الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب طهارة البدن وما يصلي فيه وعليه
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن طهارة البدن والثوب التي يصلي عليها شرط فى صحة الصلاة. وعند مالك إذا صلَّى مع النجاسة أعاد في الوقت، ولا يعيد بعد فواته. وحكى عنه أن إزالة النجاسة واجبة إلا يسير الدم. وعند ابن عَبَّاسٍ وأبيّ وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ أنه ليس على الثوب جنابة، وروى عنهم خلاف هذا. وروى عن ابن عَبَّاسٍ أنه إذا تفاحش الدم يعيد الصلاة. وعن النَّخَعِيّ يعيد من قدر الدرهم من الدم. وعن سعيد بن جبير أنه ينصرف من الصلاة إذا كان من الدم أكثر من الدرهم. وعن ابن مسعود أنه نَحْر جزورًا فأصابه من فرثه ودمه فصلى ولم يغسله. وعن سعيد بن جبير أيضًا أنه إذا صلى وفي ثوبه نجاسة أنه لا تضره، وقال: اقرأ الآية التي فيها غسل [الثوب] من النجس. وعند مالك إذا كان الحيض كثيرًا وجب غسله، وإن كان قليلًا فرِوَايَتَانِ: إحداهما يعفى عنه. والثانية يجب غسله. وعن طاوس أنه رأي
فى ثوبه دمًا كثيرًا فصلى ولم يبال به. وعند ابن أبي ليلى والعكلى لا تعاد الصلاة من ذلك. وعند أهل الرأي أن دم الحلمة نجس. وعند الشعبي والحكم وحماد وحبيب لا بأس بدم الخفاش ودم البق.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الدم أقل من الدرهم وجب غسله. وعند الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وبعض التابعين إذا كان أكثر من الدرهم أو قدر الدرهم فلم يغسله وصلى فيه أعاد الصلاة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وبعض التابعين لا إعادة عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن دم غير ما لا نفس له سائلة، وغير دم الكلب والخنزير يعفى عن قليله، وهو القدر الذي يتعافاه الناس في الأصح. وعند مالك يعفى عن قليل الدم، ولا يعفى عما تفاحش. وعنه في دم الحيض رِوَايَتَانِ: إحداهما كغيره من الدماء. والثانية أنه يستوى قليله وكثيره. وعند أَحْمَد أن اليسير متفاحش، وعنه أيضًا أنه يعفى عن النقطة والنقطتين. واختلف عنه فيما بين ذلك. واختلف الزَّيْدِيَّة في اليسير من الدم هل هو نجس أو طاهر؟ فعند النَّاصِر والصادق والباقر والمؤيَّد هو نجس لكنه معفو عنه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند يَحْيَى هو طاهر، واليسير عندهم هو مقدار حب الخردل، ومثل رءوس الإبر. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يعفى عن ما لا يتفاحش من غير الدم كالبول والعذرة، واختلفوا في قدر التفاحش، فقال الطحاوي: التفاحش ربع
الثوب. ومنهم من قال: ذراع في ذراع. وقال أبو بكر الرازي: شبر في شبر. وعند مالك يعفى عما دون النصف من الثوب. وعند النَّخَعِيّ وحماد يعفى عما دون الدرهم. وعند سعيد بن جبير يعفى عن قدر الدرهم. وعن قتادة يعفى عما دون درهم، وعنه عما دون الظفر. وعند الْإِمَامِيَّة أن الدم الذي ليس بدم حيض يجوز الصلاة في ثوب أو بدن أصابه منه ما ينقص مقداره عن سعة الدرهم الوافي المضروب من درهم وثلث، وما زاد على ذلك لا تجوز له الصلاة فيه وفرقوا بين الدم في هذا الحكم وبين سائر النجاسات من بول وعذرة ومني، وحرَّموا الصلاة في القليل منه والكثير، فصارت التفرقة بين الدم وسائر النجاسات منفردين بها. ويقرب بما قالوه ما ذكره زفر أن الدم إذا كان أكثر من درهم لا تجوز الصلاة معه، وإن كان دون ذلك جازت الصلاة معه، ولم يعتبر ذلك من النوافل، بل قال: لا تصح الصلاة مع قليله وكثيره. ويوافق ما ذكروه ما ذكره الحسن بن صالح بن حيي أن الصلاة لا تصح مع قدر الدرهم من الدماء، وتصح مع دون ذلك، وأنها لا تصح مع قليل البول والغائط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعفى عن قليل البول. وعند مُحَمَّد بن الحسن ينضح على الثوب من البول.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان على فرجه دم يخاف من غسله صلى وأعاد على أصح القولين. وفي القديم لا يعيد، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، واختاره المزني. وعند الزَّيْدِيَّة عليه الإعادة وفي الوقت ولا يجب خارج الوقت.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جبر عظمه بعظم نجس والتحم عليه اللحم، ولم يخف
التلف من قلعه لزمه قلعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه، وبه قطع الغزالي في كتبه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاف التلف من قلعه لزمه قلعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يلزمه قلعه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه ثوب بعضه طاهر وبعضه نجس فلبسه وصلى فيه، والموضع النجس منه موضوع في الأرض لم تصح صلاته. وعند أَبِي ثَورٍ تصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إن لم يتحرك بحركته صحت صلاته. وعند الزَّيْدِيَّة إذا بسط على النجاسة صحت صلاته إذا لم تلتصق النجاسة بالمبسوط ولم تتحرك تحته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى وعلى رأسه عمامة وطرفها على نجاسة لم تصح صلاته، سواء كانت متضاعفة فوق النجاسة أو غير متضاعفة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن لم تتحرك بحركته صحت صلاته. وعند الْإِمَامِيَّة تصح صلاة من في قلنسوته نجاسة أو نكتة أو ما جرى مجراهما مما لا تتم الصلاة به على الانفراد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تصح الصلاة في ثوب الصوف والشعر والوبر إذا كان طاهرًا. وعند الْإِمَامِيَّة والشيعة لا تصح الصلاة إلا على ما تخرج الأرض من قطن أو كتان أو قصب أو حشيش، ولا تصح في وبر الأرانب والثعالب، ولا في جلودها وإن ذبحت ودبغت الجلود. وعندهم أيضًا لا يصح السجود على الثوب المنسوج من أي جنس كان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للمرأة أن تصل شعرها بشعر نجس، ولا بشعر آدمي، وما سوى ذلك من الشعور فيجوز لها وصله بشعرها إذا كان لها زوج أو سيد، وإن لم يكن لها ذلك كره لها ذلك. وعند أَحْمَد يكره لها ذلك بكل حال، قال: ولا بأس بالقرامل، وهي الخيوط التي توصل في شعر الصغار ليطول، وهو قول سعيد بن جبير.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه ثوب عليه نجاسة غير معفو عنها، ولم يجد ما يغسلها به، ولم يجد سترة غيره فقَوْلَانِ: الصحيح أنه يجب عليه أن يصلي عريانًا ولا
يعيد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والطاهر عن يَحْيَى. والثاني: يصلي فيه ويعيد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن شاء صلى عريانًا، وإن شاء صلى في الثوب النجس من غير اعتبار مقادير النجاسة، وهذه رِوَايَة أَبِي يُوسُفَ عنه. ورَويَ عنه مُحَمَّد أنه إذا كان الدم في بعض الثوب لم يجزئه أن يصلي عريانًا ويصلي فيه. وإن كان جميعه نجسًا بالدم، فإن شاء صلى فيه، وإن شاء صلى عريانًا. وعند أبي يوسُف أيضًا إن كان ربعه طاهرًا صلى فيه، وإن نقص عن ذلك فهو بالخيار إن شاء صلى فيه، وإن شاء صلى عريانًا. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ ومُحَمَّد يصلي في الثوب النجس ولا يعيد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه ثوبان أحدهما نجس واشتبها تحرى فيهما، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد لا يتحرى فيهما ويصلي في كل واحد منهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ طهارة الموضع الذي يصلي فيه شرط في صحة الصلاة. وعند مالك ليست بشرط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن وضع قدميه على نجاسة أكثر من الدرهم لم تصح صلاته، وإن وضع ركبتيه أو راحتيه على ذلك صحت صلاته، وإن وضع جبهته على أكثر من الدرهم فعنه رِوَايَتَانِ: إحداهما رِوَايَة مُحَمَّد أنها تبطل. وراوية أبي يوسف لا تبطل استحسانًا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى على موضع طاهر من البساط، وفي موضع منه نجاسة لا تحاذيه صحت صلاته، وإن كان تتحرك بحركته لم تصح صلاته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه إذا كان مربوطًا على خشبة أو محبوسًا في حش أو موضع نجس، وهو متوضأ أنه يلزمه أن يصلي على حسب حاله. وحكى الطحاوي عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يلزمه أن يصلي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا صلى في المواضع السبعة المنهي عن الصلاة فيها صحت صلاته. وعن أَحْمَد ثلاث رويات: الصحة والفساد، والثالثة إن كان عالمًا بالنهي أعاد الصلاة وإلا فلا.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الصلاة في المقبرة التي يتحقق عدم نبشها مكروهة وتصح. وعند مالك تجوز الصلاة في المقبرة ما لم يعلم فيها نجاسة. وعند أَحْمَد لا تصح، وفي كراهية استقبالها رِوَايَتَانِ. وعند بعض أهل الظاهر لا تجوز الصلاة في المقبرة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى في موضع طاهر من الحمام صحت صلاته. وعند أَحْمَد لا تصح الصلاة فيه ولا على سطحته.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء تصح صلاة الغاصب في الأرض المغصوبة، والثوب المغصوب. وعند داود وَأَحْمَد لا تصح. وعند الزَّيْدِيَّة لا يصلي في الثوب المغصوب إلا إذا خاف التلف من نزعه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى وفرغ من صلاته، ثم رأى على ثوبه أو موضع صلاته نجاسة غير معفو عنها كانت موجودة حال الصلاة، ولم يكن علم بحالها وجبت الإعادة على أصح القولين، وبه قال أبو قلابة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني: لا يعيد، وبه قال عَطَاء وابن المسيب وطاوس وسالم بن عبد الله ومجاهد والشعبي والزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ ويَحْيَى الأنصاري وإِسْحَاق وأبو ثور والْأَوْزَاعِيّ. وعن أَحْمَد روايتين كالقولين. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه الشاشي موافقة القول الأصح. ونقل عنه صاحب المعتمد موافقة القول الآخر.
* * *