يكون شاعرًا أو لا يكون ولا وسط هناك، فإن كان شوقي عندكم شاعرًا فقيسوه إلى شعراء الدنيا من مثل شكسبير وجوتيه وملتون وهاردي ودانتي، فإن لم يقف به مكانه بينهم فهو ما زعمتم، وإلا
1 السياسة الأسبوعية "كتب في العدد الخاص بتكريم شوقي" 30 أبريل 1927.
فاعلموا أن الشعر ليس الوزن والقافية وأن من أول خصائصه قدرته على النقل، ولسنا نعني المقدرة على التصوير بالألوان بل تناول الأشياء. بحيث يوقظ هذا التناول في نفس القارئ إحساسا تاما قويا بالشيء وبصلتك به.
لا سيدي هيكل بك: هذه معابثة لا مطايبة فيها تقيمون كل هذه الضجات والضوضاء حول شوقي وتحفونه بالزمر والطبل في أرجاء المعمورة كلها ثم تعمدون إلى رجل خفيض الصوت مثلي تدعونه إلى أن ينهض وسط هذه الزفات المجلجلة ليفضي إليكم برأيه الصريح.
3-
شوقي مرة أخرى في رأي العقاد 1:
شوقي شاعر الخليين. يلجأ إليه من لا تحفزه إلى قراءة الشعر عاطفة مشبوبة ولا بديهة يقظى ومن قصارى رأيه في الشعر أنه معان شائعة في صياغة مقبولة ولعب لا يؤاخذ صاحبه على خطأ ولا يحاسب على ضلال.
فأنت لا تقرأ في كل ما نظم شوقي شيئا ينم عن فتنة بجمال الطبيعة أو امتزاج بحياتها النابضة في الأرض والسماء ومجاليها الحية في الرياض والبحار والغمائم والأهواء، سحرها الذي يجلب النشوة ويسري في بعض النفوس مصري الهيام الغالب والغرام الخالب، وليس في كل ما نظم شوقي شيء ينم عن تلك السليقة المتفطنة لبدائع الألوان والأشكال العاكفة على تصوير ما تلمح من تلك البدائع والأسرار.
وليس في شوقي ذلك التصوف الذي يتطلع إلى المجهول ويقف بين يديه موقف الكشف والإلهام وليس فيه ذنك الألم الذي يشف عن فرط
1 السياسة الأسبوعية أبريل 1927 بمناسبة مهرجان شوقي.
الإحساس ولا ذلك الطرب الذي يتغنى بالحياة. وليس في ذلك الخيال الخالق الذي ينشئ الصور والأشباه ويلبس المعاني الخفية أثواب المنظور والمحسوس.
ولكن أليس شوقي شاعر الرثاء؟ ونقول نحن: هو كذلك إن كان الغرض من ذلك القول أنه أكثر الشعراء شعرا في بكاء الأموات وأنه قد نظم أربعين أو خمسين قصيدة أو أكثر أو أقل رثاء جماعة من نبهاء المعاصرين.
غير أنك تقرأ هذه المراثي فلا تجد فيها فرقا بين الرجل والصفات ولا يعجزك أن تضع رثاءه لإسماعيل أباظة موضع رثائه لرياض أو رثائه لفريد موضع رثائه لعمر لطفي اللهم إلا اختلاف الأسماء والوظائف والألقاب.
أخلاق شاعر الأخلاق: الدكتور هيكل
بعد أن أصدر هيكل العدد الخاص من السياسة لتكريم شوقي وكتب مقدمة الشوقيات تحول إلى الهجوم على شوقي.
علمت أن شوقي بك لفق بعض أخبار عن السياسة ومحرريها وانطلق وأطلق جماعة من صبيانه يذيعونها في القهاوي وفي الطرقات فأصغرت ذلك منه وأعرضت عنه وأبيت أن أحدثه فيه لكيلا أحرجه بأن أصارحه بهذا التدلي إلى حضيض الخلق.
ولكنه لم يقف عند رواية أخباره الملفقة وإرسالها على ألسن صبيانه، بل جرت السفاهة على صفحات "نشرة" ينفق عليها لتصفق له ويدير تحريرها باسم مستعار لتنال من أعراض من يحسبهم خصومه. جرت بالطعن
1 السياسة الأسبوعية 2 يوليه 1927.
في أعضاء اللجنة التي كرمته باتهام أعضائها جميعًا بأنهم "أرادوا أن يتخذوا من تكريمه أداة للنصب والظهور، ويتخذوا منها إعلانًا عن أنفسهم وعن سلعهم البائرة وصحفهم الخاملة" لم يستنن منهم أحدا كلما كثر عددهم كما جرت بالأسف على أن لم يتول العمل أشخاص معينون ذكر اسمي من بينهم.
أنا لا أستطيع أن أجد لهذا التطور العجيب مبررًا من روية أو تفكير وإنما هو إسلام النفس للبطانة من الصبية فبعدما كان شوقي يقدر بنفسه ما في إصدار جريدة كالسياسة الأسبوعية لعدد خاص من التكريم وسوس إليه الصبية المملقون أنهم لا يرضون عن أن ينتقد، ويعتبرون أي نقد في حضور رجال الأدب من مختلف بلاد الشرق العربي جناية على مجده تكاد تثله ففزع ثم اضطرب ثم لفق ثم جاء إلى الاسم المستعار.
مقدمة الشوقيات: زكي مبارك
كانت الصلة1 قويت بيني وبين شوقي سنة 1935 وكان شرع في طبع الشوقيات فشاء لطفه وكرمه أن يدعوني لكتابة المقدمة بعبارة لا أزال أذكر نصها بالحرف: "سيكتب الدكتور هيكل مقدمة تاريخية وستكتب أنت مقدمة أدبية".
وبعد أيام تلطف فأهدى ما طبع من الجزء الأول مصححًا بخطه الجميل لأكتب في تقديمه ما أريد ورجعت إلى نفسي فتذكرت أن المقدمات يلتزم فيها الترفق وذلك ما لا يجمل بكاتب مشغول بالنقد الأدبي مع شاعر لا يزال في الميدان وأسرعت فكتبت إليه خطابا قلت فيه: إني لا أستطيع كتابة
1 "البلاغ" ديسمبر 1941.
المقدمة التي ينتظرها أمير الشعراء لأني أخشى أن أقول فيها كلاما يصدني عن نقده إن رأيت في أشعاره المقبلة ما يوجب الانتقاد وفي عصرية اليوم الذي كتبت فيه ذلك الخطاب قابلت الدكتور طه حسين وأخبرته بما وقع فغضب أشد الغضب وقال: "ليتك استشرتني قبل أن تصنع ما صنعت، ألا تعرف أنك أضعت على نفسك فرصة من فرص التشريف؟ لو طلب شوقي مني ما طلب منك- وأنا خصمه- لاستجبت بلا تردد، فشوقي في رأيي هو أعظم شاعر عرفته اللغة العربية بعد المتنبي".
ثم أقيم الحفل بدار الأوبرا سنة 1927 لتكريم شوقي وأصدر هيكل عددًا خاصًا من السياسة الأسبوعية ودعي للاشتراك في تحريره رجال منهم زكي مبارك وقيل: إن شوقي أشار بحذف مقالات كان من بينها مقالة "ولم يرتح شوقي إلى هذا العدد الخاص فقد ظهرت فيه عبارات تغض من مقام أمير الشعراء".
قال زكي مبارك: "ثم غضب شوقي على هذا العدد من السياسة الأسبوعية وكان شوقي إذا غضب معه ألف مرتزق من أدعياء الأدب، فمضى أولئك المرتزقة يقولون في الدكتور هيكل كل ما تسمع بنشره الوريقات المتسمة زورا بوسم الجرائد والمجلات فكتب الدكتور هيكل في السياسة الأسبوعية مقاله المأثور "أخلاق شاعر الأخلاق" وهو مقال فصل فيه ما كان بينه وبين شوقي وتوعده توعدًا أليما، فقد نص على أن شوقي لن يظفر مرة ثانية بمثل ذلك الاحتفال.
ورأيت أن أرجع إلى الدكتور طه أستفتيه فابتسم وقال: كان مصيرك سيكون أفظع من مصير هيكل لو كتبت مقدمة الشوقيات.
فلما جاء طاغور إلى مصر دعا شوقي أساتذة الجامعة المصرية للقائه في داره ولم يدع زكي مبارك فحرضه بعض الصحفيين على إيذاء شوقي بمقال أو مقالين "وزعموا أن مال شوقي لا ينال بغير الهجاء".
6-
بين هيكل وبين شوقي:
صور الدكتور هيكل موقفه من شوقي في ذكريات كتبها في أخبار اليوم سنة 1952 "قال":
كان شوقي يضيق بالنقد بل كان لا يطيقه. أما حافظ فكان يضيق بالنقد ولكنه يطيقه. أذكر يوما من أربعين سنة خلت كنت فيه بمنزل عبد الرازق خلف قصر عابدين. وكان في المجلس المرحوم مصطفى عبد الرازق وأخوه علي عبد الرازق وحافظ.
وقد كان بيني وبين شوقي مودة دامت عشر سنوات. وكان شوقي يضيق بالنقد ولا يطيقه ولعله كان يحسبه عيبا في ذات أمير الشعراء كالعيب في الذات الملكية، وكان الدكتور طه ينقد شوقي في جريدة السياسة وأنا رئيس تحريرها وكنت ألتقي بشوقي كل مساء وكثيرا ما كنا نصطحب في سيارته إلى منزلي وإنها لفي إحدى الليالي إذ قال لي: ما الذي يقصد إليه صديقك طه من توجيه النقد إلي في كل مناسبة؟ أيظن نفسه قديرًا على أن يهدمني؟ قل له: إنني مجد تكون ومن المستحيل هدم مجد تكون وإنه ينطح بنقده صخرة لا تستجيب له.
ولم أعجب لهذا الكلام. إنما كان عجبي لأن شوقي كان يسرع إلى مقاطعة من ينقدونه. ثم كان يسرع إلى استرضائهم بكل وسيلة مستطاعة.
رأي طه حسين في شوقي 1:
لغيري أن يمدح شوقي ببا حساب. أما أنا فلا أريد أن أمدح ولا أريد أن أذم. وإنما أريد أن أنقد وأن أؤثر القصد في هذا النقد، وأظن أن شوقي يؤثر النقد المنصف على الحمد المسرف، وأظن أني أجل شوقي وأكبره بالنقد أكثر من إجلالي إياه بالتقريظ والثناء وقد شبع شوقي ثناء وتقريظا. وأحسبه لم يشبع نقدًا بعد. وليس شوقي فيما أعلم منه شرها إلى حسن الحديث وطيب المقالة، وهو لم ينشئ شعره لذلك وإنما هو شاعر يحب الشعر للشعر.
قرأت مقدمة هيكل وكنت أظن أنني سأظفر فيها بمذهب شوقي في الشعر ولكنني لم أكد أظفر بشيء صريح من العقيدة الشعرية لشوقي فيما كتب هيكل، أترى أن يصدر ذلك أن ليس لشوقي عقيدة شعرية يستطيع هيكل أن يعرضها أم ترى أن مصدر ذلك أن هيكلا لم يعن بشعر شوقي عنايته بنثر أناتول فرانس.
والوقاع أنني لا أعرف لأمير الشعراء عقيدة صريحة في الشعر، وما أرى أنه قد حاول أن يكون لنفسه هذه العقيدة وما أرى أنه فكر في الشعر إلا حين يقوله، إنما هو كما يقول هيكل في شيء من الدهاء مجدد حينا ومقلد حينا آخر، وهو في تجديده وتقليده لا يصدر عن عقيدة فنية واضحة، وإنما
1 كتاب حافظ وشوقي لطه حسين.
تحول طه حسين والمازني عن رأيهما في شوقي أما العقاد فإنه لم يغير رأيه الأول وكان العقاد قد هاجم شوقي في شعره كما هاجم مسرحياته وله في نقد رواية قمبيز كتابا مطبوعا هو "قمبيز والميزان".
ولا شك أن هناك خلافا حقيقيا بين مذهب شوقي ومذهب المدرسة الحديثة التي يمثلها العقاد والمازني غير أن السياسة وصراعها كان لها دخل كثير في خصومة الأدباء لشوقي ومما يذكر أن العقاد هاجم شوقي في صحف الوفد يوم تكريمه في نفس الوقت الذي كان فيه سعد زغلول رئيسا للاحتفال.
يتأثر بالساعة التي يتهيأ فيها لقول الشعر، وبالظرف الذي يقرض فيه الشعر ليس غير.
إنما الحق أن شعر شوقي لم يستطع أن يلهم هيكلا ما استطاع أن يلهمه نثر الكتاب الفرنسيين وشعر الشاعر الإنجليزي وشعرائنا شخصيتهم مصنوعة وهم لا يسلكون طريقا من طرق الشعر، ولا يتعاطون فنا من فنون الشعر إلا مقتادين مقلدين فهم يصنعون شخصياتهم التي تراها في شعرهم، هم يخفون بها شخصيتهم الأولى التي فطرها الله، وهم بهذا التكلف يحولون بينك وبين الوصول إليهم وفهمهم كما هم في حياتهم العادية.