الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يدخل في الرهن وما لا يدخل
وما يملكه الراهن وما لا يملكه
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ النماء الحادث بعد الرهن، كالولد والثمرة واللبن وسائر منافعه لا يدخل في الرهن، بل هي ملكٌ للراهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند قوم من أصحاب الحديث وأَبِي ثَورٍ نماء الرهن ومنافعه ملك لمن ينفق عليه، فإن كان الراهن هو الذي ينفق عليها ملكها، وإن كان المرتهن هو الذي ينفق عليها فالنماء ملكٌ له. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق لبن الرهن ملكٌ للمرتهن، فله حلبه وشربه، وسائر النماء ملك للراهن، ولا يدخل في الرهن عند أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والحسن بن حيي وسائر الزَّيْدِيَّة الثمرة واللبن الحادث بعد الرهن ملكٌ للراهن، إلا أنه يدخل في الرهن، ولا يدخل في الكسب والغلة. وعند مالك الولد الحادث يكون رهنًا كقول أَبِي حَنِيفَةَ، وأما الثمر والكسب فلا يكون رهنًا كقول الشَّافِعِيّ. وعند اللَّيْث إذا كان الدين حالاً دخلت الثمرة في الرهن، وإن كان إلى أجل فالثمرة لصاحب الأصل. وروى عنه أنها لا تدخل فيه إلا أن تكون موجودة يوم الرهن. وعند الْإِمَامِيَّة إذا رهن حيوانًا حاملاً فأولاده خارجون عن الرهن، فإن حمل الحيوان في الارتهان كان أولاده رهنًا مع أمهاته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد يجوز للراهن أن ينتفع بالرهن، وليس
للمرتهن منعه منه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ليس للراهن ولا للمرتهن أن يتتفعا بالمرهون بل تترك المنافع تتلف على ملك الراهن. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يجوز إلا بإذن المرتهن. وعند أَحْمَد رِوَايَة حكاها الخرقي عنه أنه إذا أنفق المرتهن على الرهن كان له أن ينتفع بقدر ما أنفق، وإن لم يأذن له الراهن في النفقة، وعنه رِوَايَة أخرى أنه لا يرجع في ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح رهن الثمرة بعد بدو صلاحها دون الأصل. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يصح رهنها دون الأصل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ليس للراهن تزويج العبد المرهون، ولا الأمة المرهونة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد له ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح بيع المرهون بعد القبض بغير إذن المرتهن، وبه قال أبو ثابت من الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم يقف لزوم البيع في فكاك الرهن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعتق الراهن العبد المرهون فثلاثة أقوال: أحدها لا يعتق موسرًا كان أو معسرًا، وبه قال عَطَاء وعثمان البتي وأبو ثور. والثاني ينفذ موسرًا كان أو معسرًا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وشريك والحسن بن صالح، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: يستسعى العبد بقيمته إن كان معسرًا ويرجع بها على الراهن. الثالث وهو الصحيح، وبه قال مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة ينفذ إن كان موسرًا، ولا ينفذ إن كان معسرًا، إلا أن عند مالك إذا طرأ له مال وهو معسر نفذ إذا قضى المرتهن وإلا لم ينفذ عتقه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا لا ينفذ العتق فقضى الحق من غيره، أو عاد إليه بعد ما باعه فإنه لا يعتق. وعند مالك يعتق، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يحل للمرتهن وطء الجارية المرهونة ولو أذن له الراهن وعند عَطَاء يحل له الوطء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وطئ المرتهن الجارية كالمرهونة ولم يدَّع الجهل بالتحريم فعليه الحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في إحدى الروايتين لا حدَّ عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئها بإذن الراهن وادَّعى الإباحة فهل يجب عليه الحد
والمهر، أو لا حد ولا مهر؟ قَوْلَانِ، وبالثاني قال أحمد، وبالأول قال أبو حَنِيفَةَ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جاءت بولد فهو حر، وفي وجوب قيمته قَوْلَانِ. وعند أَحْمَد هو حر، ولا قيمة عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو رقيق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا أذن المرتهن للراهن مطلقًا في بيع الرهن فباعه صح البيع، وسقط حق المرتهن من الرهن، ولم يتعلق حق بثمنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد يتعلق الحق بثمنه، ويكون رهنًا مكانه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن الراهن للمرتهن في بيع على أن يكون ثمثه رهنًا مكانه قَوْلَانِ: أحدهما الشرط فاسد والبيع فاسد. والثاني يصح البيع والشرط، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحاب أَحْمَد والْمُزَنِي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن المرتهن للراهن في بيع الرهن قبل محل الحق بشرط أن يعجل له الحق فإن البيع والشرط فاسدان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي يسقط الشرط ويصح البيع، ويكون ثمنه رهنًا فلا يجب التعجيل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا غاب الراهن وأنفق المرتهن على الرهن كان متطوعًا. وعند أَحْمَد لا يكون متطوعًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب على الراهن ما يحتاج إليه الرهن من نفقة وكسوة وعلف وكفن ومؤنة تجهيز وأجرة حافظة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب ذلك على المرتهن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جُني على المرهون كانت المداواة على الراهن إن شاء ما لم يكن في الدواء أضرار، ولا يجبر عليها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون على المرتهن إذا كانت قيمة الرهن بقدر الدين، وإن كانت قيمته أكثر من الدين فما زاد يكون على الراهن، وما كان بقدر الدَّين يكون على المرتهن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أجرة من يرد الرهن الآبق على الراهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تكون بقدر الأمانة على الراهن، وبقدر الضمان على المرتهن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رهن أرضًا فيها شجر أو بناء لم يدخل ذلك في الرهن بإطلاق العقد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يدخل البناء والشجر في الرهن بإطلاق العقد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح إفراد البناء والغراس في الرهن دون مواضعها، فإذا أطلق لم تدخل مواضعها في العقد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح إفراد البناء، ويصح إفراد الغراس، فيبيع مواضعه، لأن الغراس عبارة عنه وعن موضعه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرط في الرهن شرطًا فاسدًا، فإن كان نقصانًا في حق المرتهن بطل قولاً واحدًا. وإن كان نقصانًا في حق الراهن فقَوْلَانِ: أحدهما يفسد الرهن. والثاني لا يفسد الرهن ويفسد الشرط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبطل الرهن بالشروط الفاسدة. وعند أَحْمَد الشرط والرهن صحيحان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا إن الرهن يفسد بالشروط الفاسدة، فهل يفسد البيع إذا كان مشروطًا أم لا؟ فيه قَوْلَانِ: أحدهما يفسد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني لا يفسد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا جنى العبد المرهون تعلقت الجناية برقبته وقدّمت على حق المرتهن، فإذا فداه السيد وأسقط المجني عليه حقه كان رهنًا بحاله، وإن فداه المرتهن بإذن الراهن ليكون مضافًا إلى الدين ويكون رهنًا بهما جاز ذلك وهل يكون رهنًا بهما؟ فيه قَوْلَانِ مضيا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا جنى العبد المرهون كان مضمونًا على المرتهن، فإن فداه كان رهنًا بحاله، ولا يرجع بالفداء على السيد، وإن بيع في الجناية أو فداه السيد سقط حقه من الدين إن كان بقدر ذلك أو دونه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر الراهن بأن العبد المرهون جنى قبل الرهن وصدقه المقر له بالجناية وكذبه المرتهن فقَوْلَانِ: أحدهما: يقبل إقراره، وبه قال مالك، إلا أن مالك
يشترط يسار المقر. والثاني لا يقبل إقراره، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ واختاره المزني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جنى العبد المرهون فالخصم في الجناية هو الراهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الخصم هو المرتهن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا جنى المرهون ففداه المرتهن مع غيبة الراهن لم يحسب له. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحسب له الملك لا الرهن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا رهنه عصيرًا حلوًا فاستحال خمرًا بطل الملك فيه والرهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبطل الملك ولا الرهن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا رهنه عصيرًا فصار خمرًا بطل الرهن وزال الملك، فإن زالت النبيذة فهو على الملك والرهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يزول الملك ولا يبطل الرهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والهادي إذا استحال الخمر خلاً بصنعة آدمي لم تطهر بذلك وزالت الخمرية عنه، ويكون خلاً نجسًا لا يحل شربه، ولا يعود ملك الراهن فيه ولا الرهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون طاهرًا ويحل شربه، والرهن فيه بحاله. وعند مالك
رِوَايَتَانِ كالمذهبين.
مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كان المرهون حيوانًا فمات في يد المرتهن وأخذ جلده ودبغه ففي عود الملك في الجلد وجهان: أحدهما: لا يعود. والثاني يعود الملك ويعود الرهن، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وعَطَاء وَأَحْمَد وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ وعمر بن الخطاب وإحدى الروايتين عن على أن الرهن أمانة في يد المرتهن غير مضمون، فإذا تلف في يد المرتهن من غير تفريط لم يضمنه ولا يسقط من دينه شيء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، إلا في مسألة واحدة وهو أن للمرتهن حبسه إلى اقتضاء حقه، فإنه ليس بأمانة في حق الحبس. وعند زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة أنه أمانة، إلا في مسألتين إحداهما: في وجوب الضمان، والثانية في الحبس. وعند القاسم منهم لا يضمن. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه هو مضمون على المرتهن بأقل الأمرين من قيمته أو قدر الدين، فإذا هلك وكان الدين مائة وقيمة الرهن تسعين ضمنه بتسعين وبقى له من دينه عشرة، وإن كان الدين تسعين. وقيمة الرهن مائة سقط جميع دينه، ولا يرجع الراهن عليه بشيء، وإن تساويا لم يسقط الدين. وعند إِسْحَاق الرهن مضمون على المرتهن بكمال قيمته ثم يترادان، وهي الرِوَايَة الأخرى عن علي. وعند الشعبي والحسن البصري وشريح والنَّخَعِيّ أنه إذا هلك في يد المرتهن سقط دينه، سواء كانت قيمته أكثر من الدين أو أقل، أو كانا متساويين وعند مالك يضمن من الرهن ما خفي هلاكه كالعروض والذهب، وما ظهر هلاكه كالعقار والحيوان فلا يضمن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والحسن البصري فوائد الرهن غير مضمونة على المرتهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وأبو العبَّاس وأبو طالب، وكان السيد منهم يستضعف ذلك، وتوقف في ذلك جماعة من الفقهاء.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قضى الراهن الدين أو أبرأه منه المرتهن كان الرهن في يد المرتهن أمانة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قضاه كان الرهن مضمونًا، وإن أبرأه المرتهن أو وهبه له لم يكن مضمونًا استحسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استعار الراهن من المرتهن الرهن لينتفع به فتلف في يده كان
مضمونًا عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ظهر بالرهن عيب فقال الراهن حدث عند المرتهن، وقال المرتهن أنه حدث عند الراهن فلا شيء على المرتهن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة القول قول الراهن.
* * *